بالعاصمة طرابلس وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو الذي وصل امس الثلاثاء إلى طرابلس في زيارة قصيرة.
ووفقا لبيان نشرته الوزارة الليبية على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) فإن «زيارة دي مايو تأتي في إطار مناقشة بعض القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، كبحث العدوان على العاصمة طرابلس، ومذكرتي التفاهم اللتين وقعتهما دولة ليبيا مع الجمهورية التركية». تأتي الزيارة بعد إعلان ما يسمي بـ«الجيش الوطني الليبي»، بقيادة المشير خليفة حفتر، قبل أيّام «ساعة الصفر للمعركة الحاسمة» للتقدم نحو طرابلس. وكانت قوات حفتر بدأت في افريل الماضي عملية للسيطرة على العاصمة.
كما قال الكرملين أمس الثلاثاء، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيبحث مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان في الشهر المقبل الأزمة الليبية. هذا وطوت حرب طرابلس شهرها الثامن، حرب تميزت بطابع الكر والفر في مرحلتها الأولى، بين قوات مايُعرف بقوات الجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج، في هذه المرحلة حققت قوات السراج بعض النجاحات منها استعادة مدينة غريان واستهدفت أكثر من خط إمداد لحفتر ، لكن حفتر حقق تقدما ايضا عبر سلاح الجو وسيطر على كامل أجواء ليبيا .
المرحلة الحالية والراهنة وهذه التطورات وقفت حيالها الدول الكبرى موقف المتفرج باستثناء البعض منها، أما إقليميا فقد كثفت الدول الداعمة لهذا الطرف أو ذاك من طرفي الحرب من دعمها العسكري ..كما سارع السراج إلى توقيع مذكرة تفاهم عسكري –أمني مع تركيا قوبلت برفض محلي ودولي لارتباطها بملف حساس وهو الثروات الطبيعية والطاقة في البحر المتوسط. و في غضون ذلك احتضنت ألمانيا أكثر من اجتماع بحضور ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة في محاولة للتسريع بانجاز مؤتمر برلين لكن تلك الاجتماعات لم تكن ذات نتيجة تذكر ، طالما أن التوافق المحلي مازال بعيد المنال بل زادت الفجوة اتساعا بين طرفي الصراع المسلح .
على صعيد متصل أدى رئيس مجلس النواب زيارة إلى المملكة العربية السعودية ثم الى اليونان حيث تم التطرق إلى الاتفاق الذي تم توقيعه بين السراج واردوغان كما قامت اليونان بسحب الاعتراف بحكومة الوفاق وبعثت برسالة إلى الأمم المتحدة تطلب فيها عدم الاعتراف بالاتفاق الليبي –التركي .
سيناريوهات مختلفة
ويرى مراقبون بان ليبيا مقبلة على عدة سيناريوهات تفرضها التطورات الراهنة العسكرية والسياسية.السيناريو الأول إقدام الجيش على اقتحام طرابلس مهما كان حجم الخسائر بما في ذلك المدنيون، وهذا قد يدفع دول الإقليم الداعمة لهذا الطرف أو ذاك للتدخل فمصر أعلنت أنها ستسهدف كل مقاتلة تركية أو قطعة بحرية تدخل أجواء أو مياه الجارة ليبيا. وتركيا من جانبها أكدت على استعدادها لتزويد حكومة الوفاق بقوات عسكرية في حال طلبت ذلك.
وتدرك القيادة العامة للجيش أن اقتحام طرابلس يتطلب بالضرورة تدمير إمكانيات مليشيات مصراته والزاوية لقطع الإمداد لتلك القوات في طرابلس تبعا لذلك كما يرى المراقبون أن سيناريو الاقتحام مستبعدا الآن خاصة وأنّ المشير حفتر أراد إرباك حكومة الوفاق ومزيد الضغط عليها .
السيناريو الثاني يتمثل في إجبار المجلس الرئاسي على التخلي عن المجموعات الإرهابية والمطلوبين دوليا حتى يقبل حفتر التفاوض مع السراج وهذا الأمر عرضه القائد العام للجيش على الوفد الأمريكي الرفيع عند زيارته للرجمة مقر القيادة العامة، علما بان السراج لن يقدر على فك ارتباطه بتلك المجموعات.
