الدور الأمريكي في ليبيا: بين تغليب المصالح والحرب ضد الإرهاب .. الثنائية الصعبة

أعادت الغارات الأمريكية التي تنفذها «الافريكوم» في ليبيا خلال الفترة الأخيرة والتي بلغت الـ4 غارات في ظرف أسبوعين ،

أعادت إلى الواجهة التساؤلات حول حقيقة الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا خصوصا بعد فترة من الركود الذي اتسمت به العلاقات بين البلدين وتداخل ادوار أطراف دولية أخرى في المعركة الدائرة على الميدان .

أعلن الجيش الأمريكي أمس الأول مقتل سبعة من تنظيم «داعش» الإرهابي خلال غارة جوية أمريكية في جنوب ليبيا، هي الرابعة خلال أقل من أسبوعين وفق ما أعلنته القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا المعروفة باسم الـ«أفريكوم».

وتعد الغارة التي شنت يوم أمس الأول الـ 4 بعد غارة أولى يوم 19 سبتمبر المنقضي، والثانية يوم سبتمبر 24، و الثالثة يوم 26 من نفس الشهر ، وتبلغ الحصيلة الجملية للقتلى خلال الغارات 43 قتيلا . إذ أعلنت قيادة «الافريكوم» خلال الغارة الأولى عن مقتل 8 من الدواعش وخلال الغارة الثانية تمّ الإعلان عن 11 قتيلا ، وعقب الغارة الثالثة كانت الحصيلة 17 إرهابيّا ثم الغارة الأخير ليوم أمس الأول أفادت وزارة الدفاع الأمريكية بمقتل 7 مقاتلين من تنظيم ‘’داعش’’ الإرهابي.

وتحرص قيادة الافريكوم في بيانها عقب كل غارة على تأكيد وجود تنسيق بينها وبين حكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج ، وذلك رغم الانتقادات التي تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة إقصاء قيادة الجيش من عملياتها التنسيقية خاصة وأنّ قوات مايُعرف بالجيش الوطني الليبي أحرزت تقدّما في الجنوب بما مكّنها من دراية واسعة بخبايا المنطقة وأعداد الدواعش ومراكز تموقعهم . ولئن تتضارب الأنباء حول حقيقة بسط الجيش الليبي لنفوذه في الجنوب الليبي ، إذ يؤكد مراقبون أن محاولات السيطرة عليه سواء من قبل قوات حفتر او القوات التابعة للسراج باءت بالفشل ، إلاّ أن «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر أكّد مرارا وجود قواته هناك.

ويعيد هذا التعاون بين الجانبين الليبي والأمريكي إلى الواجهة الدور الغائب للولايات المتحدة في المشهد الليبي وذلك منذ مقتل سفير واشنطن في ليبيا ، ومنذ ذلك الوقت بدأت دول أخرى على غرار فرنسا وايطاليا بالإضافة إلى تركيا ودول الخليج العربي في لعب أدوار مختلفة في ليبيا كلّ حسب توجّهاته وحلفائه على الأرض وأيضا استراتيجياته المتباينة.

ومؤخرا وبالتزامن مع تكثيف الولايات المتحدة الأمريكية لغاراتها في ليبيا عاد الحديث عن الدّور الأمريكي في طرابلس ومساعي إدارة البيت الأبيض-بعد غياب ملحوظ- لإعادة التموقع في الأزمة الليبية التي باتت تشهد تجاذبات خارجية متعددة ، نظرا لما يحمله الملف الليبي من أهميّة سياسيّة واقتصادية لا فقط لدول الجوار بل أيضا لدول العالم . فإلى جانب عودة الدور الميداني لأمريكا على الأراضي الليبية تبحث إدارة البيت الأبيض عن تعزيز الروابط الدبلوماسية السياسية مع الأطراف الفاعلة في الملف الليبي وأولهم ايطاليا . إذ أدى وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو أمس زيارة إلى ايطاليا وهي رسالة واضحة-وفق مراقبين- لتعزيز جهود الطرفين من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا.

«مصالح لا حرب على الإرهاب»
من جهته قال الكاتب الصحفي معتز المجبري لـ’’المغرب’’ أن ‘’الغارات الأمريكية الأخيرة في الجنوب الليبي تصبّ في صالح الطرفين. أولا في صالح ليبيا للتخلص من هذه المجموعات الإرهابية، وثانيا لصالح أمريكا وتحديد لصالح الحكومة الحالية في إطار محاولاتها لتبييض ملفها وتحقيق انجازات جديدة على الأرض تدعم موقفها في الانتخابات المقبلة ، المشكلة هو أنّ ما تقوم به أمريكا يندرج تحت بند المصالح المتبادلة وليس تحت بند مكافحة الإرهاب، يعني الأسبوع الفارط رأينا فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية ورئيس المجلس الرئاسي يوقع عقدا بمبلغ خيالي مع إحدى وكالات الطاقة الأمريكية .هذا يدل على أن المسألة تندرج تحت بند الصفقات لا تحت بند مكافحة الإرهاب، لأنّ الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع الطرف الخطأ في ما يتعلق بالحرب ضدّ الإرهاب في الجنوب الليبي لعدة اسباب». وتابع محدثنا «السبب الأول هو أنّ الجنوب ليس واقعا تحت سيطرة المجلس الرئاسي بالتالي من المفترض التعامل مع الجهة المسيطرة والأدرى بتلك المنطقة، وهي القيادة العامة للجيش الليبي التي كانت صاحبة المبادرة في حرب الجنوب، وأيضا باعتبار أنّها الجهة الأقدر على رصد تلك المجموعات الإرهابية باعتبار أنّ الحرب ضدّها بدأت قبل الغارات الأمريكيّة. السبب الثاني للقول أنّ مايحدث يندرج في إطار الصفقات هو ماقام به المجلس الرئاسي عندما قرر الجيش محاربة هذه التنظيمات الإرهابية خاصة في مرزق، في ذلك الحين اصطف المجلس الرئاسي آنذاك مع هذه الجماعات وقال أنّ الجيش يرتكب إبادة ضد المدنيين وهو يعلم أنّ ذلك غير صحيح، ايضا هناك قيادات صلب المجلس الرئاسي تدعم هذه التنظيمات الإرهابيّة من بينها عماري زايد والمعروف».

وفي ما يتعلق بالعلاقات الأمريكيّة الليبية قال المجبري أنه حسب الوقائع فان العلاقات بين البلدين هي علاقات مصلحة فقط ،فأمريكا لا يهمّها من الطرف الذي على حق نحن نعلم أن ليبيا اليوم هي أطراف متصارعة ، إلا أنّ ما يهمّها الآن مصالحها وهذا شيء طبيعي لكن على الأقل يجب أن يكون ضمن هذا الأخذ بالاعتبار مصلحة الطرف الآخر لأن ذلك قد يضر بمصلحة ليبيا».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115