بحصوله على 3 ،34 % من الأصوات أصبح حزب الرابطة المتطرف أوّل تشكيلة سياسية في إيطاليا متقدما على الحزب الديمقراطي اليساري الذي استفاق من سباته (7 ،22 %) وحزب 5 نجوم الشريك في الحكم (2 ،17 %) الذي خسر نصف ناخبيه منذ انتخابات 2018. وصعد نجم ماتيو سالفيني ،نائب رئيس الحكومة، الذي أصبح يعتبر أنه يملك مفاتيح نجاح الحكومة و يطرح مقترحات سياسية خارجة عن نطاق التوافق السياسي الضامن للاستقرار الحكومي.
تقهقر حزب 5 نجوم أضعف موقفه أمام حزب الرابطة داخل التحالف الحكومي و لو أن التصويت على برلمان سترازبورغ لا علاقة له بالانتخابات التشريعية التي تؤسس التحالفات الحكومية. لكن نجاح سالفيني المدوي أشار إلى تغيير عميق في الرأي العام الإيطالي الذي ترجمته نتائج الانتخابات الأوروبية وكرّس إستراتيجيته في الاستيلاء على الحكم وطرح مسألة الخروج من اليورو قبل العمل على الخروج من الإتحاد الأوروبي. مؤشرات عديدة تدل أن الحكومة الإيطالية دخلت في منطقة اضطرابات يمكن أن تعصف بها متغيرات هذا الأسبوع السياسي.
عملة إيطالية بديلة
النتائج الانتخابية و الخطابات السياسية بعد الانتخابات أثرت في غضون أسبوع على التوازن الحكومي و على مردود الوزراء حتى أصبح رئيس الحكومة جيوزيبي كونتيه يعبر عن غضبه من التصريحات الحزبية المخالفة للمواقف الحكومية الرسمية المبنية على التوافق حول برنامج واضح تعمل فيه مؤسسات الدولة في إطار الإتحاد الأوروبي. بشائر الأزمة الحكومية ظهرت مع مصادقة البرلمان يوم 28 ماي على قانون مدعوم من قبل حزب الرابطة يهدف إلى إنشاء «عملة بديلة» على اليورو ،في صورة سندات خزينة («ميني بوتس») يمكن استخدامها من قبل المواطنين لسداد ديونهم لدى الخزينة و من قبل الحكومة لسداد ديونها المتراكمة على الساحة الدولية. و لو أن هذه الخطوة لا تمس بالعقد المؤسس للاتحاد الأوروبي فإنها تعني بالفعل الدخول في «ترويض المواطنين على قبول عملة بديلة» حسب تصريح أحد الوزراء في حكومة كونتيه يمكن أن تكون الخطوة الأولى في طريق الخروج من اليورو.
مواعيد الحسم
أسبوع حاسم باللقاءات يبدؤه رئيس الوزراء جيوزيبي كونتيه بمؤتمر صحفي يوم الاثنين بعد أن صرح «عندي أشياء هامة أريد تقديمها» للرأي العام. و كان قصر كيدجي، مقر الحكومة، قد أشار إلى الخلافات مع تصريحات ماتيو سالفيني الرامية إلى الدخول في صدام مع بروكسل في شأن الموازنة و عملة اليورو. و عبر وزير الفلاحة الإيطالي في حديث صحفي عن أمله أن «يفلح كونتيه في تحقيق المعجزة. في المقابل ليس هنالك حل خارج الرجوع أمام الناخبين».
الموعد الثاني يأتي يوم الأربعاء 5 جوان مع رد المفوضية الأوروبية على رسالة وزير المالية الإيطالي في خصوص العجز في الموازنة . وتعتبر بروكسل أن الحكومة الإيطاليا لم تتخذ الإجراءات اللازمة للحد من التداين واحترام القوانين الجماعية للإتحاد. وتهدد بروكسل بمقاضاة إيطاليا أمام المحكمة العليا الأوروبية و فرض عقوبات عليها تقدر بحوالي 5،3 مليار يورو. هذا التوجه سوف يحسم يوم الجمعة القادم في اجتماع الحكومة بحضور الثلاثي الحاكم جيوزيبي كونتيه رئيس الحكومة ونائبيه ماتيو سالفي و ليودجي دي مايو. الخلافات القائمة حول المشاريع الكبرى، و منها القطار السريع بين طورينو و ليون، و الحد الأدنى الضريبي و العجز في الموازنة و استقلالية الجهات ، كلها تحدد خط التماس بين الحليفين الحكوميين. الحسم فيها يأخذ بعين الإعتبار التوازنات السياسية على ضوء نتائج الانتخابات.
تقهقر حركة 5 نجوم (من 32 % إلى 17 %) و خسارتها لنصف ناخبيها جعل موقف زعيمها لويدجي دي مايو يؤكد على ضرورة دعم الاستقرار الحكومي. لمنه لن يفلح في ذلك بدون تقديم تنازلات لحزب الرابطة. أما رئيس الحكومة جيوزيبي كونتيه، الذي يترأس الحكومة برغبة أحزاب الائتلاف، فهو يريد لا إدارة الحكومة فحسب بل اتخاذ القرارات السياسية في إطار التوافق الحكومي و التشاور بين الأطراف. من ناحية أخرى كرر كونتيه عدم موافقته على «محاربة أوروبا» وهدد، في صورة مواصلة ذلك، بالاستقالة و الدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها. وهو ما يتمناه سالفيني لتحقيق إستراتيجيته في الاستيلاء على الحكم عبر صناديق الاقتراع كما فعله من قبله أبه الروحي بنيتو موسوليني.