كر وفر بين السلطة والمتظاهرين في لبنان: مساع فاشلة لإطفاء شرارة الاحتجاجات وارتفاع سقف المطالب الشعبية

يعيش لبنان منذ أسابيع على وقع الاحتجاجات الشعبيّة المطالبة بتغيير أوضاع البلاد نحو الأفضل ، ولئن أسفرت الاحتجاجات

إلى الإطاحة برئيس الوزراء سعد الحريري الذي أعلن عن استقالته استجابة لدعوات الجماهير الغاضبة إلاّ أن ذلك لم ينجح في إطفاء شرارة المظاهرات المستمرة إلى حد كتابة هذه الأسطر وسط مخاوف وقلق داخلي وإقليمي من مزيد تطوّر نسق الاحتجاجات وتأثيراتها على الأمن اللبناني وامن المنطقة التي تعيش بدورها توتّرا مماثلا في العراق وتسارعا عسكريا في سوريا.

ورغم أن العاصمة اللبنانية بيروت شهدت صباح أمس الاثنين، هدوءا حذرا إلا أن المخاوف مستمرة من إمكانية تجدد المواجهات بعد مواجهات ليلية بين مناصرين لحزب الله وحركة أمل، ومتظاهرين قطعوا جسر فؤاد شهاب (الرينغ)، وسط دعوات من ناشطين لتنفيذ إضراب عام في البلاد . ودارت مواجهات في ساحة رياض الصلح وجسر «الرينغ» وسط بيروت مع مناصري «حزب الله» و«حركة أمل»، أسفرت عن إصابة 10 أشخاص بجروح، قبل أن تسيطر القوى الأمنية على الموقف، وفق المديرية العامة للدفاع المدني اللبناني. يأتي ذلك بالتزامن مع دعوات للحراك الشعبي إلى تنفيذ إضراب عام، تحت مظلة العصيان المدني، ويحمل ‏شعار «البلد مقفل حتى تشكيل حكومة» ووفق وكالة الأنباء اللبنانية. يتابع اللبنانيون، حركة الإضراب الذي دعا إليه ناشطو الحراك الشعبي عبر منصات التواصل الاجتماعي.

تخبّط حكومي
وتعاني الحكومة اللبنانية من استمرار المظاهرات الشعبية بعد توقعات دولية بعودة الهدوء وذلك اثر استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري إلاّ أنّ السلطات تفاجأت بارتفاع سقف المطالب خاصة مع فشلها في تشكيل حكومة جديدة ، إذ يدعو المحتجون إلى استشارات نيابيّة فوريّة لتشكيل حكومة مصغرة مؤقتة ذات مهام مُحدّدة من خارج مكوّنات الطبقة الحاكمة وسط دعوات للقطع مع منظومة الفساد والمحسوبية المهيمنة على أغلب دواليب الدولة.

ويرى مراقبون أنّ بداية الاحتجاجات الشعبية في لبنان كانت عفوية إلاّ أنها سر عان من دخلت في أتون التجاذبات السياسية بعد مساعي اطراف حزبية وسياسية للاستفادة من ثمار الهبة الشعبية التي يقودها الشعب اللبناني منذ أسابيع ، ولئن لم يكن نجاح هذه الأطراف كاملا إلاّ أن تأثيرها النسبي ساهم في خلق نوع من الاحتقان وأعمال العنف التي تخللت التظاهر بعد أن كانت في البداية مرفوقة بأجواء سلمية مبهجة.

واعتبر مراقبون أنّ ما يعيشه لبنان اليوم انتفاضة شعبية بمطالب مشروعة ، إلا أنّه يخشى من تحويل هذه المظاهرات العارمة عن وجهتها وتحويلها إلى فوضى كارثية تلقي بظلالها على المشهد في البلاد ، خصوصا بعد المواجهات الليلية الأخيرة والصدام بين ممثلي الأحزاب ولجوء البعض إلى أعمال العنف وقطع الطرقات.

ولئن يرى البعض أن الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة سيبث نوعا من الهدوء في البلاد بعد أسابيع من التوتر، يرى البعض الآخر أن فشل السلطات الحالية في تشكيل حكومة بكفاءات غير فاسدة ، خصوصا بعد الجدل والغضب الكبيرين بعد الأنباء والاحتمالات القائلة أن السلطة تسير نحو تعيين وزير المالية اللبناني السابق، محمد الصفدي خلفا لرئيس الوزراء سعد الحريري، إلا أن ذلك لم يرق للشارع اللبناني الذي سرعان ما صدح صوته الغاضب مناديا بعدم تعيينه لما يتعلق به من اتهامات بالفساد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115