في خطوة لاقت ترحيبا امريكيا . وعلّلت لندن قرارها بخرق طهران للعقوبات الدولية باعتبار أن الناقلة العملاقة كانت تتجه نحو سوريا. ويأتي هذا التصعيد بين اوروبا من جهة وإيران من جهة اخرى في وقت تعيش فيه منطقة الخليج العربي توترا غير مسبوق مؤخرا بعد أن تعرضت عدد من الناقلات الى هجمات مجهولة وجهت اثرها اغلب الدول اصابع الاتهام نحو طهران.
ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي احتجاز ناقلة النفط بأنه «قرصنة»، لا تستند إلى أي قاعدة في القانون الدولي. وطالب بالإفراج عن الناقلة «غريس 1» فورا وتمكينها من مواصلة رحلتها. كما هدد قائد بالحرس الثوري الإيراني امس الجمعة باحتجاز ناقلة بريطانية ردا على احتجاز مشاة البحرية الملكية البريطانية ناقلة نفط إيرانية عملاقة في جبل طارق.
وقال محسن رضائي على تويتر «إذا لم تفرج بريطانيا عن ناقلة النفط الإيرانية سيكون على السلطات (الإيرانية) واجب احتجاز ناقلة نفط بريطانية».وأعلنت تقارير اعلامية ان السلطات البريطانية دعمت سلطات جبل طارق على احتجاز الناقلة العملاقة بتعلة وجود أدلة على أنها كانت في طريقها إلى سوريا وتحديدا الى مصفاة «بانياس» السورية، وهو مايعتبر خرقا لعقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة ضد سوريا منذ 8 سنوات والتي تشمل حظرا ماليا وتجاريا بالإضافة الى عقوبات اخرى على علاقة بالمواصلات والنقل. وفي تصريح لمستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون امس الجمعة أن توقيف ناقلة النفط الإيرانية التي كانت متوجهة إلى سوريا في جبل طارق «خبر ممتاز». وتابع بولتون «أمريكا وحلفاؤنا
سيواصلون منع نظامي طهران ودمشق من الإفادة من هذه التجارة غير القانونية»، من دون أن يؤكّد ما إذا كانت الولايات المتحدة طلبت اعتراض الناقلة.
وتفتح هذه التطوّرات الباب أمام صدام جديد بين طهران وحليفيها روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين من جهة أخرى. ويرى مراقبون أنّ الخطوة الاخيرة تندرج ضمن المساعي الغربيّة للردّ على اعلان طهران الزيادة في تخصيب اليورانيوم وبالتالي خرقها للاتفاق النووي المبرم عام 2015 بينها وبين الدول الكبرى.
توتر متصاعد
وتضاف هذه التطورات الى الهجمات التي استهدفت ناقلتي نفط في خليج عمان قبل اسابيع قليلة ، لتزيد من تفجر الاوضاع في الشرق الاوسط بعد أن ألقت واشنطن باللوم فيها علىإيران ما خلف ردود فعل متضاربة.والى الان تستمر التحقيقات لمعرفة الجهة التي تقف وراء الهجوم الذي استهدف ناقلتي نفط الاولى يابانية والثانية نرويجية بخليج عمان وسط اتهامات
لطهران بالضلوع في الهجمات.
وتسعى أمريكا ومن خلفها اوروبا -وفق مراقبين- الى استغلال الحادثة لمهاجمة إيران مُجددا وتوجيه الاتهامات لها بالوقوف وراء الهجمات ما يسمح لها ببناء إجماع دولي ضدّ طهران، وتأتي حادثة احتجاز ناقلة النفط الايرانية بتهمة خرق العقوبات المفروضة على سوريا لتضاف الى سجل الاتهامات التي تحاول الدولية الاوربية تطويق ايران بها .
ورغم أنّ طهران نفت الاتهامات التي توجهها لها أمريكا ، إلا أنّ الغرب تشبثوا باتهاماتهم ضد ايران معتبرين انها المستفيد الوحيد مما حصل.وتحشد امريكا منذ اشهر عتادها وجنودها في الشرق الاوسط تأهبا لشن ضربة عسكرية وهو طرح ينقسم ازاءه الرأي العام الدولي بين مؤكد وناف . اذ يرى شق من المتابعين ان الحديث عن قرب شن ضربة عسكرية ممكن في حال سحبت امريكا كافة قواتها من الخليج لا العكس لتعتمد في حربها ضد ايران على حلفائها في المنطقة وتكتفي بالطلعات الجوية كدعم ومساندة .
ولطالما ساندت بريطانيا الاتهامات الامريكية لطهران خاصة وان الجانب الامريكي يسعى جاهدا لحشد الدعم لأي تحرك متوقع ضد ايران سواء اقليميا او دوليا.
على صعيد متصل يرى مراقبون أن الحرب بين امريكا وإيران اتخذت بعدا اقتصاديا ،وتركزت خاصة على النفط وعلى اهم نقاط توزيعه وذلك عبر محاولة اتخاذ اهم مضيقين في المنطقة وهما مضيق هرمز ومضيق جبل طارق كورقة ضغط متبادل بين الطرفين.
وكلما توترت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وايران ولاحت نذر المواجهة بينهما تعلن إيران أن مضيق هرمز الذي يمر عبره ثلث امدادات العالم لن يكون آمناً مهددة بغلقه في وجه كل السفن التي تمر عبره ما يمثل ضربة خطيرة للاقتصاد الدولي.
ويقع المضيق في جنوب الخليج ويفصله عن مياه خليج عمان وبحر العرب. يحده من الشمال إيران ومن الجنوب سلطنة عمان.يحمل المضيق اسم جزيرة هرمز التي تقع في مدخله وكانت في القرن السادس عشر مملكة تخضع لحكم أسرة عربية من عمان، ونجح البرتغاليون في احتلالها عام 1515، وفي عام 1632 استطاعت القوات البريطانية والفارسية المشتركة طرد البرتغاليين منها، وهي تتبع لإيران منذ ذلك الوقت.ويمر حوالي 40 في المائة من الانتاج العالمي من النفط عبر مضيق هرمز .
ولا تقل اهمية مضيق جبل طارق عن أهمية مضيق هرمز مايجعل المشهد الدولي اليوم متفجرا في ظل حرب الضغوطات التي يمارسها طرفا النزاع الغربي الايراني.