الكاتب الصحفي والبرلماني الجزائري السابق إبراهيم قارعلي لـ«المغرب»: الانتخابات الرئاسية الجزائرية محطة من محطات الثورة الشعبية

• الحملة الانتخابية لم تعرف تلك الحرارة السياسية التي كانت موجودة في مختلف المواعيد الانتخابية السابقة
يستعد الجزائريون اليوم لانتخاب رئيس جديد للبلاد من بين خمسة مرشحين في ظل انقسام واسع بين مؤيد ومعارض لاجراء الانتخابات .

في هذا الحديث لـ «المغرب» يتطرق الكاتب الصحفي والإعلامي إبراهيم قارعلي الى الوضع اليوم في الجزائر وأبرز التحديات التي تواجه البلاد في خضم المرحلة الانتقالية الحساسة . يشار الى ان إبراهيم قارعلي تقلد رئاسة التحرير في العديد من الجرائد الإخبارية ومنها الحوار والشروق اليومي وصوت الأحرار والأخبار . وهو برلماني سابق بالمجلس الشعبي الوطني خلال الفترة التشريعية السادسة وتقلد مسؤولية مقرر لجنة الإعلام والثقافة حيث ترك بصماته في القانون العضوي المتعلق بالإعلام الذي يكرس حرية الصحفي وحق المواطن في الإعلام.

• كيف ترون الوضع في الجزائر اليوم وكيف يستعد الجزائريون للانتخابات؟
يسود الوضع العام في الجزائر جو من الحذر والترقب والخوف والتخوف من انزلاق الوضع ، خاصة بعد إلغاء الانتخابات وتأجيلها لأكثر من مرة، وللأسف فإن الشارع الجزائري بعد أن كان في البداية على كلمة واحدة، قد انقسم حول هذه الانتخابات الرئاسية بين مؤيدين ومعارضين، حيث لم يتردد المعارضون في إستعمال العنف والترهيب والإرهاب !.

لقد تقدمت هذه المرة لخوض غمار الانتخابات الرئاسية شخصيات سياسية وإن لم تكن من الوزن الثقيل فهي من الوزن الخفيف، ولكن يعاب عليها أنها محسوبة على النظام القديم الذي يعمل على تجديد نفسه بنفسه. ولكن الحملة الانتخابية لم تعرف تلك الحرارة السياسية التي كنا نشهدها في مختلف المواعيد الانتخابية السابقة ، بل كانت باردة أكثر من برودة طقس الخريف أو الشتاء !.. لكن مع ذلك ، يجب أن نسجل أنه لأول مرة في تاريخ الانتخابات الجزائرية تسحب عملية تنظيم العملية الانتخابية من الإدارة أو وزارة الداخلية وتسند إلى سلطة مستقلة بداية من عملية تسجيل الناخبين إلى استقبال ملفات المترشحين إلى إعلان أسماء الفائزين، وهذا الأمر مكسب ثمين في النضال الديمقراطي ..

• إلى اين وصل الحراك؟
أود منذ البداية أن أوضح بأنني أفضل استعمال كلمة الثورة الشعبية على كلمة الحراك، فالحراك وصف إعلامي أكثر منه وصف سياسي، فالذي حدث في الجزائر قد كان ثورة شعبية سلمية لم يكن أحد يتوقع لها تلك الانطلاقة بعد أن أعتقد الجميع أن الشعب قد استقال من المشهد السياسي !.
لقد كان الشعب الجزائري يتحرك في البداية بطريقة عفوية وسلمية وحضارية من جمعة إلى أخرى بحيث لم تكن هناك أي قيادة سياسية أو حزبية للثورة الشعبية، ولكن للأسف حدث اختراق للصفوف من طرف السلطة ومن طرف المعارضة، فالجميع يدعي أن الثورة الشعبية لا تحتاج إلى قيادة باعتبار أن الشعب هو القائد وهو البطل، ولكنهم في النهاية ينصبون أنفسهم ناطقين رسميين باسم الثورة ومن غير توكيل أو تفويض شعبي !..
إن النتيجة التي وصلنا إليها، هي أنه لا الثورة الشعبية توقف الانتخابات الرئاسية، ولا هذه الانتخابات الرئاسية يمكنها أن توقف الثورة الشعبية ، ومع ذلك فإن الرئاسيات ليست سوى محطة من المحطات، وفي كل محطة ينزل راكبون ويصعد آخرون إلى أن يصل قطار الثورة الشعبية إلى محطته الأخيرة حيث نهاية الرحلة وليس نهاية الثورة ...

