تضاعف عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس الى 2700 شخص وتم تسجيل 1500 مطلب لجوء مقدم لدى مفوضية اللاجئين بتونس في تطور لافت, مما يحتم على تونس وضع إستراتيجية جديدة في التعامل مع قضية اللجوء بمختلف التحديات الاجتماعية والقانونية والإنسانية التي تطرحها. جاء ذلك خلال الندوة الدولية التي عقدها المعهد العربي لحقوق الانسان في تونس بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حول «الاعلام وقضايا اللجوء: التحديات وأفضل الممارسات» امس وتتواصل الى اليوم .
وبيّن خلالها المشاركون والمجتمعون أهمية وضع أطر قانونية تتماشى مع الوضعية الراهنة للاجئين في تونس وذلك من خلال اشراك مؤسسات المجتمع المدني ومختلف الهياكل الخاصة لتحسين وضعين اللاجئين ورفع هذا التحدي . وقد اكد توفيق الزرلي رئيس ديوان وزير الشؤون الخارجية في كلمته امس ان تونس تحولت الى بلد مستقبل للمهاجرين لا بلد عبور فقط وان سبب هذا التحول يعود الى تعدد بؤر التوتر والنزاعات على المستويين الاقليمي والدولي خاصة في ظل استمرار حالة اللاستقرار في الجوار الليبي .
تحسين أوضاع اللاجئين
وشارك في الندوة خبراء ومختصون دوليون وعرب في موضوع اللاجئين مثل فرانسو لو نائب ممثل المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والطيب البكوش الأمين العام لاتحاد المغرب العربي ورئيس المؤسسة الأورو متوسطية لدعم المدافعين عن حقوق الانسان ومشاركين وصحفيين مختصين في قضايا اللجوء من عديد الدول والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. وكانت ابرز النقاط التي ركز عليها المحاضرون ضرورة مجابهة الكراهية والعنصرية والإقصاء عبر تفكك الصور النمطية عن اللاجئين وطالبي اللجوء . وهنا تلعب وسائل الاعلام دورا كبيرا في ذلك من خلال اسلوب وطريقة تغطية أوضاع اللاجئين وطالبي اللجوء.
في هذا السياق صرح رئيس مجلس إدارة المعهد العربي لحقوق الانسان عبد الباسط بن حسن لـ«المغرب» ان الندوة تندرج في اطار علاقة الشراكة بين المعهد العربي لحقوق الانسان وبين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وهي تهتم بمحاولة التأثير في السياسات العمومية لتحسين أوضاع اللاجئين القانونية والاجتماعية ودعم قدرات مختلف المتدخلين في رعاية اللاجئين والمهاجرين . وقال ان الاعلام أحد اهم الأطراف التي يمكن ان تخدم قضية اللاجئين في تونس وفي مختلف انحاء العالم.
الاعلام واللجوء ...أي دور؟
وتم خلال الندوة عرض دراسة لتغطية قضايا اللاجئين سواء في الاعلام التونسي المحلي او في الاعلام المغاربي والشرق أوسطي أوفي دول جنوب البحر المتوسط .
وشددت عديد المداخلات على ضرورة ان تكون التغطية الاعلامية شاملة لإيصال صوت اللاجئين . وتم الاعلان عن اطلاق خطة لدعم بعض المبادرات والممارسات الجيدة بشان التغطية الشاملة لقضايا اللجوء. وشددت المتدخلة نينا غدار رئيسة تحرير مجلة جيتي تيوز من فرنسا على ضرورة تغيير السردية النمطية للمهاجر في وسائل الاعلام . وقالت ان الاعلام الاوربي بشكل عام كان يصور موضوع اللاجئ وكانه مشكلة او ازمة مما نمّى الشعور بالكراهية لدى الرأي العام تجاه المهاجرين وهذه الصورة النمطية غالبا ما تربطهم بالعنف... وقالت ان تغيير هذا الخطاب كان اكثر من ضروري. واكدت ايضا ان الاقتصاد ينمو في القارة الافريقية لكن السياسات الخاطئة تحول دون اتخاذ القرارات الصائبة لتحسين حياة الأفارقة. فما يقع في افريقيا يؤثر على اللاجئين الأفارقة .
من جهتها عرضت فانيا تيريز وهي منتجة فيديو ومصورة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في افريقيا عديد الأمثلة والنماذج عن تغطية الاعلام في بعض الدول الاوربية لقضية اللاجئين واشارت الى ان بعض الإعلاميين قدموا صورة جيدة وحسنة عن اللاجئين مثل عرض عملية محاولة انقاذ لاجئ افريقي لطفلة اوروبية كادت تقع من شرفة منزلها امام انظار العالم وكاميرات الاعلام التي وثقت الحادثة وتحول اللاجئ الافريقي حينها في وسائل الاعلام الى بطل منقذ وشجاع. وشددت على ضرورة وقف استخدام كلمة أزمة في التعاطي مع اللجوء وعدم ربطها بالمشاكل .
وتقول ان دور الاعلام هام في طريقة تغطية قضية اللجوء فمثلا يجري التحدث عن ازمة لاجئين عوض التحدث عن استقبال اللاجئين.
مقاربات جديدة
من جهته قدم صادق الحمامي محاضر أول في المعد الدولي للصحافة في تونس مقاربته لقضية اللجوء وقال :«حاولت ان ابحث عن صورة اللجوء في الإعلام التونسي والصحافة والميديا في المغرب العربي بشكل عام». واستعرض في مداخلته دراسة انجزتها مؤسسة مهارات للشبكة العربية لحقوق الإنسان تناولت موضوع التغطية الصحفية الإعلامية للجوء وقال انها اهتمت بالبحث في حجم ونوعية التحقياقات التي قامت بها الميديا في لبنان والأردن ومصر والمغرب .
وأوضح بالقول :«من خلاصات الدراسة ان التغطية الاعلامية لقضايا اللاجئين خاصة السورييين ترتبط بعاملين أساسيين هما حجم اللجوء وقربة المكاني مثلا الصحافة اللبنانية اولت اهتماما بقضية اللاجئين السوريين فيما كانت تغطية الدول الاخرى البعيدة هامشية مثل المغرب ومصر». أما بخصوص تناول قضية اللاجئين في تونس فأشار الى انه قام بتحليل سريع للانتاجات الصحفية التونسية موضحا ان الاهتمام بقضايا اللجوء اهتمام فردي مع تركيز على قانون حماية اللاجئين.
ودعا الى وضع مقاربة اعلامية جديدة لقضية الجوء وان يتم التعامل مع الاعلاميين من خلال المؤسسات وليس بصورة فردية لكي تكون هناك نجاعة أكثر للدورات التدريبية التي تخص موضوع اللاجئين .
ولعل النقطة الهامة في هذه الندوة الدولية التي تناولت إحدى أهم المعضلات في عالمنا اليوم اي موضوع اللجوء هي فتح نقاش مع الائتلاف المدني لمناصرة قضايا اللجوء في تونس حول كيفية تطوير الاطر القانونية والاجتماعية للاجئين في تونس . ويضم هذا الإتئلاف المعهد العربي لحقوق الانسان والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والاتحاد العام التونسي للشغل والهيئة الوطنية للمحامين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والجمعية التونسية للتصرف والتوازن الاجتماعي والمجلس التونسي للاجئين.