منبر: الصفعة الأخيرة على وجه أردوغان

نادراً ما تتحول الإنتخابات المحلية في أي بلد إلى شأن إقليمي ودولي، إذ تحولت الإنتخابات المحلية التركية الى إهتمام إعلامي وسياسي واسع، فإنقسم

الرأي العام خارج تركيا وداخلها بالدرجة نفسها تقريباً ، فحساسية الإنتخابات بالنسبة الى حزب العدالة والتنمية أنها تجرى في ظل ظروف بالغة الصعوبة، فالنظام التركي أصبح محاصرا بالمشاكل والأزمات، خاصة بعد تراجع المؤشرات الاقتصادية بسبب سياسات أردوغان، وسوء إدارته للملف الاقتصادي أما خارجياً فإن سياسة أردوغان أمام تحديات كثيرة بفعل التطورات الإقليمية والدولية، حيث تتعثر خطوات أنقرة على الساحة السورية، بعد إنقلاب الدفة لصالح الجيش العربي السوري، فضلاً عن الاتهامات التي تتردد بشأن علاقة أنقرة بتنظيم داعش ودعمها ومساندتها له، كما فشلت تركيا في سياسة عدم خلق خلافات مع دول الجوار إذ تعاني من نوع من العزلة الإقليمية .

في هذا السياق فشل رهان الرئيس التركي أردوغان في استعادة إسطنبول من «حزب الشعب الجمهوري»، بعدما طعن بنتائج الاقتراع الأول الذي جرى في 31 مارس الماضي، بحجة حصول مخالفات وتجاوزات مختلفة وقد فتحت هذه الخسارة العديد من التساؤلات التي تردد صداها مؤخرا في الأوساط التركية المختلفة، والتي تتعلق بمستقبل الرئيس أردوغان السياسي.

في السياق ذاته لم يكن فوز إمام أوغلو خبراً مفاجئاً للمتابعين في الأوساط السياسية والدولية إذ إن جميع استطلاعات الرأي التي جرت خلال الفترة السابقة أشارت إلى تقدم إمام أوغلو، وهذا الفوز يضع علامات استفهام كثيرة حول مسار انتخابات 2023 أي أنها ستكون صعبة للحزب الحاكم، بمعنى أن المعارضة التركية لن تسمح للرئيس أردوغان وحزبه بالتفرد بالسلطة بعد الآن، كما تعطي مزيدا من الزخم والاهتمام لرئيس الوزراء الأسبق داود أوغلو، وستدفعه بشكل كبير إلى تشكيل حزب جديد في ظل تراجع حزب العدالة والتنمية في تركيا.

إن الحرب على سوريا لم تعد ذات مردود إيجابي للأنظمة والحكومات التي رعتها، كونها حرب معقدة ذات أبعاد دولية وإقليمية حيث يأكل فيها كل طرف خارجي نصيبه من حصاد السم الذي زرعه على مدى السنوات الماضية في سوريا، بالرغم من أن تركيا إنخرطت في مشروع إسقاط النظام في سوريا، على أمل تحقيق إختراق في الخريطة الإستراتيجية في المنطقة، فإنها تشعر الآن إن إستثمار مليارات الدولارات ووضع ثقل السياسة التركية وراء هذا المشروع معرّض للزوال، على ضوء إعادة العديد من الدول مراجعة سياساتها حيال تطورات هذا البلد. إضافة إلى ذلك ثمة تخبط واسع في داخل أنقرة حيال التعامل مع حقيقة تورطها في لعب دور سلبي في سوريا، وإنطلاقاً من ذلك فإن حزب العدالة والتنمية لم يعمل أي عمل من أجل تحسين صورته ليكسب المزيد من الأصوات في الإنتخابات البرلمانية ، بالتالي ثمة سيناريوهات قوية في أن يؤدي تكرار فشل أردوغان في الإنتخابات القادمة إلى تصدع كامل في صفوف حزبه الحاكم وخاصة بعد تراجع شعبيته في هذه الإنتخابات ، وهي فرصة لخصوم أردوغان للإجتماع مجدداً بعدما أثبتت التجربة السابقة أنه بإمكانهم حجز حصة مؤثرة في الإنتخابات وتغيير مسار البلاد السياسي بشكل كبير.

مجملاً...إن هزيمة حزب «العدالة والتنمية» في انتخابات أسطنبول يمثل الصفعة الثانية للنظام التركي، وهذه الانتخابات تعني فتح صفحة جديدة وهي بداية مرحلة انحدار في شعبية أردوغان أي أن هناك أيام عصيبة تنتظر الرئيس أردوغان، ومن هذا المنطلق يجب على تركيا أن تتأهب لمرحلة جديدة، فإضطراب الأوضاع في تركيا مسألة وقت، وأن النار تحت الرماد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115