من جانبه ذكر المبعوث الدولي لدى ليبيا مارتن كوبلر في تقرير قدمه وعرضه على مجلس الأمن أنه لا بديل عن الاتفاق السياسي.
فيما أكد إبراهيم الدباشي ممثل ليبيا بالأمم المتحدة وجود مسؤولين في طرابلس يدعمون الإرهاب مضيفا أن حكومة الإنقاذ المسيطرة على غرب البلاد ليس لديها جيش. ما جاء على لسان الدباشي يؤكد أنه سوف يثير حفيظة حكام طرابلس لكنه الحقيقة والواقع فداخل ما يسمى بالمؤتمر الوطني سواء خلال شرعيته أو بعدها يوجد أمراء الحرب وقادة مليشيات 99 % منها تابعة لتيار الإسلام السياسي المتشدد. ونذكر هنا واقعة احتجاز السلطات المصرية للقيادي بغرفة الثوار أبو عبيدة الزاوي لارتباطه بعمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية وقتها ردت المليشيات باختطاف خمسة ديبلوماسيين مصريين دفعة واحدة مشترطة مقايضتهم بالقيادي المقبوض عليه في مصر وذلك ما حصل لاحقا أما المؤتمر الوطني فقد سارع بعقد جلسة طارئة وهدد القاهرة باتخاذ إجراءات ضدها في صورة عدم الإفراج عن أبو عبيدة الزاوي.
ما وقع مع مصر تكرر مع الجارة الثانية تونس فكلما أوقفت السلطات الأمنية والقضائية التونسية أحد أفراد المليشيات أو مسؤولين محليين من غرب ليبيا إلا وكان الرد اختطاف تونسيين سواء أفراد أو مجموعات بالعشرات لابتزاز السلطات التونسية وآخر عملية من هذا النوع هي إيقاف رئيس بلدية صبراتة حسين الذوادي المتهم من الدولة التونسية بالضلوع في عمليات تجنيد وتسفير الشباب التونسي إلى مواقع التوتر مثل سوريا والعراق وغيرهما..
وارتباط الذوادي بالتنظيم الإرهابي «داعش» وخاصة نكران تواجده في صبراتة قبل الغارة بيومين أحرج حكومة طرابلس أمام الرأي العام المحلي والدولي ولذلك تسربت معلومات مقربة من النيابة العامة عن استدعائه للتحقيق معه حول تواجد تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة الراجعة إليه إداريا أي صبراتة. إضافة إلى تعاطف عدد كبير من أعضاء المؤتمر الوطني ودعمهم المباشر وغير المباشر للإرهاب. تواصل حكومة الإنقاذ صرف رواتب المليشيات دون انقطاع وهذا ما لم تنفه الحكومة وأكدته جهات رسمية دولية مثل صندوق النقد الدولي. دار الإفتاء ممثلة في شخص مفتي الديار الليبية الشيخ الصادق الغرياني وقفت دوما إلى صف المتشددين حتى أنهها كفّرت ضباط جيش الكرامة وقبل مجيء حكومة الإنقاذ قامت المليشيات المتشددة باختطاف رئيس الحكومة السابق علي زيدان وحينها اتهم زيدان عضوين بالمؤتمر أحدهما محمد الكيلاني وهو متشدد إسلامي قُتل فيما بعد في معارك ورشفانة.
المحصلة أن حكومة طرابلس ليس لديها جيش وإنما مليشيات تجمعت تحت مسمى فجر ليبيا وهو الذي تصدّع مع بداية تقدم الحوار السياسي واقتراب التسوية السياسية وعلى الرغم من تواجد شبه هيكلة للمؤسسة العسكرية من وزارة الدفاع ورئاسة أركان عامة فإنها تبقى شكلية فالأشخاص الذين يحملون الرتب العليا في أغلبهم جاؤوا من خارج الجيش ولا يفقهون في القانون العسكري شيئا حتى أنه على باب مكتب الضابط فلان توجد لافتة مكتوب عليها «الشيخ فلان» وهم كلهم - أي الضباط - ملتحون وزمن النظام السابق كانوا في السجون أو ضمن تنظيم القاعدة في أفغانستان. هذا المشهد في العاصمة وباقي المدن الغربية أما على الحدود فالوضع لا يختلف كثيرا فكل مليشيا لها منطقة نفوذها وليست ملزمة بالرجوع إلى رئاسة أركان طرابلس تحت أي ظرف من الظروف حتى عندما يتعلق الأمر بمحاربة «داعش» الإرهابي فعند مواجهات صبراتة الأخيرة والمتواصلة حاليا لم يأت أي مدد من طرابلس وإنما قدمت مجموعات مسلحة من غريان والزاوية.
تداعيات ضعف الجيش
بداهة ومع غياب مؤسسة عسكرية مفعّلة وقائمة أو حتى وجود جيش شبه نظامي غرب ليبيا سوف يثقل كاهل دول مثل تونس والجزائر إلى حد كبير، وضعٌ جابهته تونس بإقامة ساتر ترابي وخندق لمنع تسلل الإرهابيين في اتجاه الداخل التونسي.
غير أن ذلك لم يمنع حصول عمليات تسلل ليس لأفراد أو مجموعات مترجلة فحسب بل لسيارات كما حدث مساء أول أمس. حيث تمكن الإرهابيون من التوغل في الأراضي التونسية لمسافة تفوق 30 كلم وبلغوا مشارف مدينة بنقردان ذات الموقع الاستراتيجي وفي انتظار استكمال التحقيقات في الغرض يخشى مراقبون أن تكون العملية الارهابية التي قام بها تنظيم «داعش» بمثابة جس نبض للجيش والأمن التونسيين واختبار مدى الجاهزية لديهما.