الدول الكبرى تدعو إلى وقف القتال في ليبيا: هل حان وقت الحل السياسي؟

أصدرت أمس الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وايطاليا و مصر والإمارات بيانا مشتركا دعت فيه إلى خفض التصعيد فورا ووقف القتال الحالي،

والعودة الفورية إلى العملية السياسية التي تجري بوساطة الأمم المتحدة».محذرة من أن القتال «فاقم من حالة الطوارئ الإنسانية» وزاد من تدهور أزمة المهاجرين.

صحيح أن الدعوات إلى وقف القتال في ليبيا ليست جديدة على الأزمة الليبية إلا انها بقيت مجرد حبر على ورق، فليست أطراف القتال في الداخل الليبي وحدها من ينسف أية مبادرة لحل الأزمة بل إن القوى الخارجية نفسها المؤثرة في الملف الليبي لها مواقف مزدوجة . فعلى المستوى الرسمي هي لا تكف عن دعوة الفرقاء الليبيين إلى الحوار، وفي السر تتحدث التقارير عن المساعدات العسكرية التي يتلقاها أمراء الحرب في ليبيا من حلفائهم الخارجيين لتدعيم مواقعهم في الداخل .

العودة للحوار
اليوم من الواضح انه بعد إخراج القوات الموالية للواء خليفة حفتر من مدينة غريان الإستراتيجية، بات الحل السياسي اقرب إلى الواقع وهذا ما دفع الموفد الأممي غسان سلامة، للدعوة مجددا للعودة إلى مائدة التفاوض. ويبدو أن زيارته إلى الإمارات ستكون فاتحة جولته الجديدة من المباحثات من اجل إعادة الحل السياسي إلى طاولة التفاوض ، وقد أعلنت خلالها الإمارات -وهي من أهم داعمي حفتر –على أهمية الحل السياسي وإيقاف الحرب فورا .

فبعد قرابة ثلاثة أشهر ونصف من إطلاق عملية طوفان الكرامة في طرابلس لم يتمكن حفتر من حسم المعركة لصالحه . أضف إلى ذلك هزيمته في غريان مما يؤشر إلى أنّ ليبيا قد تدخل مرحلة الحل السياسي بعد رمي كل الأطراف أوراقها العسكرية جانبا . وتسعى حكومة الوفاق للاستثمار في تقدمها الميداني في مدينة غريان الإستراتيجية لحسم الأمور لصالحها .
واعتبر البعض أن عملية طوفان الكرامة نسفت الحل السياسي والعملية السياسية برمتها خاصة أنها جاءت أياما قبل الموعد المقرر آنذاك قبل عشرة أيام من انطلاق اجتماعات غدامس التي كانت مقررة بين 14 و16 افريل الماضي . وكانت شرائح ليبية واسعة تنظر إلى هذا الملتقى الذي كان سيجمع أكثر من 150 شخصية ليبية من مختلف المدن باعتباره يشكل لبنة أساسية لإرساء الحل السياسي على قاعدة الوفاق . ولكن بعد التطورات العسكرية الأخيرة هل تسير الأمور باتجاه الحل السياسي وإعادة جدولة لقاء جديد يجمع الليبيين بعد أن فشل الليبيون في اللقاء في غدامس في وقت سابق.

في الحقيقة هناك عديد المؤشرات التي تتحدث عن حالة من اليأس من الحل العسكري لدى شرائح ليبية واسعة ، وحتى في المنطقة الشرقية التي تعتبر الداعم الرئيسي لقوات حفتر فان هناك خشية من أبناء المنطقة من انخراط أبنائهم في القتال العبثي وفي لعبة الصراعات السياسية والانقسامات المناطقية التي لم تؤد إلا إلى مزيد من الدمار والاقتتال. وتشير الأرقام إلى أن المعارك الأخيرة في طرابلس حصدت أكثر من 1100 قتيل .

ماذا بقي من الأوراق العسكرية؟
وبالرغم من الخسائر الأخيرة إلا أن حفتر ما زال يمتلك عديد الأوراق العسكرية. وتؤكد عديد التقارير ان الرجل يتطلع إلى كسب دعم اهالي وقبائل مدينة «بني وليد» الإستراتيجية في غرب ليبيا، والتي لا تبعد عن العاصمة سوى 180 كلم . وهي تعد معقل قبائل الورفة التي تعد إحدى أكبر قبائل الغرب الليبي. والمعلوم ان هذه المدينة بعد أن تعرضت للحصار من قبل كتائب مدينة مصراتة عام 2012، اختارت البقاء على الحياد. واستطاع حفتر مؤخرا ان يستميل بعضا من أبنائها للقتال إلى جانبه.

ويعتبر الباحث والمحلل السياسي الليبي عصام زبير لـ «المغرب» أن حفتر خسر ورقته العسكرية ولكن الآن لجأ إلى التصعيد الإعلامي لخلق انتصارات زائفة ومنها الحديث عن الدخول للعاصمة وأيضا إعادة مدينة غريان تحت سيطرته لكي يرفع معنويات جنوده ومؤيديه الذين باتوا يتقلصون في الاعداد ، فخط إمداداته أضحى بعيدا عن العاصمة واضحى التقدم للعاصمة صعبا بعد انكساره في غريان وهروب قيادته العسكرية والسيطرة على مركز قيادته في غريان . وكما أن حفتر فقد الأرضية الشعبية له في غريان وجبل نفوسة فلا تأييد له واضح ومعلن ، وزد على ذلك تفجير مقبرة الهواري وهروب العديد من الذين كانوا معه الى طرابلس» .
ويضيف محدثنا أن مؤشرات الحل السياسي عديدة منها التلويح بتشكيل بحكومة وحدة وطنية جديدة وما جلسة مجلس النواب في القاهرة إلاّ دليل على ذلك.

والواضح بان الإمارات فقدت الثقة بان يتمكن حفتر من فرض الحال العسكري وتدفع الآن بحكومة العارف النايض. والواضح أن بيان الدول الكبرى مع الإمارات ومصر يسير في هذا الاتجاه «. فبعد الحروب التي عرفتها البلاد وبعد أكثر من ثماني سنوات من الاقتتال ومن العنف والدمار ، يبدو الليبيون اليوم أحوج ما يكون إلى إعلاء صوت الحكمة والعقل لإنهاء هذه الأزمة العبثية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115