منبر: الحرب الليبية وتداخل الاستراتيجيات محليا ودوليا

أحمد الفيتوري
الأوضاع في ليبيا تسوء، الحرب تستمر دون نتائج حاسمة، بل أن الطرف المسيطر على العاصمة،

يطلب من الطرف الثاني العودة من حيث أتي، مما يعني في صيغة المسكوت عليه: تقسيم ليبيا، هكذا صرح الحاكم القوي لطرابلس (باشا آغا) وزير الدفاع والداخلية. وهذا يحدث وأوضاع المنطقة في حكم الغيب، عند الجارين الغربيين: الجزائر وتونس، فيما سوريا سيطر عليها الروس، وأدخلت سوريا في حروب إقليمية، بينما إسرائيل صعدت من معاركها في العراق وسوريا ولبنان، كل هذا والقوى المتدخلة في اليمن اتفقت على تقسيمه.

ليبيا أقرب بهذا الحال من حالة اليمن، من الممكن أن تتفق ايطاليا وتركيا وفرنسا والإمارات، لأجل دعم مشروع (باش أغا)، خاصة وأنه وجماعته يرون أنهم أبناء لمدينة قوية ومنتصرة(مصراته).

ليبيا يقول أمين الجمعية العامة للأمم المتحدة: ستدخل في حرب أهلية، في حين أنها في النهاية في هذه الحرب، والقوى (المنتصرة) تريد التقسيم، وكما رأينا السودان قسم، اليمن يقسم، على منوال تقسيم يوغسلافيا، فالعالم في مرحلة انشطارية: كتالونيا وكردستان واسكتلندا، لو تركوا، فإنهم يريدون الانفصال.

ومما تقدم ليس ثمة مستقبل للتسوية، بل أن السراج كبش فداء المرحلة، سيذبح على غير قبلة، أي ذبح غير شرعي، كي تفوز المدينة المنتصرة بالتسوية: التقسيم، ما كان رضي به القذافي، لولا أن مدينة مصراته، في تلك اللحظة متمردة عليه، المدينة التي انتصرت على تقسيم القذافي، قادتها الآن يرومون تنفيذ المشروع الأخير للقذافي، ما لم يتمكن من تنفيذه.

هذا المشروع الذي يطرق الباب بكل يد مضرجة، معاق الآن من جهة ايطاليا المعاقةالآن، خاصة بعد أن بارت تجارة العبيد العصرية (الهجرة غير الشرعية)، التي يقتات عليها اليمين المتطرف في الغرب، وأحفاد موسوليني. بهذا فإن مشروع توحيد ليبيا بالجيش أي بالقوة، يُتخذ ذريعة عند الطرف الغربي الليبي المصراتي من أجل مشروع التقسيم، وبلد جار قوي كمصر يبدو كالعاجز على صد هكذا موج عاتي.

أما حقيقة تفاصيل ما يحدث، فهي حقيقة كل تفاصيل حيث يعبث الشيطان، فالمدافع لم تسكت ولن تسكت، وعلو صوتها يغطي على أي صوت أخر، وطول المعركة كطول أي خيط يضيع الإبرة، التي كانت ولسنوات عند المبعوث السامي لليبيا: الحل اللاحل.

هذا الحل هو كرة الثلج التي تجعل المكنة المتوفرة على الأرض، ما يقول به باشا آغا، ويردده الفائز السراج: العودة الميمونة إلى حال ما قبل حرب طرابلس، أي كل يعيش في مربعه، ويطور دولته بدعم من الداعمين الحاليين للتحارب.

لكن إضافة، لمعرقل حالي دولي، كالغياب الايطالي والربكة التي يعيشها أردوغان، هناك معرقل داخلي، هو تمزق الغرب الليبي، الذي منه من يحارب تحت راية الجيش، أي لو عاد الجنرال حفتر من حيث أتي، فإن المتحاربين سيبقون هم أنفسهم، الغرب الليبي منقسم والحرب قائمة بين أطرافه، قيادة مدينة مصراته تقود جماعة، فيما قيادة مدينة ترهونة تقود مجموعة مضادة.

لذا الغرب الليبي في تحارب، منذ اندلاع ثورة فبراير وحتى الساعة، وكما هذا التحارب، أفشل المشروع القذافي الأخير للقبول بالتقسيم، هو معرقل رئيس للمشروع الحالي، ما يصدع به باشا أغا.

الأوضاع في ليبيا تسوء، والأوضاع الإقليمية تسوء، والدولية تتأرجح، فيما يخص المسألة الليبية، لهذا ليبيا في البرزخ، والتناقضات الحاصلة، تربك كل ناظر حصيف، فما على الطاولة يجعل أي أحد، كغسان سلامة يلعب النرد، فما بالك بالقارئ، الذي لا يملك غير العقل، في زمن تغييب العقل، والطائرات المجهولة، و تغريدات التويتر، والإرهاب الدولي المجهول الهوية، وصبَ البنزين على النار، من كل أحد ولا أحد.أقول هذا وفي برلين الدول السبعة، تعد للمؤتمر الدولي الذي دعت إليه هذه المجوعة، وما أكثر ما دار ويدور حول ليبيا، كصرخة في واد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115