واستهدفت دبابة عسكرية اسرائيلية ردا على الاعتداءات الصهيونية الاخيرة على لبنان. واعقبها ضرب اسرائيلي للجنوب اللبناني. فبعد اكثر من اسبوع ، جاء رد حزب الله على الغارات الاسرائيلية في وقت تعيش فيه المنطقة اجواء حرب ومناخا من التصعيد غير المسبوق في اكثر من بلد.
وظلت «إسرائيل» في حالة تأهب خلال الأيام الماضية بعد تهديدات حزب الله . ويعد هذا التصعيد غير المسبوق الاول من نوعه منذ عام 2006 تاريخ آخر جولة عسكرية من الصراع بين «اسرائيل» وحزب الله .
دوافع عديدة
ويرى البعض ان هناك دوافع عديدة للاحتلال الاسرائيلي وراء العمليات الاخيرة في لبنان وسوريا والعراق تتعلق بالداخل الاسرائيلي وما سيشهده من انتخابات قادمة، وكذلك بالصراع الايراني الامريكي ومحاولات فرنسا فرض تسوية ما للملف النووي الايراني . في هذا السياق يعتبر الكاتب والمحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الساتر في حديثه لـ «المغرب» ان هناك دوافع اساسية حركت العدو الاسرائيلي وحملت رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتيناهو على القيام بهذا العدوان المثلث الذي استهدف العراق وسوريا ولبنان. ومن جملة الدوافع الرئيسية ان اسرائيل ضاقت ذرعا بمحاولاتها لحمل الولايات المتحدة على شنّ حرب او هجوم واسع على ايران على خلفية ما يحدث في المنطقة او الخليج ، الا ان الجهود الاسرائيلية ذهبت هدرا وربما توقع نتنياهو ان الوساطة الفرنسية ربما ستجني ثمارها بايجاد اتفاق من جديد بين الولايات المتحدة الامريكية وايران وهذا ما لا ترغب فيه «اسرائيل» باي شكل من الاشكال. لذلك كان من احد اهم الاسباب التي حملت نتيناهو الى القيام بمثل هذا الهجوم انه اراد الذهاب بالمنطقة الى مواجهة شبه مفتوحة او الى حرب صغيرة لعرقلة مثل هذا الاتفاق». ويتابع محدثنا بالقول :«الدافع الثاني ربما له علاقة بالانتخابات الاسرائيلية ووضع نتيناهو المحرج في الداخل الاسرائيلي بعد تراجع شعبيته ، وان الانتخابات التي اجلت لم يكن باستطاعته ان يحسمها فهو بذلك يستعرض القوة الاسرائيلية ليقول للناخب الاسرائيلي ان القوة هي وحدها التي تحمي «الاسرائيلي» خاصة انه سيواجه تهمة موجهة اليه في حال لم ينجح في الانتخابات فسيذهب الى السجن بحسب اكثر التحليلات».
العدوان الاسرائيلي والملف الايراني
ويرى المحلل والكاتب اللبناني بان العدوان الاسرائيلي له علاقة بالمحاولات الدائمة والمتكررة من العدو الاسرائيلي والولايات المتحدة وبعض الدول الاخرى لتغيير مسار القرار الدولي رقم 1701 الذي صدر بعد حرب 2006 ، وهو بنظر الاسرائيلي لم ينفذ بالشكل المطلوب. فالمطلوب ان يكون هناك هامش وصلاحيات اوسع للقوات الدولية بما يمنع أي تحرك للمقاومة مقابل الحدود مع فلسطين المحتلة». ويضيف :«من ناحية اخرى كانت هناك نية لاسرائيل والولايات المتحدة الامريكية لتغيير ما في في هذا القرار والذي يتعلق بالحدود اللبنانية السورية».
اما المسألة الرابعة في هذا الاطار ربما لها علاقة بما تعتقد به اسرائيل وهو ان قصفها لمثل هذه المواقع والمعسكرات داخل هذه البلدان أي العراق وسوريا ولبنان ستحمل شعوب هذه البلدان على حالة تحريض واسعة ضد ما تسميه الميليشيات الايرانية وهذا يخلق انقسامات سياسية نجح فيها الى حد ما العدو الاسرائيلي في العراق حتى هذه اللحظة.»
