الكاتب والمحلل السياسي اللبناني حمزة الخنسا لـ«المغرب»: «التصعيد الصهيوني الأخير يأتي ضمن محاولات المحور العربي - الأمريكي - الصهيوني لإنعاش الخطوات المؤدية إلى صفقة القرن»

• « نتنياهو ليس في موقف قوي يسمح له بالردّ على المقاومة خصوصاً أن رسائل الردّ أتت أقوى مما توقّعه»

قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني حمزة الخنسا لـ«المغرب» أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يرى في التصعيد حاجة ملحّة لتحشيد الرأي العام الصهيوني خلفه بوصفه خشبة خلاص له من تهديدات جمّة مفروضة على الكيان من قبل محور المقاومة. وأضاف الخنسا أنّ حزب الله غير معني اليوم بالتصعيد، لكنه حوّل التهديد إلى فرصة، وأعلن مرحلة تحوّل جديدة في الصراع مع العدو الصهيوني، معتبرا أنّ ما بعد الأول من أيلول(سبتمبر) ليس كما قبله.

• ماهي قراءتكم للتصعيد الأخير على الحدود اللبنانية؟
أتى التصعيد الإسرائيلي الأخير في توقيت حساس بالنسبة لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو داخلياً وخارجياً. فداخلياً ينظر نتنياهو إلى الانتخابات المرتقبة في السابع عشر من الشهر الجاري على أنها استحقاق هام ومصيري ومن شأن الفوز به أن يعطيه فسحة جديدة من السلطة تخلّصه من ملفات الفساد الكثيرة التي تطرق بابه يومياً. ويرى في التصعيد حاجة ملحّة لتحشيد الرأي العام الصهيوني خلفه بوصفه خشبة خلاص له من تهديدات جمّة مفروضة على الكيان من مقبل محور المقاومة.
العمليات العدائية التي قام بها جيش الاحتلال في كل من سوريا والعراق ولبنان، تأتي ضمن الحملة الانتخابية لنتنياهو الذي حرص خلال الاعتداءات وبعدها، وحتى بعد رد المقاومة إلى استثمارها شعبيا وإعلاميا.
أما خارجياً، فإن التصعيد الصهيوني الأخير، والذي استوجب رد المقاومة، أتي في ظرف إقليمي - دولي تنشط فيه محاولات المحور العربي - الأمريكي - الصهيوني لإنعاش الخطوات المؤدية إلى صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية، وبالتالي أتت هذه الاعتداءات كإختبار إسرائيلي بالنار لمعادلات الردع الدقيقة التي تحكم العلاقات بين الصهاينة والمقاومة، وإمكانية تغيير هذه المعادلات بما يضمن التفوق الصهيوني في المنطقة.

• وكيف ترون رد المقاومة على عدوان الكيان الصهيوني ؟
وفت المقاومة بوعدها، وردّت على العدوان الصهيوني على عناصرها في سوريا.وكان الرد نوعياً فهم الصهاينة الرسالة الأمنية الكبيرة منه. فخلال أسبوع من وقت حصول العدوان حتى الرد عليه خاضت المقاومة حرباً شاملة، نفسية وأمنية، بأقل قدر ممكن. فقد كرّست المقاومة معادلة الرد على التعرض لأي عنصر من عناصر حزب الله في أي ساحة كانت، في لبنان أو في سوريا، على أن يكون الرد داخل فلسطين المحتلة ومنطلق من أي نقطة حدودية بين لبنان وفلسطين والممتدة من الناقورة حتى مزارع شبعا، بطول 100 كلم تقريباً.
الخوف التام الذي ظهر عليه جيش الاحتلال الاسرائيلي طوال مدة ما قبل الرد، والإخلاء الشامل لجميع المراكز والنقاط وإخفائها بعمق تراوح بين 4 و7 كلم داخل أراضي فلسطين المحتلة، رسم ما يشبه الحزام الأمني الذي اختبأ خلفه جنود الاحتلال وقادته.
ومثال على ذلك، وصول قائد الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي، إلى المنطقة الشمالية قبل أيام من عملية رد المقاومة، برفقة قيادة أركانه واجتمع مع الجنود لرفع معنوياتهم، هذا الاجتماع حصل على بعد 15 كلم عن الحدود، ما يدل على حالة الخوف والخشية من قدرات المقاومة.

