الكاتب والمحلّل السياسي العراقي ثائر عبطان حسن لـ«المغرب»: «العالـم على أعتاب حرب العُملات وبداية النهاية للهيمنة الأمريكية»

قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي ثائر عبطان حسن لـ«المغرب» أن الحرب التجارية بين الصين وأمريكا لم

تكن في عهد الرئيس ( التاجر ) دونالد ترامب وليدة السنة الفائتة التي أعلن فيها ترامب بدء فرض ضرائب أمريكية على الواردات الصينية منتصف جوان عام 2018 التي تتجاوز الستمائة مليار دولار أمريكي وبنسب متفاوتة تصل حد ال 25 ٪ على البعض منها ، بل يمتد تاريخ تلك الحرب الى العام 1976 بعد وفاة ماو تسي تونغ وتولي دنغ هسياو بنغ مؤسس النهضة الصينية مقاليد الحكم في الصين الذي تخلى عن الأيديولوجية الشيوعية في إدارة اقتصاد الصين ، ووضع اللبنة الأولى لاقتصاد «رأسمالية الدولة» الذي وضع الصين خلال ثلاثة عقود في صدارة البلدان الأكثر تطوراً في العالم .

وتابع محدثنا أن الرئيس الأمريكي ترامب، والشركات المُتعددة الجنسيات والبنوك التي وقفت وراءهِ، كانت تُرِيد إيصال رسالة واضحة للشعب الأمريكي والحلفاء، بأن العدو الأخطر الذي يهدد المصالح الأمريكية وأمنها القومي، على الصعيد الإستراتيجي هو الصين، وليست روسيا كما يعتقد الحرس الكلاسيكي القديم وصقوره من الپنتاغون، ولهذا كان ترامب وفيا لوعودهِ في سحب قواتهِ العسكرية من أفغانستان وسوريا والعراق في حروبٍ لا طائِل منها كانت تستنزف الميزانية السنوية الأمريكية أكثر من مائة مليار دولار لم تجنِ منها أمريكا في النهاية سوى الويلات ودماء الآلاف من الجنود.. كما حدث في العراق على أقلّ تقدير .

واضاف محدّثنا «لا بدّ لنا هنا أن نعرف بأن العجز التجاري الأمريكي قد وصل العام السابق الى 800 مليار دولار ، وهذا العجز قابل للصعود اذا ما بقي الحال على ماهو عليه ، لذا كانت خطة ترامب في فرض ضرائب على الواردات الصينية لتقليل العجز التجاري الإجمالي السنوي ، وهذا ما يتعارض مع المصالح الإقتصادية للصين، لتُعلِن إجراءاتها بإتخاذ خطوات مُماثلة أزاء الواردات الأمريكية لتُعلِن استعدادها لمواجهة الحرب التجارية الأمريكية وبشكلٍ حازِم دفع ترامب للتراجع في أكثر من جولة ليُعيد ترتيب أوراقه والإستعداد الى نزالٍ جديدٍ آخر» .

وأكد الكاتب العراقي أن الصين تمتلك قدرة مناورة كبيرة في هَذِهِ الحرب الضروس تُمكنّها من الخروج منتصرة لإعتبارات عديدة أهمها ؛ إن الفائض التجاري السنوي للصين يبلغ 375 مليار دولار في الوقت الذي تعاني فيه الولايات المتحدة من عجز اجمالي يصل الى ثمانمئة مليار دولار .

واعتبر محدثنا أنّ التبادل التجاري بين الولايات المتحدة حتى عام 2018 يصل الى ستمائة مليار دولار صادرات الصين منها تبلغ 492 مليار دولار . ولا تزال الصين تحتفظ بالمرتبة الأولى من حيث إحتياطي الذهب العالمي، وهذا ما يجعل اقتصادها أكثر إستقراراً وثباتا على المدى المنظور والمتوسط . كما أنّ الولايات المتحدة تخوض حروباً تجارية متعددة على أكثر من جبهة مع حليفاتها الأوربيات وتركيا وكندا والمكسيك واليابان، ما يستنزف إحتياطياتها من العملة الصعبة، وهذا ما يخدم الصين التي تقاتل على جبهة واحدة ربما تكون رخوة، وهي الولايات المتحدة» على حد تعبيره .

واشار الى أن قوة الاقتصاد الأمريكي تكمن في إعتماد «الدولار» في سلّة التعاملات التجارية وبالأخص في مجال النفط والطاقة، وهي الأخرى بدأت تتدهور بعد الحرب التكنولوجية المعلنة من أمريكا على شركة «هاواوي» الصينية، والعقوبات الأمريكية على روسيا والصين وإيران، والتي تجلّت نتائجها واضحة في مُنتدى سان بيطرسبورغ الإقتصادي العالمي في روسيا وشاركت فيه عشرات الدول ومئات الشركات العالمية الكُبرى، وتم خلاله عقد صفقات بآلاف الـ«الروبيلات» الروسية بما يقارب ال 12 مليار دولار أمريكي.

وشدد الكاتب والمحلل السياسي ثائر عبطان حسن أن العالم على أعتاب حرب العُملات، والذي إذا ما إحتدم الصراعُ فيه، فإن الغلبة ستكون فيه لصالح الروبل الروسي والإيوان الصيني، وهو ما يؤشر بالتالي لبداية النهاية للهيمنة الأمريكية وأفول نجم إمبراطوريتها الاقتصادية والعسكرية التي استمرت لأكثر من قرن من الزمان .

وبخصوص تأثيرات هذه الحرب على الاقتصاد العالمي ،اكد محدثنا أنها ستترك آثاراً سلبية ومؤثرة على إقتصاديات الدول المرتبطة تجاريا بالدولتين المتحاربتين كدول الخليج العربي ودول الإتحاد الأوربي من حيث معدلات النمو والبطالة وأرباح الشركات ، مما يدفع مؤشرات أسواق المال والبورصات الكبرى الى التراجع ، وتابع "سيكون تأثير ذلك أكبر في الاقتصاديات الناهضة كالهند والبرازيل وتركيا وفيتنام بسبب ارتفاع مخاطر التوترات التجارية ... ولا يفوتنا هنا ان نذكر بأن بعض البلدان ستستفيد من الحرب التجارية الصينية - الأمريكية كونها بعيدة عن المحورين المتصارعين ، وروسيا على رأس هَذِهِ الدول لأسباب عديدة لا مجال لذكرها الآن".

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115