تغيير قواعد الاشتباك
لطالما سعى العدو الاسرائيلي الى تغيير قواعد الاشتباك القائمة التي كرست بعد حرب 2006 والتي استطاعت المقاومة ان تركز خلالها قاعدة اشتباك ردعية تقوم على اساس الردع . صحيح انه لم يكن هناك اتفاق ولكن بات من الواضح بان اسرائيل تدرك بانه لم يعد مسموحا لها ان تقوم باي اعتداء على الاراضي اللبنانية . ويعتبر محدثنا بانه ربما يكون ذلك احد الدوافع اي استخدام ذريعة اخرى من قبل الاحتلال الاسرائيلي تتركز على التخويف من امكانية وجود مصانع لصواريخ دقيقة في الضاحية الجنوبية . وان هذه الذرائع كافية لاثارة حالة من الهلع لدى الكثيرين. ويضيف محدثنا :«طبعا هذه الذريعة سقطت مع اول حركة قام بها العدو الاسرائيلي لان طائرتين مسيرتين بهذا الحجم من العبوات لا يمكن لها ان تدمر مصنعا ضخما لصواريخ دقيقة كما يدعي الاسرائيلي والاكيد ان هناك هدفا ما كان يسعى العدو الى استهدافه.»
واعتبر عبد الساتر ان ما قامت به المقاومة هو رد واضح على العدوان الاسرائيلي وهو رد غير نهائي وبالتالي يفهم العدو مثل هذا الامر . وأوضحت بعض المعلومات والمصادر ان المقاومة تتبنى مثل هذه الافكار وان الذي حصل بالأمس من استهداف لآلية عسكرية قرب مستوطنة افيفيم الصهيونية على الحدود مع فلسطين المحتلة، لم يكن سوى رد اولي على العدوان الذي استهدف المقاومة في سوريا . بمعنى ان القضية مازالت مفتوحة وان المقاومة جاهزة لكي تنفذ ما تقول انه رد على اختراق العدو . فمن وجهة نظر حزب الله وانصاره فان أي سكوت او صحت ازاء الاعتداءات الصهيونية فان هذا الامر قد يتكرر ويتطور ويصبح وكأنه مسألة عادية». فحزب الله بهذا الرد اعاد الى الاذهان موضوع تثبيت قواعد الاشتباك ووجه خلاله رسائل واضحة للإسرائيليين بان هناك قواعد اشتباك جديدة وعنوانها الرئيسي هو توازن الردع الدائم اذ لا يمكن للاحتلال الاسرائيلي ان يفكر في الاعتداء على الاراضي اللبنانية دون رد المقاومة» .
حرب نفسية
وفي سياق هذه الرؤية لتوازن الرعب فان هدف حزب الله هو عدم ترك الاسرائيلي في حالة أمن وهذه مسألة يلعب عليها حزب الله في اطار الحرب النفسية اذ انه ابقى الاسرائيلي 7 ايام بالكامل مختئبا في كل المنطقة ولم يظهر أي مستوطن الى العلن منذ اكثر من اسبوع وهذه ايضا يسجل لحزب الله وبانه استطاع ان يكرس هذا النوع من الحروب النفسية مع الاحتلال الاسرائيلي بحسب محدثنا .
ويبدو جليا ان حزب الله استفاد كثيرا هذه المرة من الموقف السياسي المتماسك الذي اظهره الرؤساء الثلاثة في لبنان على رأسهم رئيس الجمهورية اللبنانية . فهذا العامل زادا من قوة حزب الله وتماسك المسألة التي ينادي بها والافكار التي يدعو اليها، واهمها ان «اسرائيل» لا يمكن الا ان تكون عدوا معتديا وهي تتأهب للانقضاض على لبنان في أية لحظة من اللحظات .
لقد كانت استراتيجية اسرائيل طيلة العقود الماضية تتركز على خلق الرعب والحرب النفسية وان تفرض نفسها كقوة عسكرية اولى في المنطقة دون رادع ، لكن جاء رد حزب الله ليسدل الستار عن هذه الدعاية ويعيد الكرة في المرمى الاسرائيلي ويعيد خلط الاوراق السياسية والعسكرية من جديد في المنطقة.