الغارات 44 قتيلا وأكثر من 130 جريحا بعد أن استهدفت مركزا لاحتجاز المهاجرين في مدينة تاجوراء. وخلفت الغارات ردود فعل دولية غاضبة اذ وصفت منظمات دولية الهجمات بجريمة الحرب نظرا لاستهدافها لعدد كبير من المهاجرين الموجودين في مركز الاحتجاز. وتشير تقارير رسمية وإعلاميّة أنّ معظم القتلى من الأفارقة، الذين تم احتجازهم وهم يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر المعابر البحرية من ليبيا.ويتم احتجاز الالاف من المهاجرين غير الشرعيين من مختلف الجنسيات في مراكز احتجاز تشرف عليها وتديرها الحكومة بدعم اوروبي أممي.
ويقع مركز الاحتجاز في مدينة تاجوراء، التي تقع شرقي وسط طرابلس ويضم أكثر من 600 مهاجر. كما تعرف المدينة الليبية باحتضانها لعدد كبير من الكتائب والميليشيات المسلحة التي تشارك في الحرب التي تعيش على وقعها العاصمة طرابلس منذ اشهر.
وخلفت الغارات الدامية ردود فعل دولية مستنكرة ومنددة لاستهداف المدنيين اذ ندد مبعوث الامم المتحدة الخاص الى ليبيا غسان سلامة امس الاربعاء بالغارة الجوية التي استهدفت مركزا للمهاجرين في تاجوارء قرب العاصمة طرابلس، معتبرا أن ما حصل «يرقى الى مستوى جريمة حرب».وقال سلامة في بيان «ان هذا القصف يرقى بوضوح إلى مستوى جريمة حرب إذ طال على حين غرة أبرياء آمنين شاءت ظروفهم القاسية أن يتواجدوا في ذلك المأوى»، داعيا المجتمع الدولي «لإدانة هذه الجريمة وإلى تطبيق العقوبات الملائمة على من نفذ هذه العملية بما يناقض، وبشكل صارخ، القانون الإنساني الدولي».
وعلى صعيد متصل اعلنت وسائل اعلام سقوط قتلى وجرحى من المدنيين في ضربة جوية نفذتها طائرات تابعة لحكومة فايز السراج استهدفت منطقة سيدي السائح جنوبي العاصمة الليبية طرابلس ، في تطور ميداني خطير يأتي على وقع العملية العسكرية الدائرة بين قوات مايعرف بالجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج. وعقب الغارات التي وقعت ليل الثلاثاء ،وتبادلت كل من قوّات الجيش بقيادة حفتر والقوات الموالية لحكومة الوفاق بقيادة السراج الاتهامات بالضلوع في الهجوم فيما عبرت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن «قلقها البالغ من روايات عن وفاة لاجئين ومهاجرين». فيما لم تعرف الى الان الجهة الضالعة في الغارة كما لم تتضح حتى الآن الجهة التي تنتمي إليها الطائرات التي شنت الغارة.
ابعاد وتداعيات
وتأتي الغارة بعد أيّام من الإعلان قوات حفتر قرب شنّها غارات كثيفة على أهداف في العاصمة طرابلس بعد أسابيع من تأجيل الحسم في الحرب المندلعة منذ اشهر وسط كر وفر بين الجهتين . يشار الى أن المشهد السياسي المضطرب في ليبيا منذ سنوات طويلة رافقه تزايد وتيرة الهجرة غير الشرعية عبر ليبيا باتجاه الدول الأوروبية ، ورغم المحاولات المحلية والإقليمية والدولية للحد من تفاقم هذه الظاهرة تبرز تقارير وإحصائيات دولية انه رغم تراجع اعداد المهاجرين غير الشرعيين الاّ ان الغرب بالتعاون مع الدول المعنية لم ينجح في القضاء على هذه الظاهرة خاصة وان اعداد المهاجرين الذين تم انقاذهم كبيرة جدا ،ما يزيد من التأثيرات السلبية للهجرة غير الشرعية خاصة في ظل عدم وجود سياسة دولية مشتركة لاستقبالهم او توزيعهم على الدول او حتى ارجاعهم الى الدول التي جاؤوا منها.
وقد أبرزت منظمات وجماعات حقوق الإنسان على مدار السنوات السابقة الظروف السيئة التي يتعرض لها المهاجرون في مراكز الاحتجاز، حيث ينتهي المطاف بكثير منهم في مراكز الاحتجاز في انتظار ترحيلهم الى دولهم الأصلية .
وأثارت التطوّرات الميدانية ردود فعل دولية حادة إذ قال الاتحاد الأوروبي، امس الاول الأربعاء، إن القصف الذي استهدف مركزا لإيواء المهاجرين قرب طرابلس الليبية، أمر لا يمكن قبوله.
جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيدريكا موغريني، والمفوض المكلف بسياسة الجوار ومفاوضات التوسع، يوهانس هان، ومسؤول شؤون الهجرة والجنسية في المجلس الأوروبي دميتريس أفراموبولوس.كما أدانت فرنسا الغارة الجوية .وقالت وزارة الخارجية «إثر هذه المأساة، تدعو فرنسا مجددا الأطراف الى وقف التصعيد فورا ووقف المعارك».ومن جهتها دعت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين،امس الأربعاء، إلى وضع حد فوري لإعادة المهاجرين الذين يحاولون عبور «البحر المتوسط» إلى ليبيا.
كما عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة في وقت متاخر امس الأربعاء مخصصة للأزمة الليبية. وأوضح مصدر دبلوماسي أن الاجتماع سيُعقد بشكل مغلق وقد أُضيف إلى جدول أعمال المجلس بمبادرة من البيرو التي تتولى رئاسة المجلس لشهر جويلية.
معضلة الهجرة
يعود ملف الهجرة غير الشرعية ليكون من جديد محور الاحداث سواء في أوروبا أو في الداخل الليبي نظرا لأهميّة هذا الملف وعدم قدرة الأطراف الدولية على إرساء آلية ناجعة للحدّ من هذه الظاهرة التي اجتاحت سواحل القارة الأوروبية وأودت بحياة الآلاف . اذ لطالما مثلت ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر السواحل الليبية باتجاه الدول الاوروبية معضلة وهو ماتسبّب في آلاف القتلى من الجنسيات المختلفة ممن يحلمون بمستقبل افضل ، بالإضافة الى تراكم معضلات أخرى ارتبطت بتهريب البشر والسلاح وما يعانيه المهاجرون من ظروف إنسانية سيئة للغاية تؤدي بهم في نهاية المطاف الى الموت غرقا . وبالإضافة الى مشاكل الهجرة وتأثيراتها يرى مراقبون ان هذا الملف يضاف اليه التطورات العسكرية الاخيرة التي تشهدها العاصمة طرابلس والتي لاتزال مجرياتها تتسارع يوما بعد يوم، سيكون لها تأثيرات كبيرة على المشهد السياسي الليبي خصوصا مع اندلاع اشتباكات يوم امس وقصف متبادل بين الطرفين.