الشرق الأوسط بعد مقتل البغدادي: الولايات المتحدة الأمريكية ومعركة كبح جماح روسيا وإيران

بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية رسميا عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي ، اختلفت القراءات حول تداعيات

هذا المعطى الجديد على تطورات المشهد في كل من سوريا والعراق وهما الدولتان اللتان استغلهما هذا التنظيم الإرهابي لتنفيذ أجندته الإرهابية ونشاطاته الدموية. ويتزامن هذا الإعلان الأمريكي الرسمي مع ماتشهده العراق من مظاهرات شعبية صاخبة وماتعيشه سوريا من تطورات ميدانية متسارعة عقب الاجتياح العسكري التركي الأخير للشمال السوري وماخلّفه من ردود فعل دولية وإقليمية ومحلية رافضة.

وخلف مقتل البغدادي تساؤلات ملحة حول مصير التنظيم بعده ، وهل أن عملية قتله كانت ضمن صفقة مبرمة بين الولايات المتحدة الامريكية من جهة وتركيا من جهة اخرى؟ وكيف ستكون تداعياتها على المشهد الاقليمي خصوصا دول المنطقة التي تعاني من تحركات احتجاجية وحروب على غرار سوريا والعراق ولبنان ايضا واليمن.

من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي السوري سومر سلطان لـ«المغرب» أنه «عقب مقتل زعماء الإرهاب السلفي السابقين، وعلى رأسهم ابن لادن والزرقاوي، لا يبدو أن مقتل البغدادي مبشر كثيراً. نحن نخشى من أن الولايات المتحدة قادرة على استغلال حالة الغليان الموجودة في الشوارع العربية عموماً، سواء أكان لأسباب ذاتية أو موضوعية، وتعاود الدخول عبر رموز متنوعة الانتماءات الإيديولوجية؛ فهناك اليساريون والقوميون والليبراليون وطبعاً السلفيون الذين يتخذون من أنفسهم مطية للمشروع الأمريكي».

وتابع «بالتالي يجب علينا كعرب أن ننتبه، استناداً إلى خبرتنا في السياسة الأمريكية، إلى أن الفترة القادمة قد تكون فترة تعويم لشخصيات معينة سرعان ما تكون رأس حربة جديدة ضد المنطقة. من الناحية العملية المباشرة، كان هناك، منذ فترة غير قصيرة، توجه لتحويل بعض عناصر تنظيم «داعش» ولائهم إلى الميليشيات التابعة لتركيا، التي اتخذت مؤخراً اسم «الجيش السوري الوطني»، أو إلى قوات سورية الديمقراطية «قسد»» وفق تعبيره.

واضاف «لذا نرجح أن يتسارع هذا التوجه بعد مقتل البغدادي بتأثير الإحباط النفسي الذي لا بد وأنه مخيم في داخل التنظيم. وهناك تقارير إعلامية تركية تتحدث عن أسر 250 عنصراً من «داعش» إثر العملية التركية الأخيرة المسماة «نبع السلام». وهم من المسلحين الذين فروا من سجون «قسد». وقد أوضح حقوقيون أتراك أنه يوجد خطر بإطلاق سراح عدد منهم من قبل المحاكم التابعة لأردوغان وهذا يعني أن الأساس القانوني لانضمامهم إلى الميليشيات الموالية لتركيا موجود. ومن الممكن ألا يقتصر بقاؤهم على الأراضي السورية أو العراقية، بل قد يكونون وقوداً لنزاعات مسلحة في مناطق أخرى، مثل أوكرانيا وليبيا وغيرها. وبالتالي هذه -في الحقيقة مشكلة- تمس الأمن العالمي، وليس الإقليمي فحسب، لأنه لدينا اليوم مئات العناصر الجاهزين للانطلاق إلى أية بقعة في العالم لإفساد راحتها وسفك الدماء».

نقاط ربح لأمريكا
وحول إمكانية استغلال أمريكا لتوتّرات الشرق لكسب المشهد لصالحها بخصوص عملية تركيا في سوريا ومظاهرات العراق ولبنان أجاب محدثنا «من المؤكد أنها ستستغلها في اتجاهين؛ منع تنشيط الخط البري بين طهران وبيروت مروراً ببغداد ودمشق من جهة؛ وإشغال السياسة الروسية النشطة في قضايا تفصيلية غير قابلة للحل عملياً، وفي منطقة شديدة الصعوبة من جهة أخرى.

واشار «في هذا الاتجاه الأخير تهدف إلى توفير ظروف الفوضى والتعقيد كي لا يتسنى لموسكو الوقت والجهد الكافي لنشر نفوذها في أوربا، ولا نقصد فقط دول الاتحاد السوفيتي السابق، بل كذلك بعض دول أوربا الغربية، مثل ألمانيا والنمسا، والتي تعتبر مناطق نفوذ تقليدي لواشنطن منذ الحرب الباردة. ويبدو أننا قد نشهد في القريب جبهة جديدة ستشتعل في منطقتنا، وبالتحديد في الجانب الإيراني من جبال قنديل، حيث ترد أنباء عن توجه القوات الكردية الموالية لواشنطن والمنسحبة من سوريا إلى تلك المناطق للقتال ضد الجيش الإيراني لإلهائه عن قضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية بالطبع» على حد تعبيره .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115