ويصر قادة « قوى اعلان الحرية والتغيير» على سلمية حراكهم وعلى الحوار مع الجيش من اجل تحقيق اهداف ثورتهم .
اذ يعتصم الآلاف من السودانيين أمام مقر قيادة الجيش في العاصمة الخرطوم رافعين شعارات عديدة منها «ما من شعب يطمح للحرية الا ونالها بنضاله وجهده المتواصل» اضافة الى شعار «عزل ذيول النظام» و«لا للتنصت وانتهاك الخصوصية» و«الحصول على المعلومات حق دستوري» ... وهي بعض من العناوين العديدة التي رفعها السودانيون من اجل تثبيت ثورتهم.
وثيقة دستورية
وتصر قوى «إعلان الحرية والتغيير» المعارضة على سلمية التغيير والمسار الانتقالي وقد اختارت اللجوء الى فتح قنوات التحاور في تعاملها مع المجلس العسكري . وفي هذا السياق اصدرت بيانا اوضحت فيه انها سلمت المجلس العسكري وثيقة دستورية «كرؤية متكاملة حول صلاحيات ومهام المؤسسات الانتقالية في الفترة الانتقالية». وتنص الوثيقة على ان تأسيس مجلس سيادة انتقالي وهو رأس الدولة ورمز السيادة، ومجلس وزراء تكون له السلطة التنفيذية العليا، وكذلك هيئة تشريعية تقوم بالدور التشريعي والرقابي». كما نصت الوثيقة المقترحة «أن يتكون المجلس التشريعي الانتقالي من 120 إلى 150 عضوا يتم التوافق عليهم بواسطة القوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير ولا يقل تمثيل المرأة فيه عن 40 ٪ ». في حين اكد الجيش على الحوار والتفاوض مع قوى اعلان الحرية والتغيير والعمل على دراسة الوثيقة والرد عليها . فالهاجس الاول اليوم للسودانيين هو تسليم الحكم لحكومة انتقالية تدير دفة الحكم بعيدا عن سطوة الجيش ولا يخفي النشطاء الذين تخلصوا من ديكتاتورية حكم البشير خوفهم من الوقوع تحت قبضة دكتاتورية العسكر بكل ما تحمله من تهديد لمنظومة الحقوق والحريات والديمقراطية المنشودة.
مخاطر التدخل الخارجي
ولئن اعتبر البعض ان ما يحصل في السودان اليوم هو «النسخة الثانية مما يسمى بـ « الربيع العربي» ، فان مخاوف السودانيين تتزايد بشأن المخاطر من تحول بلدهم الى ساحة لصراعات اقليمية جديدة كما حصل في الحالة الليبية والسورية واليمنية وغيرها. فالغموض يكتنف مستقبل هذه الموجة الثانية من الهبات الشعبية الحاصلة في المنطقة وتحديدا في السودان والجزائر وذلك بالرغم من اصرار قادة الاحتجاجات على النأي ببلادهم عن اية تدخلات خارجية سواء كانت اقليمية او دولية.
وفي الحقيقة فان تنامي الدور الخارجي يؤشر الى ان السودان ليس سوى جزء من تغيير اعمق يشمل الشرق الاوسط برمته وذلك في ظل الجبهات المفتوحة اليوم شرقا وغربا للصراع على النفوذ بين عدة محاور تغذيها الولايات المتحدة كلاعب رئيسي في المنطقة. فيبدو ان النسخة السورية تعاد اليوم في السودان في ظل محاولات بعض الاطراف الخارجية دعم العسكر في مقابل دعم اطراف اخرى للإسلاميين.
وفي خضم كل هذه التحديات، فان المعركة القانونية انطلقت ايضا في السودان من اجل محاكمة النظام ورموزه وقد أمر النائب العام السوداني باستجواب الرئيس المعزول عمر البشير في ما يتعلق بتهم غسل أموال وتمويل الإرهاب. فهل سيتمكن السودانيون اليوم من اجتياز رهان المرحلة المصيرية ووضع بلادهم على سكة المسار الانتقالي السليم نحو نظام اكثر عدالة وديمقراطية بعيدا عن التجاذبات الخارجية الدائرة؟.