• هل تعتقدون ان ما حصل في الجزائر هو جزء من هذا «الربيع» الذي اجتاح المنطقة؟
لا أعتقد أن ما حصل في الجزائر من ثورة شعبية سلمية يعد جزء من ثورات الربيع الذي اجتاح المنطقة العربية، فالذي حدث في الجزائر حالة استثنائية ونادرة جدا، هل حدث في التاريخ البشري أن ثورة شعبية دخلت شهرها التاسع من غير أن تراق قطرة دم واحدة !.
لاشك أن الشعب الجزائري قد استفاد من الربيع العربي ويكون قد عرف كيف يجني الورود من غير أن تدمي يداه الأشواك، مثلما يكون الشعب الجزائري أيضا قد استفاد من دروس العشرية الدموية الحمراء التي كلفت الجزائر أكثر من ربع مليون قتيل، ولقد خسئ الوزير الأول آنذاك أحمد أو يحيى حين هزأ من الثورة الشعبية حيث قال : إن الثورة السورية قد بدأت بالورود وانتهت ببراميل البارود !!..
إن الجزائر تؤثر وتتأثر بما يحدث في المنطقة العربية ، ولكن يبقى الأثر في ذلك التنوع أو التميز الذي ينفرد به هذا الشعب عن ذلك الشعب ، ومع ذلك يجب أن تخضع التجربة الجزائرية للتقويم وللتقييم خاصة بعد تسعة أشهر من المخاض الشعبي ، لقد آن الأوان أن يوضع حمل المخاض، وأرجو أن يحدث ذلك بطريقة طبيعية وليس بطريقة قيصرية .

• الى أين تسير الاوضاع ؟ وما هي التحديات التي تواجه الجزائريين اليوم ؟
إن الانتخابات الرئاسية أمر واقع، وبالتعبير المجازي فإن الانتخابات الرئاسية شر لابد منه، ولكن عسى أن تكون خيرا، ولذلك يجب أن نتطلع إلى ما بعد هذه الانتخابات، فالانتخابات ليس سوى معركة من المعارك الديمقراطية، والمعركة ليست هي الحرب، وإن كان البعض يريد أن يجعل من المعركة الديمقراطية حربا أهلية !.
إن الثورة الشعبية السلمية هي صمام الأمان للرئيس المنتخب ، أما البقاء بدون إنتخابات فإن المستفيد الأول والأخير هو النظام القائم الذي هو من بقايا النظام السابق ، ولذلك فإن التحدي الحقيقي للجزائر هو العودة إلى الشرعية الشعبية والعمل بالمؤسسات الدستورية ولو بشكل تدريجي، حتى ولو كانت مثل هذه الانتخابات تجري في ظروف غير ملائمة ، ذلك أن الظروف هي التي خلقت مثل هذه الانتخابات، ولذلك يجب التكيف مع المستجدات من أجل الاستجابة للتحديات..
نحن مقبلون على مرحلة جديدة، والتغيير الشامل أو الجذري للنظام الحاكم لا يمكنه أن يتحقق في تسعة أشهر، قد يتطلب الوقت تسع سنوات، كيف لنا تغيير منظومة عمرت سنين في ستة أشهر، على الشعب أيضا أن يتغير حتى يستطيع تحقيق التغيير...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115