منبر// مفاجأة خضراء، صعود مارين، ومرتبة ثانية لماكرون

مصطفى الطوسة
كاتب ومحلل سياسي
زلزال سياسي بكل معنى الكلمة عاشته فرنسا مع الإعلان عن نتائج الانتخابات الأوروبية قد يغير رأسا على

عقب موازين القوى في الخريطة السياسية الفرنسية. زلزال على شكل هزات ارتدادية طالت أحزابا كانت تعتبر بمثابة الركائز الأساسية للمشهد السياسي الفرنسي.

أولا الرتبة الثانية التي حصل عليها حزب الجمهورية إلى الأمام. بالرغم من إن قصر الإليزيه وصفها بالمشرفة لكن حقيقة الوضع تضعها في خانة الهزيمة الرمزية للرئيس إيمانويل ماكرون الذي نزل بكل ثقله في هذه المعركة ووصف في عدد من الخرجات الإعلامية انه من الضروري الحصول على المركز الأول كإشارة واضحة لتجديد ثقة الفرنسيين في خياراته الاقتصادية والاجتماعية.

ثانيا النجاح الذي حققته لائحة اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبين . نجاح يكرس صعود التيار الشعبوي الذي بنى مجده على سهامه المسمومة اتجاه البنيان الأوروبي الموحد والبيروقراطية الأوربية. بعد هذه الانتخابات يفرض التجمع الوطني المتطرف حضوره كأول قوة سياسية في فرنسا مع هذا التساؤل هل بمقدوره أن يعيد هذا الاختراق في الانتخابات البلدية والرئاسية المقبلة؟

ثالثا المفاجأة آلتي حققها حزب الخضر. اختراق سياسي غير مسبوق لهذه المجموعة السياسية آلتي لطالما عاشت على الهامش. وهي استفادت من ظاهرتيين. الاولى الوعي الشبابي بحدة الأخطار البيئية التي أصبحت تهدد عالمنا و التي دفعت بهم إلى أحضان حزب الخضر و ثانيا الأزمة آلتي عاشتها حكومة إيمانويل ماكرون بعد الاستقالة المدوية لأيقونة النضال البيئي فرنسا الوزير السابق نيكولا هولو.

رابعا انهيار استعراضي للأحزاب التقليدية. فلا حزب الجمهوريون بزعامة لوران فوكيي ولا لائحة الحزب الاشتراكي التي قادها رافائيل كلوكسمان استطاعا الخروج من عنق الزجاجة آلتي وضعهم فيها بروز ظاهرة إيمانويل ماكرون الذي رفع شعار لا يمين و لا يسار من آجل استقطاب أكبر عدد ممكن من الموارد السياسية.

خامسا الصفعة المدوية آلتي تلقاها زعيم حزب فرنسا الأبية جان لوك ملونشون. هذا الحزب كان يراهن على الأزمة الاجتماعية آلتي كان بطلها حركة السترات الصفراء. ملونشون كان يحاول استقطاب هذه الحركة وتجييشها في أجندته الانتخابية. وجاء فشله لينسف الطموحات التي عقدها على هذه الانتخابات.

أهم العبر التي يمكن أن نستخلصها من نتائج هذه الانتخابات أنها أسست ورسخت لمنازلة سياسية بين قطبيين. الأول يجسده إيمانويل ماكرون وحزبه الجمهورية إلى الأمام والثاني مارين لوبين وحزب التجمع الوطني. هذه الثنائية اعتبرها البعض بمثابة نتيجة سياسة ماكيافيلية للرئيس ماكرون حصل في آخر المطاف على ما يصبو اليه. إضعاف القوى التقليدية والاستفراد باليمين المتطرف مراهنا على قناعة واضحا من أن هذا اليمين المتطرف يعاني من ظاهرة ما يسمي بالسقف الزجاجي الذي لا يسمح له باستقطاب أكثر من ربع أصوات الفرنسيين. ومن ثم يعبد لنفسه الطريق لولاية ثانية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115