للحديث بقية: الإحتجاجات في العراق ولبنان ...والثمن الصعب

برهنت «الثورات» التي عرفتها عديد الدول العربية خاصة الموجة الثانية مما يسمى بـ«الربيع العربي» ان لها تكلفتها الباهظة على مختلف المستويات السياسية

والأمنية والإقتصادية . فالتغيير الذي تنشده شعوب المنطقة نحو الإصلاح الديمقراطي والعدالة الإجتماعية، غالبا ما يصطدم بتحديات وعقبات عديدة تزيد من خطورة الوضع في المنطقة وانزلاقها في بعض الحالات «مثل الحالة السورية والليبية» الى حروب عبثية مدمرة. أما في ما يتعلق باحتجاجات العراق ولبنان فانها لازالت متواصلة في عديد المناطق وتكاد العناوين المرفوعة أن تكون واحدة وهي مناهضة الطائفية والفساد ومحاكمة السياسيين الفاسدين .
فالبلدان يعيشان وضعا اقتصاديا صعبا مع ارتفاع نسبة المديونية التي وصلت في العراق الى حدود 130 مليار دولار، وفي لبنان الى 85 مليار دولار ... وهما مصنفان ايضا بين البلدان الأكثر فسادا ، حيث يحتل العراق المرتبة 169 من أصل 180 بلدا، في حين احتل لبنان المرتبة 138 مع استمرار سياسة النهب وهدر المال العام حسب عديد التقارير المتخصصة. ومع تواصل الإحتجاجات الشعبية في العديد من المناطق اللبنانية لمحاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة ، يزداد الوضع الاقتصادي والمعيشي سوءا، وقد بادرت المصارف اللبنانية باتخاذ عديد الإجراءات الخاصة بسبب الأزمة النقدية وشح الدولار في السوق المحلي فوضعت سقفا متدنيا لسحب الأموال من حسابات المودعين ومنعت سحب الأموال بالدولار. وهذه الإجراءات ساهمت في فقدان عديد السلع في الأسواق اللبنانية وارتفاع أسعار بعضها بسبب عجز التجار عن تسديد الفواتير بالعملة الصعبة . فعدم الإسراع في تشكيل حكومة تتخذ الخطوات الإصلاحية الهامة والعاجلة قد ينذر - حسب عديد الخبراء الإقتصاديين- بمزيد انهيار الوضع الإقتصادي ويمكن ان يؤدي الى التضخم وارتفاع الاسعار .
ولكن بالرغم من كل التحذيرات إلا ان المتظاهرين لا زالوا يؤمنون بثورتهم ويدركون بان هناك ثمنا غاليا سيسدد من اقتصادهم ويأملون بالخروج من عنق الزجاجة الى آفاق أرحب مع نظام مدني لا يضع الطائفية في حساباته وتوازناته..
أما العراقيون الذين دفعوا أيضا فاتورة باهظة لا فقط من اقتصادهم بل أيضا من أرواحهم مع مقتل وجرح المتظاهرين ، إلا ان هناك مطالب تتصاعد بضرورة الحفاظ على سلمية الحراك وتجنب استخدام العنف كي لا يؤدي الى عواقب وخيمة تزيد الأوضاع في بلاد الرافدين سوءا ...
وتبدو المنطقة اليوم أمام لحظة مصيرية فارقة ، فالشعوب التي تريد الإصلاح والتغيير، تجد نفسها في مواجهة لا فقط مع تعنت السلطات المحلية إنما أيضا في مواجهة أجندات الدول والقوى الخارجية التي لا تدخر أي جهد من أجل استغلال اللحظة الراهنة لكسب المزيد من الأوراق والنفوذ في إطار التموقعات الكبرى في إطار ما يسمى بـ «الشرق الأوسط الجديد».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115