وشكل المواجهة القادمة وتوقيتها ، خاصة بعد تأكيد حزب الله على لسان نائب امينه العام الشيخ نعيم قاسم في تصريح امس بان جماعة حزب الله اللبنانية سترد على إسرائيل بعد سقوط طائرتين مسيرتين في الضاحية الجنوبية لبيروت، لكنه استبعد أن تندلع حرب جديدة. واكد قاسم ان «الأجواء هي أجواء رد على اعتداء… وكل الأمور تتقرر في حينها»
لقد عرفت المنطقة في الآونة الأخيرة استهدافات إسرائيلية متكررة على سوريا في اطار الصراع الدائر على النفوذ ومحاولات إسرائيل ضرب المحور الإيراني والمقاومة في المنطقة بضوء اخضر امريكي وبمباركة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب . لكن الجديد في الضربات الأخيرة التي استهدفت مركزا حيويا في «عقربا» جنوبي سوريا تابعا لـ»فيلق القدس» الإيراني، وكذلك استهداف طائرتين مسيرتين للمكتب الإعلامي لـ«حزب الله» ، هو تزامنها مع مواعيد انتخابية حاسمة في الكيان الإسرائيلي . فلا يمكن فصل ما يحدث عن الدعاية الانتخابية التي يقوم بها بنيامين نتنياهو لربح المعركة من خلال ابراز القدرة على ضرب المقاومة اللبنانية وايران. كما ان البعض يعتبر هذه الغارات تأتي في اطار التشويش على المبادرة الفرنسية بشأن الملف النووي الإيراني ، وانها محاولة لاسقاط أي تسوية أوروبية وغربية قادمة بشأن هذا الملف بالطرق السلمية بعيدا عن الحرب .
واليوم تبدو المنطقة حبلى بالأحداث والتطورات فيما تحاول القوى الكبرى المؤثرة تغيير المشهد الجيوسياسي لصالحها وتكريس نفوذها. فهناك مسارات متعددة لتقسيم النفوذ ، تارة عبر فرض الحلول السياسية بالقوة مثل «صفقة القرن» بكل ما تحمله من مخاطر على المنطقة ومن تصفية للقضية الفلسطينية ومشروع المقاومة بكل اشكالها . او عن طريق اللجوء الى القوة والتصعيد العسكري من خلال اسرائيل .
وطوال الأعوام الماضية كانت سوريا ساحة الحرب بين «إسرائيل» وحلفائها من جهة وايران وحلفائها من جهة أخرى ولكن الغارات الأخيرة على لبنان والعراق تؤشر الى ان الاحتلال بصدد الشروع في استراتيجية مغايرة ترتكز على فتح جبهات جديدة لمحاربة ايران والمقاومة اللبنانية بشكل خاص والتي ظلت رأس الحربة في وجه الاحتلال منذ آخر حرب اندلعت بين الطرفين في جويلية من عام 2006 . ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف سيكون رد حزب الله وما هو شكل المواجهة القادمة .
يشار الى ان المجلس الأعلى للدفاع اللبناني أكد حق لبنان في الدفاع عن النفس «بكل الوسائل» بعد أيام من اتهام إسرائيل بإرسال طائرتين مسيرتين إلى الضاحية الجنوبية لبيروت وانفجار إحداها.واكد المجلس الأعلى للدفاع، الذي يضم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وعدداً من الوزراء والمسؤولين الامنيين، «حق اللبنانيين في الدفاع عن النفس بكل الوسائل ضد أي اعتداء، وهو حق محفوظ في ميثاق الامم المتحدة لمنع تكرار مثل هذا الاعتداء على لبنان وشعبه واراضيه».
وحتى رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري، الذي يعد أبرز خصوم حزب الله السياسيين في لبنان، كان موقفه واضحا واكد خلاله إن الهجوم الإسرائيلي «تقصد منه اسرائيل تغيير قواعد الاشتباك، ما يهدد الاستقرار». وذلك في انسجام مع موقف رئيس الجمهورية ميشال عون الذي اكد صراحة لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة حق لبنان في الرد .
وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله توعد بالرد على الهجوم «مهما كلف الثمن»، مشيراً إلى ان إحدى الطائرتين «ضربت مكاناً معيناً»، من دون أن يذكر أي تفاصيل إضافية عن الهدف. وتنذر التحركات الميدانية الإسرائيلية على طول الحدود مع لبنان وفي مرتفعات الجولان السوري بالتصعيد خاصة ان العدو الإسرائيلي أعاد امس انتشار قواته في مواقع حساسة على الحدود وسحب جنوده من نقاط مراقبة مكشوفة وحواجز أبرزها الحاجز الدائم على مدخل قرية الغجر عند مثلث الحدود اللبنانية السورية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ونقلت مصادر إعلامية عن مصدرين مقربين من حزب الله قولهما إن الحزب يجهز «لضربة مدروسة» ضد إسرائيل بحيث لا تؤدي الى حرب.
ويستبعد المراقبون إمكانية جرّ الأوضاع الى حرب شاملة وفق سيناريو حرب تموز 2006 باعتبار ان لا احد يستطيع تحمل فاتورة هذه الحرب الشاملة سواء لبنان او ايران وحتى الاحتلال الإسرائيلي الذي يحضر ساسته لمعارك انتخابية داخلية ستؤثر حتما على المعادلات الإقليمية المقبلة.