السيناريو الثالث يتمثل في تنحية السراج وتولي وزير الداخلة بحكومة الوفاق زمام الأمور .السيناريوهات السابقة تجبر طرفي الحرب على قبول اكراهات ما كانا ليقبلا بها في فترات سابقة ،لكن الفشل في الحسم الميداني وتحاشيا لتحول ليبيا الى ساحة حرب إقليمية لا تقف عند حدود البلاد فرض هذا الوضع تلك الإكراهات .
المشهد القادم وكما يراه المتابعون يشهد بدء مفاوضات سرية بين قيادات عسكرية كبيرة من مصراته وشخصيات وازنة أصيلة مصراته ومؤثرة الآن داخل الوفاق مع ممثلين عن المشير حفتر للاتفاق على تفاهمات ووقف الحرب، ومن ثمة إبلاغ ألمانيا والأمم المتحدة بهذا التوافق ليجتمع مؤتمر برلين ويحول التفاهم الحاصل الى الأمم المتحدة ليجري الاعتماد ..
المحصلة ودون حدوث السيناريوهات السالفة الذكر فان منطقة شمال إفريقيا وشرق البحر الأبيض المتوسط مقبلة على حرب لا احد يمكنه التنبؤ بتداعياتها ولا توقيت وقفها. بسبب تحول ليبيا على مدى السنوات الأخيرة الى مركز استقطاب للجماعات الإرهابية (21 تنظيما إرهابيا) وانتشار السلاح ووجود حوالي مليون مهاجر غير شرعي وغياب السيطرة على الحدود الجنوبية وهشاشة الوضع الأمني في أكثر من دولة مجاورة ، بالإضافة إلى الخلاف والانقسام بين دول الجوار من أزمة ليبيا وانقسام دول الاتحاد الأوروبي وثبوت التدخل الروسي.علاوة على سعي ورغبة إحدى الدول الإقليمية الداعمة لجماعة الإخوان وجماعات الإسلام السياسي الراديكالي في زعزعة استقرار دول جوار ليبيا وتصميمها على عدم التفريط في مصالحها الاقتصادية في ليبيا سواء أكانت الطاقة أو عقود الأعمار والتسليح .
الرئيس المصري يؤكّد على أنّ بلاده «لن تسمح لأحد» بالسيطرة على ليبيا
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أنّ بلاده لن تسمح لأحد بالسيطرة على ليبيا بعد أيام من تلويح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بإرسال قوات تركية إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني في طرابلس.
وقال السيسي في تصريحات للصحف المصرية الحكومية والخاصة نشرت أمس الثلاثاء «لن نسمح لأحد أن يعتقد أنه يستطيع السيطرة علي ليبيا والسودان ولن نسمح لأحد بالسيطرة عليهما».واضاف في التصريحات التي نشرتها أكثر من صحيفة من بينها «الاهرام» الحكومية، أنه «أمر في صميم الأمن القومي المصري»، مشيرا الى أن السودان وليبيا «دول جوار» مباشر لمصر.
وشدد الرئيس المصري حسب صحيفة «الشروق» الخاصة على أن بلاده «لن تتخلى عن الجيش الوطني الليبي» الذي يقوده المشير خليفة حفتر الرجل القوي في الشرق الليبي الذي أطلق يوم الخميس ما أسماه «المعركة الحاسمة» للسيطرة على طرابلس معقل حكومة الوفاق التي يترأسها فايز السراج ويعترف بها المجتمع الدولي. وبدأت قوات حفتر في افريل هجوما للسيطرة على طرابلس.وتابع السيسي «لا يمكن أن نرضى بإقامة دولة في ليبيا للميليشيات والجماعات المسلحة والإرهابية والمتطرفة».
وجاءت تصريحات الرئيس المصري غداة لقاء في اسطنبول بين الرئيس التركي والسراج هو الثاني بين الرجلين في غضون ثلاثة اسابيع. كما جاءت بعد أيام من تلويح رجب طيب إردوغان بإرسال قوات تركية إلى ليبيا لدعمه.وكان اردوغان والسراج التقيا في 27 نوفمبر في اسطنبول حيث وقّعا اتفاقا يرسّم الحدود البحرية المثيرة للجدل كما اتفاق تعاون أمني يتيح لتركيا تقديم مساعدات عسكرية إلى حكومة الوفاق التي تعترف بها الأمم المتحدة.