سوريا: دمشق ومحاولة استثمار الزخم العربي والأوروبي المُعارض لـ«العدوان التركي»

أثارت عملية «نبع السلام» العسكرية التي تشنّها تركيا في الشمال السوري انتقادات دولية وعربية متزايدة كان آخرها الإدانة العربية الجماعية

الصادرة عن الاجتماع الوزاري العربي الطارئ الذي انعقد السبت. ورغم أن أغلب الدول أيدت البيان الختامي الذي دعا إلى ضرورة وقف «العدوان التركي ضد الأراضي السورية» تحفظت 4 دول عن الإدانة بحجة أن تركيا «دولة صديقة» .

ومن بين الدول التي أيدت اعتبار الهجوم التركي اعتداء على السيادة السورية نجد مصر والإمارات والسعودية. كما شهد الاجتماع الطارئ غياب أغلب ممثلي الدول من الوزراء وحضور المندوبين فقط.من بين الدول المتحفظة نجد المغرب وبشكل مباشر قطر وليبيا والصومال، واختلفت أسباب التحفظ بين «عدم التعبير عن الموقف الرسمي للبلاد بالضرورة»، و«التحفظ على النظر في تخفيض العلاقات الدبلوماسية والتعاون مع أنقرة». فيما أعلنت ليبيا رفضها للبيان حيث أعلنت وزارة الخارجية الليبية في بيان رفضها بيان الختامي للجامعة العربية الذي دعا للنظر في خفض التمثيل الدبلوماسي ووقف التعاون مع تركيا.

كما اعتبرت الصومال «تركيا دولة صديقة»، وأعلنت الجامعة العربية تحفظ الصومال على البيان، دون تفاصيل أكثر. فيما دعا كل من العراق ولبنان إلى رفع التجميد عن عضوية سوريا بالجامعة . كما دعت تونس الى «الوقف الفوري لهذا التدخل العسكري باعتباره انتهاكا واضحا لسيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية وذلك من منطلق الالتزام بالأهداف والمبادئ الأساسية للقانون الدولي ومضامين قرارات القمم العربية».

وشهد الاجتماع مشاركة وزراء خارجية وشؤون خارجية من مصر والسعودية والإمارات والبحرين وتونس والأردن والعراق واليمن وموريتانيا ولبنان والكويت.فيما مثل الجزائر،الأمين العام لوزارة الخارجية، ومثل السودان وسلطنة عمان وليبيا وجيبوتي والصومال والمغرب وقطر وفلسطين، مندوبيها دون توضيح تمثيل جزر القمر، فضلا عن غياب سوريا المجمدة عضويتها منذ 2012.

تضارب الاستراتيجيات
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي السوري سومر سلطان لـ«المغرب» أن «التحضيرات التركية لعملية «نبع السلام» بدأت قبل فترة طويلة، واستمرت بدأب. وقد اهتم الأتراك بتفاصيل كثيرة متشعبة لا مجال للحديث عنها كلها هنا. ولكن، على سبيل المثال، تم إحياء ما يسمى «الحكومة السورية المؤقتة» وإحياء ما يسمى «الجيش السوري الوطني»، وصولاً إلى تشكيل مجالس للعشائر الموالية لتركيا، وتقرير شكل الإدارة في مناطق الجزيرة السورية، شرق الفرات، بعد دخول الجيش التركي».

وأضاف «ولكن يبدو أنّ ضربة ذكية متقنة من الرئيس السوري بشار الأسد أطاحت بكل هذه التحضيرات على حين غرة، ضربة تذكرنا بمناورات والده الراحل حافظ الأسد. وقد لمسنا هذا في تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد بدء تحرك الجيش السوري إلى الشمال، بعد اتفاقه مع «قوات سورية الديمقراطية» قسد؛ إذ توجه أردوغان في البداية إلى النفي، معتبراً أنها شائعات، ثم قال إن هناك معلومات سيجري الحصول عليها بواسطة السفراء. وهذا يكشف أن البنية التي أقامها الأتراك على الأرض قد تعرضت لضربة قوية، جعلت رئيسهم يتخبط، ولا يعرف ماذا ينتظره. ولاحظنا التخبط بأوضح أشكاله في قوله «إننا سنستمر بعزيمة في منبج، ولن نتوقف حتى تحقيق أهدافنا». بينما المعلومات الواردة من الأرض تؤكد أن كل الطرق المؤدية إلى منبج مسيطر عليها من قبل الجيش السوري وحلفائه، روسيا وإيران، وأن أي تهور من طرف أردوغان سيجعل هذه الأطراف في حالة اشتباك مباشر معه، دون أن تعتبر دول الناتو أنها ملزمة بالدفاع عنه» وفق تعبيره.

وبخصوص التعاون بين الحكومة التركية والأكراد على الحدود قال محدثنا إن المعلومات عن طبيعة الاتفاق بين دمشق وقسد لا تزال غير واضحة، وإن كان هناك تفاصيل شبه أكيدة. ومنها وضع هذه الميليشيات وضمها إلى الفيلق الخامس، مثلها مثل كل القوى الشعبية التي أفرزتها الحرب. وأما في البعد السياسي وفق تعبير الكاتب السوري فإن هناك كلاماً عن توسيع سلطات الإدارة المحلية والبلديات بما يقدم نوعاً من الارتياح لأنصار ما يسمى «الإدارة الذاتية» التي أنشاتها «قسد’’ في المناطق التي كانت تسيطر عليها. هذا يعني أن الاتفاق مصمم ليكون ذا أمد بعيد، رغم أن وقت إقراره كان ضيقاً لناحية المسارعة لوقف تمدد الجيش التركي قبل أن يقضم مزيداً من الأراضي السورية.

واضاف الكاتب السوري «حسبما يبدو فإن استراتيجية دمشق ستكون محاولة استثمار الزخم العربي والأوربي الذي أجمع على إدانة ومعارضة العدوان التركي. وهذا لن يكون سهلاً، لأن هناك أطرافاً لا تزال على موقفها في معارضة الأسد، ودعم أعدائه.

وتابع «لكن المعطيات المتوفرة تقول إن هناك أفقاً لعودة للعلاقات السورية الأوربية عبر النافذة اليونانية، وعلى قاعدة الخصومة المشتركة لحكومة «العدالة والتنمية» في أنقرة. ويساعد على هذا موقف الحكومة القومية الجديدة في أثينا، والتي تتبنى مواقف أكثر تشدداً اتجاه الأتراك من حكومة «سيريزا» السابقة.»

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115