قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني فهد العميري لـ«المغرب» ان المشهد المقبل يجب أن يشهد ضغوطا دولية وإقليمية على الرئيس هادي بهدف إجراء إصلاحات حقيقية في بنية الشرعية ينجم عنها تقليم أظافر الإخوان وإعادة إصلاح مؤسسة الجيش والعودة نحو الهدف الأول وهو إنهاء الانقلاب الحوثي. واضاف أنّ المشكلة الحقيقية في اليمن تتمثل في سيطرة الإخوان على قرار الشرعية وتشكيل جيش أقرب إلى الميليشيا منه إلى الجيش الوطني وضعف أداء الحكومة ومؤسساتها.
• لو تقدمون لنا قراءتكم للمشهد الإنساني اليوم في اليمن ؟
مع استمرار الحرب بين قوات الشرعية المسنودة بالتحالف العربي ومليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا للعام الخامس على التوالي تتفاقم المعاناة الإنسانية لليمنيين ويزداد الوضع بؤسا وتعقيدا خاصة مع انهيار شبه تام للدولة ومؤسساتها وضعف الخدمات ان لم نقل انعدامها..
فالخدمات الصحية شبه منهارة وقليل من الأسر تستطيع الحصول على خدمات صحية مناسبة خارج اليمن إذا حالفها التوفيق أما في الداخل فكل شيء يخضع للمتاجرة وعلى رأس كل ذلك حتى الإنسان اليمني .. خلّفت الحرب إعاقات بالآلاف وهؤلاء نادرا ما يمتلكون إمكانية للحصول على العلاج المناسب بل يضطر الآلاف منهم إلى التأقلم مع معاناتهم والقبول بها ..
• كيف ترون التعامل الدولي فيما يتعلق بالوضع الانساني المتردي في اليمن؟
تخلت الحكومة الشرعية والانقلابيون عن خدمات الكهرباء وتركتها وسيلة إثراء للعصابات هنا وهناك التي تمتلك مولدات خاصة وجعلت هذه الخدمة تجارية لا يحصل عليها إلا الميسورون ولولا الطاقة الشمسية التي اقتناها الفقراء لكان الوضع حالك السواد ..
هناك دور أممي لا بأس به في تقديم خدمات للمواطنين وان كانت غير كافية بيد أن بعض هذا الدعم يوجه لنافذين ومراكز قوى ولا يصل منه إلى المواطن إلا النزر اليسير بل تقوم الميليشيا الانقلابية الحوثية بمصادرة الكثير من المعونات وتوجيهها لصالح المجهود الحربي . فالدعم الدولي يفتقر جزء كبير منه للتوظيف المناسب بما يخدم الوضع الإنساني المتفاقم والمتردي للأسر التي تطحنها الحرب ولا تجد الحد الأدنى من سبل العيش الكريم ..
• ماذا عن التطورات العسكرية الميدانية الأخيرة ؟
فيما يتعلق بالوضع القائم بين قوات الشرعية والميليشيا الانقلابية نستطيع القول أن هناك هدنة غير معلنة بين هذه الأطراف وان لم تكن الشرعية طرف فيها فالأخوان أصحاب الثقل والمتحكمين بقرار الشرعية هم طرف الهدنة الثاني..
أما فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة في محافظات الجنوب فلم تأت بشيء جديد وان كانت وضعت النقاط على الحروف وحددت خارطة توزيع القوة بشكلها الحالي. فالانتقالي يحكم قبضته على عدن والمحافظات المجاورة لها ومن الطبيعي أن يتوجه ذلك بهزيمة قوات الجيش المرابطة فيها بيد أن تمدده نحو شبوة حيث حاضنته الشعبية ضعيفة وحيث تقترب شبوة من مناطق الإمداد في مأرب أعلن عن وفاة فكرة الانفصال على حدود ما قبل 90 ورسخ الإقليمين في الجنوب حيث السعودية ذات الثقل في شبوة وحضرموت ومارب والإمارات ذات الثقل في عدن وما جاورها والتي يتحكم بهما الانتقالي والحكومة ...
استعادة القوات الحكومية لشبوة وأبين ومن ثم الوصول إلى محيط عدن ومحاولة إسقاطها جوبه بموقف حازم من الإمارات التي تقف إلى جانب الانتقالي ولها موقفها الواضح من الإخوان والتي استخدمت الطيران في قصف ألوية الشرعية وولد ذلك حالة غضب في الشارع اليمني ..
القوى المؤيدة للشرعية منقسمة بشكل عميق فيما بينها جراء تغوّل حزب الإصلاح وتحكمه في قرار مؤسسة الرئاسة وعدم الإنصات للأصوات المطالبة بإجراء إصلاحات حقيقة في الشرعية ترسخ دولة القانون وتمنع استحواذ أي من الأطراف على تشكيلات الجيش وتحويلها إلى ميليشيات حزبية.
نفس الانقسام قائم بين الشرعية والتحالف والذي يفترض من الجميع الجلوس إلى طاولة الحوار والوصول إلى تفاهمات تعيد للشرعية، ومن خلفها التحالف تلاحمه ووحدته وتجعل الجميع يتجه نحو الهدف الأساسي الذي وجدت من أجله عاصمة الحزم والأمل وتسبب في هذه الحرب الجائرة وهو إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة الشرعية الوطنية التي تعبر عن جميع اليمنيين وتحمي مصالح اليمنيين وتحقق تطلعاتهم الجمعية لا تطلعات حزب أو جماعة بل تحقق للمنطقة استقرارها وأمنها.
• كيف ترون الدور الإماراتي في اليمن؟هل هناك حقا صدام سعودي اماراتي وماهي أبعاده وتداعياته؟
حتى اللحظة لا يمكن الجزم يقينا بوجود صدام إماراتي سعودي حقيقي إذ لا يستبعد أن يكون هناك تنسيق وتبادل أدوار بين الطرفين بحيث يعملان على تقويض سيطرة الشرعية على مقاليد الأمور في اليمن باعتبار أن ذلك يصب في خدمة جماعة الإخوان المسلمين التي أصبحت في عداء واضح مع السعودية والإمارات بل وبقية دول المجتمع الدولي بفعل ارتباط الجماعة بالإرهاب والخطر الذي تمثله على الأمن والاستقرار ..
ولا أعتقد أن الإمارات استخدمت الطيران لقصف مواقع الشرعية دون موافقة السعودية وبقية دول الرباعية أمريكا وبريطانيا، إذ توجد غرفة عمليات مشتركة وتنسيق بينهما على مستوى كبير ..
لدينا مشكلة حقيقية في اليمن تتمثل في سيطرة الإخوان على قرار الشرعية وتشكيل جيش أقرب إلى الميليشيا منه إلى الجيش الوطني وضعف أداء الحكومة ومؤسساتها والعمل لتحقيق أهداف فرعية ليس منها إنهاء الانقلاب الحوثي وتحرير اليمن
• ماهي توقعاتكم للمشهد للمقبل؟؟
اتوقع في الايام القادمة زيادة الضغوط الدولية والإقليمية على الرئيس هادي بهدف إجراء إصلاحات حقيقية في بنية الشرعية ينجم عنها تقليم أظافر الإخوان وإعادة إصلاح مؤسسة الجيش والعودة نحو الهدف الأول وهو إنهاء الانقلاب الحوثي مالم يكن للسياسة قول آخر يفضي إلى حل للأزمة اليمنية وان كان ذلك بعد سنوات