باعتبارها قضية عالمية تتعلّق بحقوق الإنسان خاصة وأن الأطفال يعتبرون من الفئات الهشّة و دخولهم معترك الحياة العملية في سنّ دون 18 سنة وخاصة في المجالات المصنفة خطرة عليهم تؤثر حتما على صحتهم البدنية والنفسية،بالنسبة إلى تونس فهي ليست بمنأى عن هذا الإشكال الذي لم يصل بعد إلى مستوى الظاهرة ولكن لا بدّ من التصدي له تشريعيا وواقعيا.
تشغيل الأطفال يعتبر استغلالا اقتصاديا لهم والذي يجرّمه القانون الأساسي عدد 61 المؤرخ في 3 أوت 2016 والمتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر باعتباره شكلا من أشكال العبودية الحديثة وتعديا على حقوق الطفل.
«يحرمهم من الحلم»
احتفلت تونس بتاريخ 12 جوان باليوم العالمي ضدّ عمل الأطفال حيث احتضن شارع الحبيب بورقيبة وعلى امتداد يومين تظاهرة تحسيسية حول موضوع عمل الأطفال وذلك بالتنسيق والتعاون مع منظمة العمل الدولية،هذه الفعاليات انتظمت تحت شعار «تشغيل الأطفال يحرمهم من حقهم في الحلم».
من جانب آخر وعند الحديث بلغة الأرقام في ما يتعلق بتصنيف تونس لهذا الأشكال فقد أفاد توفيق الزرلي مدير ديوان وزارة الشؤون الاجتماعية في إحدى تصريحاته بأن نسبة تشغيل أو عمل الأطفال يمثل 9.7 % فقط مقارنة بالمعدلات السنوية العالمية التي فاقت 13 %، هذا وقد اعتبر الزرلي أن المكان الحقيقي للطفل هو المدرسة والنوادي الثقافية والرياضية داعيا إلى ضرورة تواصل هذه الحملة من اجل القضاء على مشكل تشغيل الأطفال في تونس. من جانبه، أفاد نبيل الوراري رئيس هيئة قيادة المخطط الوطني لمكافحة عمل الأطفال بمناسبة إحياء اليوم العالمي ضدّ عمل الأطفال أن حوالي 180 ألف طفل يتم تشغيلهم في تونس تتراوح أعمارهم بين 5 و17 سنة ،ثلثهم في الشمال الغربي.
ماذا على المستوى التشريعي؟
صادق مجلس نواب الشعب خلال جلسة عامة عقدت في جويلية 2016 على القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الاتجار بالأشخاص الذي من بين ثمراته الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر التي تترأسها روضة العبيدي وتضم فريقا ممثلة فيه عديد الوزارات المتداخلة من أهمها وزارة الداخلية، وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة المرأة وغيرها. هذا القانون يعتبر خطوة ايجابية وفي الطريق الصحيح نحو مقاومة ظاهرة الاتجار بالأشخاص التي من بينها تشغيل الأطفال،هذا النوع من الاستغلال يعتبر جريمة طبقا للمشرّع التونسي وقد سعت الهيئة إلى الوقوف على حقيقة الوضع من خلال الكشف عن عدد الأطفال الذين يتم استغلالهم اقتصاديا وجنسيا في تونس في تقريرها الأول لسنة 2018 والذي بلغ 377 طفلا أي بنسبة 48 % ،في ذات السياق وبالعودة إلى إحصائيات الثلاثي الأول من السنة الحالية فقد سجّلت الهيئة تراجعا ملحوظا في عدد الإشعارات المتعلقة بالاستغلال الاقتصادي والجنسي للأطفال مقارنة بالنساء والرجال وهو ما اعتبرته الهيئة مؤشرا ايجابيا.
أسباب عمل الأطفال والمراقبة
مشكل تشغيل الأطفال دون سنّ 18 ليس بالجديد في تونس على غرار بقية دول العالم ولئن تم سنّ عدد من التشريعات سواء تلك المتعلقة بحقوق الطفل أو قانون مكافحة الاتجار بالبشر إلاّ أنه لا يزال هناك أطفال يعملون في المجالات الخطرة ودون السنّ القانونية، في هذا الإطار ارجع مدير ديوان وزارة الشؤون الاجتماعية توفيق الزرلي أسباب تواصل هذا الإشكال إلى عدم قدرة متفقدي الشغل على التواجد بكل الأماكن ومراقبة كل مقرات العمل بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة لبعض العائلات التي تضطرّهم إلى تشغيل صغارهم على حدّ تعبيره.