في أعقاب قرار واشنطن بأنها لم تعد تعتبر المستوطنات مخالفة للقانون الدولي: الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة الأسرة الدولية

أثار الإعلان عن تخلي واشنطن عن موقفها الخاص بالمستوطنات الإسرائيلية القاضي باعتبارها لا «تخالف القانون الدولي»، موجة من التنديد الدولي

بعد أن اعتبرت أغلب الدول العربية والغربيّة أنّ التوجّه الأمريكي الجديد يُعدّ « تراجعا عن موقف اتّخذه الرئيس الأمريكي جيمي كارتر عام 1978». هذا الموقف الأمريكي الجديد المثير للجدل لم يعتبره البعض مفاجئا نظرا للسّياسة غير المحايدة التي تنتهجها واشنطن إزاء الصراع العربي الصهيوني وذلك منذ تولّي الرئيس الحالي دونالد ترامب للحكم.

قرار واشنطن المثير للجدل جابهته حملة رفض وتنديدات دولية صدرت عن أغلب مكوّنات المجتمع الدولي من دول ومنظمات أمميّة ومنظّمات حقوقية ناشطة في مجال حقوق الإنسان في معارضة لما اعتبرته تغيّرا فاضحا في سياسة الولايات المتحدة الأمريكيّة وانتهاجها سياسيّة غير محايدة ودعمها غير المشروط لسلطات الاحتلال الإسرائيلي .

ويرى متابعون أنّ الموقف الأمريكي الرّاهن وضع إدارة البيت الأبيض في مواجهة معارضة دوليّة كبرى وذلك بالنظر إلى المواقف الرافضة التي صدرت عن أغلب الدول الغربية والمؤسّسات الدوليّة ، وفي هذا السياق ومن بين المواقف الدولية المعارضة أكّد أعضاء مجلس الأمن الدولي ، عدم تغيّر موقفهم إزاء المستوطنات الإسرائيليّة ،وقالت كارين بيرس، سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة، بالنيابة عن بريطانيا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا وبولونيا «كل النشاط الاستيطاني غير قانوني بموجب القانون الدولي وهو يتسبّب في تآكل إمكانية تطبيق حلّ الدولتين وآفاق التوصل إلى سلام دائم». واعتبرت أنّ «كلّ نشاط استيطاني غير قانونيّ بموجب القانون الدولي، ويُقوّض قابليّة حلّ الدولتين وأفق السلام الدائم».وأضافت الدول الخمس قبل اجتماع لمجلس الأمن بشأن الشرق الأوسط «ندعو إسرائيل إلى وقف كلّ الأنشطة الاستيطانيّة».

وجاء بيان الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قبل اجتماع مجلس الأمن الشهري حول الشرق الأوسط، والذي أكد خلاله مقرر الأمم المتّحدة الخاصّ لعملية السلام في المنطقة نفس الرسالة. كما ذكر وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن أنه على الاتحاد الأوروبي الاعتراف بدولة فلسطينية .

وعلى صعيد الموقف الفلسطيني اعتبرت السلطات الفلسطينية القرار «تقويضا لهدف إقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشرقية، وأن التحرك الأمريكي سيجعل اتفاق سلام مع إسرائيل أبعد من أي وقت مضى».

تعنّت أمريكي سابق
قرار المستوطنات الأخير ليس الوحيد الذي تحدت به واشنطن الإرادة الدولية في ما يتعلق بالقضية الفلسطينيّة، إذ أثار توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أشهر على مرسوم يعترف بسيادة «إسرائيل» على هضبة الجولان السوري المحتل غضبا دوليا وعربيا على حد سواء، وذلك بعد أن قال ترامب أن هذه -المنطقة الإستراتيجية التي احتلتها قوات الكيان الإسرائيلي من سوريا في حرب 1967، وضمتها في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي- «ذات أهمية استراتيجية وأمنية بالغة لدولة إسرائيل واستقرار المنطقة» وفق تعبيره.

وخلفت خطوة ترامب المستفزة آنذاك ردود فعل غاضبة سواء على الصعيد الإقليمي أو الصعيد الدولي خاصة وان التصريحات تعني اعترافا أمريكيا واضحا بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على الجولان وهي خطوة تأتي في سياق سياسات البيت الأبيض الداعمة دعما أعمى لحليفتها «اسرائيل».

ويعود احتلال «إسرائيل» لمرتفعات الجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة إلى حرب 1967 حيث ضم كيان الاحتلال «مرتفعات الجولان والقدس الشرقية» وهي خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي إلى الآن وبقيت من بين القرارات التي لا تحمل أية شرعية على الصعيد الدولي.

وقبل قرار الجولان أثارت أمريكا غضبا دوليا واسع النطاق بعد إعلانها عن الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لـ«اسرائيل» ضاربة عرض الحائط كل الاتفاقات الدولية وإرادة المجتمع الدولي تجاه الصراع العربي الصهيوني. وتقود السلطة الفلسطينية منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقدس عاصمة لـ«اسرائيل» جهودا دبلوماسية حثيثة لإرساء مرجعية تفاوض جديدة لعملية التفاوض بين الفلسطينيين أصحاب الأرض وسلطات الاحتلال الاسرائيلية، فبعد القرار الأخير المتعلق بالمستوطنات، تواجه الحكومة الفلسطينية حربا ضروسا في مساعيها لتدويل القضية وإعادتها إلى الواجهة ضمن أهم القضايا العالمية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115