• ماهي توقعاتكم للمشهد المقبل خصوصا وان حزب الله أكد أن المواجهة مع إسرائيل أطلقت مرحلة جديدة من الصراع ؟
هذه رسائل يفهمها الصهاينة جيدا، ويعكفون على استخلاص العبر منها، بصرف النظر عمّا يبثونه من أكاذيب في إعلامهم بهدف التعمية على عمق المأزق والحال المتردية للجيش الصهيوني في مواجهة المقاومة.
هذا فضلاً عن الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي سببها أسبوع الهروب والخوف الذي عاشه الإسرائيلي على طول الحدود الشمالية، بحيث تشير الأرقام الصادرة عن التقارير الإعلامية العبرية إلى خسائر فاقت المائة مليون دولار نتيجة الشلل التام الذي أصاب المستوطنات طوال أسبوع كامل.

• هل ستحاول حكومة نتنياهو التهدئة الآن خاصة وأنها على أبواب انتخابات ؟
وفي المحصلة، يتصاعد نقاش حاد داخل الساحة الصهيونية، حيث وجد المستوطنون أنفسهم أمام جيش كامل مختبئ غير قادر على حماية حتى الحافة الأمامية لحدوده، فهو غير مستعد لدفع ثمن ولو قتيل واحد في معركة مع حزب الله، فما بالك بحرب طويلة الأمد.
علماً أن عملية المقاومة الأخيرة، والتي تسببت في كل ما ذُكر ليست سوى عملية ردّ محدودة على عدوان محدود، فللقادة الصهاينة أن يتخيلوا ماذا يكون عليه الوضع في حال قررت المقاومة خوض عمليات هجومية في إطار أي حرب مفتوحة، أو حتى عمليات مباغتة، ليست مُتوقَعة أو مُعلن عنها في إطار الرد.
اليوم، حزب الله غير معني بالتصعيد، لكنه كما أعلن سماحة السيد حسن نصرالله، فقد حوّل التهديد إلى فرصة، وأعلن مرحلة تحوّل جديدة في الصراع مع العدو الصهيوني، فما بعد الأول من أيلول(سبتمبر) ليس كما قبله.
فإن معادلة المسيّرات تم كسرها، وفرضت المقاومة معادلة إسقاط المسيّرات. ومعادلة الاعتداء على المقاومة في ساحات انتشارها تم كسرها أيضا، وفرضت المقاومة معادلة الردّ على العدوان ليس في مزارع شبعا، أي في ارض لبنانية محتلة، بل في داخل فلسطين المحتلة، وبأعماق متفاوتة حتى قلب الكيان الصهيوني، وذلك تحدده المصلحة العامة. أما إسرائيلياً، فحتماً نتنياهو ليس في موقف قوي يسمح له الردّ على الردّ.خصوصاً أن رسائل الردّ أتت أقوى مما توقعه، وهذا ما دفعه وفريقه الإعلامي إلى بثّ حملة تضليل واسعة تتحدث عن دمى وتمثيليات لنفي وجود قتلى لتفادي ضغط المواجهة والرد.

• كيف ترون موقف بعض دول الخليج من التصعيد الأخير خصوصا البحرين ؟
مواقف بعض الدول الخليجية، وخصوصاً أتباع السعودية، صار أكثر سفوراً بالتواطؤ مع الكيان الصهيوني. التحالف بين هذا الكيان والسعودية وأتباعها بدأ يخرج إلى العلن.
البحرين هي كيان وظيفي مهمته اختبار السياسات القذرة التي تنوي السعودية إتباعها، وفي هذا الصدد يلعب حكّام البحرين دور فئران التجارب لدى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولده محمد.
التناغم الإسرائيلي البحريني خصوصاً هو مقدمة لما ستكون عليه العلاقات العبرية الخليجية في مرحلة ما بعد صفقة القرن، حيث ستتولى السعودية في مرحلة متقدمة، عملية التطبيع العربي - الصهيوني في ما لو نجحت التجارب التي تقيمها اليوم بواسطة النظام البحريني. لكن ذلك النجاح دونه تأهب المقاومة وقوة معادلاتها وردعها في مواجهة كيان الاحتلال الاسرائيلي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115