تطرق الكاتب والمحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الساتر في هذا الحوار لـ«المغرب» الى تطورات التصعيد الامريكي الايراني . واستبعد وقوع حرب قادمة مبينا ان الاوروبيين يتحركون لمحاولة اعادة رسم شروط جديدة للحوار المفترض مع ايران . واضاف ان اي حرب قد تقع ستكون خطأ يهدد المنطقة والعالم بأسره .
• رؤيتكم للتصعيد الامريكي الايراني في المنطقة والى اين يسير الصراع ؟
من اللافت ان المنطقة اصبحت تعيش على فوهة بركان وبدأ الجميع يتحدث عن نذر الحرب وذلك على خلفية التصعيد الحاصل بين الولايات المتحدة الامريكية وايران وكل من يدور في فلك الولايات المتحدة الامريكية من دول خليجية وغيرها .ولا ننسى ان العدو الاسرائيلي هو المحرك الاساسي لكل ما وصلت اليه الامور فضلا عن المصلحة الامريكية في هذا السياق . على كل حال اذا عدنا الى المواقف الايرانية التي تدرجت منذ ان اصبح التصعيد على السطح بين امريكا وايران ، يبدو واضحا ان الايرانيين ادركوا تماما ان الولايات المتحدة الامريكية ليست قادرة على ان تأخذ هذا الملف الى حيث تريد وبالتالي اللاعب الايراني اصبح متمكنا اكثر بكثير من اي وقت مضى ليس لأنه فقط يتحكم بطرق الملاحة البحرية مثل مضيق هرمز او باب المندب الذي اصبح بيد الموالين للسياسة الايرانية مثل حركة انصار الله في اليمن . ولكن من الواضح ان الايرانيين يستندون في كل ذلك الى ترسانتهم الدفاعية والى ترسانة الصواريخ الباليستية وغير ذلك من الاسلحة التي باتت تشكل تهديدا حقيقيا للولايات المتحدة الامريكية . لذلك واشنطن لم تعد قادرة على ان تمارس هذه الحروب النفسية التي من خلالها تسقط هذا وذاك وتترك الكثير من المناخات السيئة لدى الشعوب والمجتمعات . ولاحظنا ايضا ان الامام علي الخامنئي استطاع ان يبث الكثير من الاشارات ويعكس كل هذا التصعيد حالة من الايجابية والتصدي لدى المجتمع الايراني .
وما حدث في ميناء الفجيرة في المياه الاقتصادية التابعة للسيادة الاماراتية بات مكشوفا للجميع، فمن الواضح ان ايران ليست مسؤولة عنه لانها تعرف
ان لديها من القدرات ابعد من هذه الخطوة . والأيام القادمة ستكشف حقيقة ما حصل .
• الى اين يمكن ان تتجه الامور في المنطقة؟
اعتقد ان قمة التصعيد هو الهبوط مجددا اذ لا يمكن ان تكون هناك اية قدرة على ايجاد تفاهم في ظل هذا الاستعراض الهائل للقوة . في قراءتي لما يحدث يستحيل على الولايات المتحدة ان تشن اي عمل عسكري ضد ايران لادراكها تماما ان الامر بينها وبين ايران كمن ينتصر للآخر ، يعني كل ينتصر لصاحبه حتى يكون هو البادئ او المخطئ ليتحمل تبعات الخطأ . وهذا الخطأ ستكون تداعياته كبيرة جدا ليس على المنطقة فحسب على العالم برمته بكل ما للكلمة من معنى .
لن يصل الامر الى الحرب الشاملة، ومن الواضح الآن ان مناخات التفاوض التي تطرحها الولايات المتحدة ليست موجودة عند الايرانيين على الاطلاق، فالايرانيون غير مستعدين لمثل هذا النوع من المفاوضات خصوصا تحت حراب السيف او كتلة من النار الملتهبة . فالايرانيون يمارسون السياسة بروح طويلة المدى وهذا الامر لا يستقيم مع الولايات المتحدة في تجاربها مع العديد من الدول الاخرى وهي ارادت ان تكرر النماذج نفسها مع ايران.
فترامب يريد اخذ المزيد من الامتيازات والمليارات من الدول العربية المتحالفة معه ...هؤلاء الى الان لم يدركوا الى اين يمكن ان تسير المنطقة في ظل هذا الاستحواذ الامريكي وهذا التسلط الامريكي على شعوبهم وسيادتهم وثرواتهم وعلى دفعهم باتجاه ان يكونوا اعداء لإيران. الامور يمكن ان تتطور اكثر بحسب الواقع ، فالامريكيون يتخذون الكثير من الخطوات الحذرة مثل اغلاق سفارتهم في العراق وتحذير الرعايا الامريكيين . وطبعا هناك خوف في العراق لان الامريكيين يدركون تماما ان فصائل المقاومة العراقية والحشد الشعبي لن تكون خارج ما يحدث في المنطقة اذا تعرضت ايران لاي هجوم ولا اعتقد ان هذا سيحدث .
• هل ما يحدث اليوم هو صراع على الموانئ البحرية؟
الصراع هو جزء من الصراع على الموانئ البحرية ولكنه ليس كل الصراع. طبعا ما تفعله الامارات والسعودية في حربها على اليمن فمن الواضح ان هناك مسعى لان يكون احد الممرات الاستراتيجية للملاحة في العالم بيد الاماراتيين الذين كانوا يقومون بكل ما بوسعهم حتى يصلوا الى شواطئ البحر الاحمر وهذا يعطيهم الكثير من المساحات الاقتصادية الواسعة ...
• ما مدى مخاطر ان تصل المنطقة الى حرب شاملة؟
لا اعتقد ان هناك حربا واذا كان هناك حرب بالمعنى التقليدي للكلمة فستكون حربا واسعة النطاق لن ينجو منها احد لان الايرانيين لديهم الكثير من الحلفاء في العالم والمنطقة من فنزويلا الى المقاومة الفلسطينية وسوريا والعراق وحزب الله في لبنان... هنا اشير الى ان جامعة الدول العربية هي التي شرعت الابواب مفتوحة لكل متدخل في المنطقة بدءا بما حدث في ليبيا وصولا لما يحدث في سوريا والعراق وفي السودان والجزائر . وحتى صفقة القرن فان المستفيد منها هي اسرائيل التي تريد ان تقضم المزيد من الحقوق الفلسطينية وسط صمت عربي بل بتواطؤ بعض الدول الخليجية المتحالفة مع واشنطن.
اذن انا لا ارى ان هناك حربا قادمة ، فمن جهة يتحرك الاوروبيون لمحاولة اعادة رسم شروط جديدة لهذا الحوار المفترض مع ايران . والامريكيون يدركون انهم لن يستطيعون ربح هذه الجولة بوجود معطيات عديدة وورقات عديدة تصب في صالح الايرانيين . فمثلا اذا نظرنا الى اليمن نجد ان الطائرات اليمنية ستدخل المنطقة في منحى آخر في هذه الحرب المجنونة التي تقودها السعودية والامارات والولايات المتحدة التي تعرقل حتى قرارات الكونغرس بسبب الهامش الواسع للرئيس الامريكي ، واعتقد ان هذا الامر اذا تكرر من قبل لجان المقاومة اليمنية فانه سيكون في غاية الاهمية . اليمن سيعود لاعبا اساسيا من خلال هذه القدرات وسيكون له اكثر من ضربة بحسب قراءتي لما يحدث ما بين اليمن والسعودية .