أزمة اقتصادية خانقة تعيشها البلاد منذ مدة طويلة. وطالب المتظاهرون بالتراجع عن هذه الأداءات التي اعتبروها مجحفة كما ارتفع سقف المطالب المرفوعة حد الدعوة إلى إسقاط النظام ومكافحة الفساد واستئصال كل أنواع المحسوبية والطائفية.
وأعلنت حكومة سعد الحريري أمس الأول ضريبة جديدة على الاتصالات عبر تطبيقات الإنترنت ‘’واتساب’’ ، لتتراجع في وقت لاحق عنها خشية توسع رقعة الاحتجاجات ، إلاّ أن هذه الخطوة لم تنجح في امتصاص غضب الشارع اللبناني حيث استمرت الاحتجاجات وتصاعد سقف المطالب ليستهدف مُكوّنات الطبقة السياسيّة الممثلة في حكومة الرئيس سعد الحريري ، حيث دعا المتظاهرون إلى استقالة الحكومة واستئصال رؤوس الفساد من كافة الأحزاب والطوائف .
وتجمع المتظاهرون في وسط بيروت قرب مقر الحكومة أمس مرددين شعار «ثورة، ثورة» و«الشعب يريد إسقاط النظام»، رافعين الأعلام اللبنانية في وقت أقفلت المدارس والجامعات والمصارف والعديد من المؤسسات أبوابها.وقطع المتظاهرون طرقاً رئيسية في مختلف المناطق وتلك المؤدية إلى العاصمة ومطار بيروت الدولي لليوم الثاني على التوالي، وفق ما أفادت به وكالة «فرانس براس»، وعملت القوى الأمنية مراراً على إعادة فتح الطرق الحيوية.
وشهد وسط بيروت ليلا تدافعا بين القوى الأمنية والمتظاهرين الذين حاولوا اقتحام مقر الحكومة. وأطلقت القوى الأمنية الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، ما تسبب في حالات اغماء.ومع استمرار إغلاق الطرق، وحرق الإطارات المشتعلة، دعت وزيرة الداخلية ريا الحسن المتظاهرين إلى «عدم التعرض للأملاك العامة والخاصة واقفال الطرقات وتفادي اعمال التكسير والتخريب».
تطورات متسارعة
ويرى مراقبون أن تفجر غضب الشارع في لبنان يأتي نتيجة تراكمات سياسية واقتصادية متتالية عاشت على وقعها البلاد في السنوات الأخيرة ، وكان لتدهور قيمة العملة المحلية التي تراجعت قيمتها في السوق السوداء مقابل الدولار، دور كبير في تدهور الاقتصاد اللبناني . واعتبر متابعون أنّ اختيار الحكومة فرض ضرائب جديدة كان القطرة التي أفاضت الكأس وأدخلت مختلف مناطق البلاد في احتجاجات شعبية تتزايد حدّتها .
واعتبر مُتابعون للشأن اللبناني أنّ المُظاهرات تعدّت مرحلة رفض الضرائب الجديدة لتصل إلى ما يشبه الانتفاضة المجتمعية ضدّ الفساد وضد الطائفية، ويؤكّد مراقبون أنّ هذه الاحتجاجات ستكون لها نتائج مُختلفة لعدم وجود أيّ طرف سياسي أو حزبي داعم لها بل استندت منذ انطلاقها على مطالب الشعب اللبناني كما رفع المتظاهرون العلم اللبناني . وتداولت وسائل إعلام صور لمتظاهرين قاموا بإحراق صور لشخصيات سياسية وحزبية ورموز طوائف مختلفة في رفض منهم لأي تسييس لمطالب المتظاهرين. كما مزّق متظاهرون صورا لرئيس الحكومة سعد الحريري في مدينة طرابلس شمالاً، رغم أنه يتمتع بدعم ونفوذ فيها .
وعلّق مراقبون أنّ ماتعيشه لبنان اليوم يشبه انتفاضة شعبية عفوية شهدت للمرة الأولى خطابات تطالب بإسقاط كل الرموز السياسية الطائفية، تنم ربما عن حالة وعي بات يعيشها اللبنانيون بسبب تفشي المحسوبية والطائفية في البلاد.
وقال محللون مختصون في الشأن اللبناني أنّ الساعات القليلة المقبلة قد تكون حاسمة في لبنان ، وسط أنباء عن امكانية تقديم رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته لامتصاص غضب الشارع ، خصوصا بعد تداول انباء عن وجود مشاورات مكثفة بين مختلف مكونات الحكومة.