في رصد آخر تطوّرات الانفجار والتداعيات الخطيرة التي قد تنجر عن حادثة بهذا الحجم .ويربط متابعون ماشهدته روسيا (رغم محاولات السلطات الروسية التقليل من خطورة ماحصل) بما يعيشه العالم من سباق تسلح محموم قد يؤدي بالعالم إلى الهاوية .
وفي خضم حملة التشكيك الدولية والتقارير المتحدثة عن التداعيات الخطيرة للانفجار الذي هز قاعدة عسكرية وخلف مقتل 5 عناصر من الوكالة النووية خلال إطلاق صاروخ يعمل بالطاقة النووية في منشأة عسكرية في منطقة القطب الشمالي، في خضم ذلك أعلنت روسيا، أمس الثلاثاء، أن مستويات الإشعاع ارتفعت من 4 إلى 16 مرة في مدينة سفرودفنسك، التي شهدت انفجارا في قاعدة عسكرية الخميس الماضي. وأعلنت وكالة «روساتوم» أن الحادث وقع أثناء اختبار صاروخ على منصة بحرية قبالة سواحل منطقة «أرخانغيلسك» في أقصى الشمال الروسي. وقالت وزارة الدفاع في بادئ الأمر إن مستوى الإشعاع ظل طبيعيا، لكن الزيادة في مستويات الإشعاع المسجلة في مدينة قريبة دفعت خبراء نوويين مقيمين في الولايات المتحدة للاشتباه في أن التجربة الفاشلة تضمنت صاروخ كروز يعمل بالطاقة النووية.وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على موقع تويتر إن الولايات المتحدة «تتعلم الكثير» من الانفجار.
وانتهجت السلطات الروسية في البداية مسارا إنكاريا ولم تدل السلطات الرسمية بمعلومات واضحة في الحين إلا أنّها أقرت يوم السبت بأن الحادث نووي، علما وأنّ الانفجار أدى في البداية إلى ارتفاع وجيز في مستوى النشاط الإشعاعي. وجاء اعتراف الحكومة الروسية بطبيعة الانفجار بعد ساعات من نشر صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرا يفيد بأنّ المسؤولين في الولايات المتحدة يشتبهون أن الانفجار الذي وقع قبالة السواحل الشمالية الروسية، هو انفجار نووي جديد.
وبعد الحادث أعادت وسائل إعلام دولية التذكير بتفجير كارثي شهده الاتحاد السوفياتي قبل أكثر من 33 عاما وهو أسوأ حادث نووي مدني في مدينة تشيرنوبيل (أوكرانيا)، حيث أسفر انفجار عن مقتل 30 شخصاً في 26 افريل من عام 1986، كما نجمت عنه مئات الأمراض الأخرى المرتبطة بالحادث. ولا تزال الحصيلة الدقيقة غير معروفة. وحاولت السلطات السوفياتية في البداية تغطية الكارثة والتقليل من أهميّتها.
كما تتزامن هذه الحادثة مع انسحاب واشنطن رسميّا من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى مع روسيا يوم 2 أوت الجاري ، وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكيّة بصفة رسميّة انسحابها من المعاهدة، التي أبرمت عام 1987 إبان الحرب الباردة.وقالت إدارة البيت الأبيض أنّ «انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة يبدأ مفعوله اليوم»، مشيرا إلى أنّ «روسيا هي المسؤول الوحيد عن انتهاء المعاهدة».
سباق تسلح دولي
وطفت إلى السطح موجة من الانتقادات والشكوك الدولية عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن انسحاب بلاده من معاهدة تاريخية للأسلحة النوويّة مع روسيا بدعوى انتهاك موسكو لمعاهدة القوى النووية متوسطة المدى.هذا الانسحاب الأمريكي قد يفتح جبهة صدام جديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في وقت تتّسم فيه العلاقات بين البلدين باحتقان
وتوتّر مستمرين. وتقضي المعاهدة الدولية التي وقعت بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكيّة عام 1987 بحظر تصنيع الصواريخ متوسطة المدى التي تطلق من قواعد أرضية بمدى يتراوح من 500 إلى 5,500 كيلومتر.
ويرى مراقبون أن الخطوة الأمريكيّة كانت متسرّعة إذا لم تسبقها مفاوضات بين الجانبين ، كما تؤكد كافة المؤشّرات أنّ الجانب الأمريكي اعتمد في قراره على عدة عوامل أخرى لمهاجمة الطرف الروسي بدءا بالدور الروسي الذي تلعبه موسكو في سوريا والتقارب الصيني الإيراني الروسي وأيضا أزمة ضم شبه جزيرة القرم وما خلفته الخطوة من عزلة اقتصادية حادة فرضها الغرب ضد موسكو . ولعل الأهم في التهديد الأمريكي هو وجود مخاوف كبيرة لدى إدارة ترامب من اكتساب روسيا قدرة صاروخية تتيح هذه لها شن هجوم على دول في حلف الناتو خلال فترة قصيرة وهو ما اعتبرته واشنطن انتهاكا صريحا للاتفاق المبرم منذ 31 عاما . وقد نفت روسيا أنها انتهكت الاتفاقية، لكنها لم تتطرق لهذه الصواريخ.
ولئن يرى مراقبون أن الانسحاب الأمريكي من المعاهدة المثيرة للجدل لا يعني بالضرورة حربا قائمة بين البلدين إلاّ انه سيفتح دون شك الباب أمام سباق تسلح خطير بين الدول العظمى سيحمل تداعيات خطيرة على الجانبين وحلفائهما من جهة أخرى .وعلى صعيد متصل تتشاور الولايات المتحدة مع حلفائها، فيما تمضي قدما في خطط نشر صواريخ متوسطة المدى في آسيا، وهي خطوة تقول الصين إنها سترد عليها بتدابير مضادة.وتقول واشنطن إنها تخطط لنشر هذه الأسلحة في منطقة آسيا والمحيط الهادي، عقب انسحابها من معاهدة القوات النووية المتوسطة المدى.
ويؤكد خبراء ان العالم اليوم يعيش على وقع سباق تسلح منقطع النظير خاصة في ظل تغير التحالفات الدولية وظهور تحالفات ومقاربات ستؤثر على أسس النظام الدولي وركائزه.