بعد مقتل البغدادي: تنظيم داعش الإرهابي .... النهاية أم ولادة دولة «الظل»؟

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اول امس مقتل زعيم تنظيم داعش الارهابي «أبو بكر البغدادي» خلال عملية عسكرية أمريكية

في شمال غرب سوريا، وقد اثار هذا الإعلان ردود فعل عديدة وسط ترحيب غربي بهذا الانتصار ...

ولعل مشهد ترامب وهو يزف هذا الخبر للرأي العام العالمي يعيد الى الاذهان مشهد الرئيس الأمريكي الاسبق باراك أوباما قبل سنوات وهو يعلن أيضا مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وتصفيته في ماي من عام 2011 . ولكن مقتل بن لادن لم يكن نهاية للإرهاب او يضع حدا له، بل أدى الى ولادة تنظيمات إرهابية أخرى أكثر فتكا ووحشية مثل داعش الإرهابي. وبين هذين التاريخين اندلعت حروب عديدة في العالم العربي كانت ضحيتها الأولى شعوب المنطقة التي وقعت بين سندان الإرهاب ومطرقة التدخلات العسكرية الغربية في بلدانها مع كل ما جلبته من دمار ومآسي .

والآن بمقتل البغدادي رغم تكون حقبة او مرحلة من الصراع ضد الإرهاب قد انتهت ولكن بدأت مرحلة أخرى لا احد يعلم الى اين ستصل وماذا سيتمخض عنها وهل سيعيد الإرهاب مرة أخرى تشكيل نفسه بمسميات وعناوين جديدة ؟

آخر ظهور للبغدادي
وفي الحقيقة فان الإعلان عن مقتل البغدادي ليس الأول بل سبق ان تم مرارا الإعلان عن مقتل المطلوب الأول في العالم والذي يعتبر مسؤولا عن جرائم وانتهاكات كبيرة في العراق وسوريا فضلا عن عديد العمليات الإرهابية التي تبناها التنظيم في عديد دول العالم ... وجاءت تصفية البغدادي لتنقذ ترامب الذي يعاني من أزمات داخلية عديدة جراء سياساته التي اثارت جدلا كبيرا خلال الأعوام الماضية . فقد تعرض لانتقادات شديدة من حلفائه وحتى من داخل حزبه الجمهوري، خاصة على خلفية قراره بسحب القوات الامريكية من شمال سوريا واعتبره البعض بمثابة ضوء اخضر للتدخل التركي في شمال سوريا ضد الأكراد.

وبالتزامن أعلنت أيضا قوات سوريا الديموقراطية وهي الحليف الاستراتيجي لواشنطن في سوريا عن مقتل المتحدث باسم التنظيم المتطرف أبو حسن المهاجر «قتل» في عملية جديدة. وأعلن القائد العام لقوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي على تويتر أنه «تم استهداف أبو حسن المهاجر الساعد الأيمن لأبي بكر البغدادي والمتحدث باسم تنظيم داعش في قرية عين البيضة بالقرب من جرابلس» في ريف حلب الشمالي.

وتأتي هذه التطورات فيما تشهد سوريا تحولات عسكرية كبيرة في الميدان بعد انطلاق عملية «نبع السلام» التركية على الحدود مع سوريا وما تبعها من انتشار قوات سورية وروسية في المنطقة الحدودية السورية التركية خلال الأيام الماضية، في الوقت الذي ارسلت فيه الإدارة الامريكية تعزيزات إلى منطقة نفطية شرقا تسيطر عليها القوات الكردية.

اما ابرز ردود الأفعال على تصفية البغدادي فجاءت من روسيا التي أعلن المتحدث باسم وزارة دفاعها إيغور كوناشنكوف أن موسكو لا تملك «معلومات موثوقة» عن مقتل البغدادي الذي «أعلن لمرات لا تحصى»، معتبرا أن ذلك «ليست له أي دلالة عملية على الوضع في سوريا ولا على نشاط الإرهابيين المتبقين في إدلب». فيما هنّأ قادة ومسؤولون غربيون الولايات المتحدة، مشددين على أن مقتل البغدادي لا يعني نهاية تنظيمه.

ويعود آخر ظهور للبغدادي إلى 29 افريل الماضي في مقطع فيديو دعا فيه مناصريه إلى مواصلة القتال. وكان ذلك أول ظهور له منذ خمس سنوات.

وتعهد بأن تنظيمه سـ«ينتقم» للهزائم التي مني بها في سوريا والعراق، مؤكداً أن قتال الغرب معركة طويلة. ولعل السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هل تصفية البغدادي تعني نهاية داعش الإرهابي ؟

نكسة لداعش ؟
يؤكد متابعون ان تصفية البغدادي تشكل نقلة نوعية في الحرب على الإرهاب وخاصة ضد تنظيم داعش الإرهابي لكنها لا تعني نهاية التنظيم الذي تشكل في العراق وسوريا . والمعلوم ان هذا التنظيم المتطرف انبثق من رحم القاعدة في العراق عندما اعلن زعيمه أبو بكر البغدادي قيام «دولة الخلافة المزعومة «على مساحات كبيرة في سوريا والعراق عام 2014 ..هذا الأمر فتح المجال لأكبر تدخل عسكري خارجي في سوريا تحت عنوان محاربة داعش ...ويمكن القول ان بداية نهاية هذا التنظيم المتطرف انطلقت في عام 2017 عندما بدأ يفقد مساحات شاسعة من الاراضي التي كان يسيطر عليها بعد هزيمة التنظيم في معركة الموصل على يد قوات الحكومة العراقية، وفقد بعدها عدداً من القواعد العسكرية والمدن في العراق وسوريا.

واليوم بحسب تقديرات البنتاغون فان اعداد مقاتلي داعش تتراوح بين 14 ألف و18 ألف مسلحا ما زالوا منتشرين في العراق و سوريا. لذلك بحسب كثيرين فان المعركة ضد الإرهاب لن تنتهي مع تصفية البغدادي او غيره من قيادات داعش انما هي ضد هذه الأيديولوجيا المتطرفة التي تجد اتباعا لها في بعض المجتمعات المهمشة وكذلك تنتشر في بؤر التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة مثل ليبيا وسوريا والعراق. ولعل نقطة التحول التي اضعفت داعش كتنظيم هو الصراع الداخلي بين بعض قياداته... اذ تؤكد عديد التقارير ان البغدادي كان هاربا أيضا من خصوم محللين خاصة من هيئة تحرير الشام التي كانت تقوم بعملية بحث عن البغدادي وقد سبق ان وقعت معارك طاحنة بين الجماعتين خلال الأعوام الماضية. وقامت هيئة التحرير الشام باعتقال مساعد آخر للبغدادي معروف باسم «أبو سليمان الخالدي»، وهو واحد من ثلاثة رجال شوهدوا يجلسون إلى جانب البغدادي في رسالته الأخيرة بالفيديو. فقد اعتبرت عملية أسر الخالدي هي المفتاح في عملية فك لغز البغدادي ومعرفة مكان تواجده .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115