أكثر من 300 قتيل و 500 جريح عدد منهم في حالة حرجة. و قامت قوات الأمن و الإغاثة بالتحرك لأماكن التفجيرات الإرهابية لإنقاذ الضحايا في العاصمة كولومبو و في مدينتي نيغومبو و باتيكالوا. و أعلنت السلطات السريلانكية عن إيقاف 24 شخصا ينتمون إلى حركة «جماعة التوحيد الوطنية، وهي حركة إسلامية متطرفة كانت قد قامت السنة الماضية بتهشيم أصنام بوذية في العاصمة. و توالت التنديدات بهذه الجريمة في جل العواصم في العالم. وعبر البابا فرنسيس في خطابه التقليدي للمدينة و العالم في ساحة الفاتيكان عن ألمه و حزنه لهذه «المأساة» و تمنياته بارساء السلم و الوفاق بين مختلف الديانات.
اندلعت الإنفجارات بالتوازي على الساعة الثامنة والنصف بالتوقيت المحلي في العاصمة كولومبو على يد انتحاريين استهدفوا ثلاثة نزل مفتوحة للأجانب و كنيسة القديس أنطون، ثم قام انتحاريان بتفجير كنيسة القديس سيباستيان الكاثوليكية في مدينة نيغومبو شمال العاصمة وكنيسة صهيون الإنجيلية في باتيكالوا. وتعتقد السلطات الأمنية أن كل الإنتحاريين هم من أصل سريلانكي. و لا تزال تبحث عن إمكانية تورط أطراف أجنبية في العملية. و إن لم يصدر أي تبن للعمليات فإن الحكومة اتهمت جماعة التوحيد بالوقوف وراء هذه الهجمات الإرهابية. وحاصرت الشرطة منزلا في كولومبو أين حدث تشابك مع مسلحين خلف 3 قتلى في صفوف رجال الأمن و أوقفت 7 أشخاص.
و سجلت، حسب وكالة فرانس براس، 35 حالة وفاة في صفوف أجانب مقيمين في النزل ينتمون إلى عدة جنسيات منهم بريطانيون و أمريكان و هنود و برتغاليين و أتراك و هولنديين و دنمركيين و صينيين. و كانت المنظمة الإنجيلية المسيحية في سريلانكا قد سجلت وقوع مائة حالة اعتداء عام 2017 ضد الجالية المسيحية. و في العام الموالي تم فرض حالة الحصار بعد عمليات اقتتال حدثت بين مجموعات بوذية و أخرى تنتمي إلى الأقلية المسلمة مع العلم أن سريلانكا لم تسجل، منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 2009، عمليات إرهابية مماثلة.
اخلالات أمنية
فتحت السلطات السريلانكية تحقيقا في المجزرة التي ضربت البلاد بعد إيقاف 24 مشتبها فيهم تعتقد الشرطة أنهم ضالعون في تنظيم و تنفيذ العمليات الإرهابية. وكلهم من الناشطين في حركة جماعة التوحيد الإسلامية. و يعتقد الملاحظون أن التحقيق لا بد أن يشمل أجهزة الأمن و المخابرات خاصة بعد أن أعلن مدير الأمن الوطني بوجوث جاياسوندرا أنه قام بالإبلاغ منذ عشرة أيام على أن «حركة جماعة التوحيد تخطط لعمليات انتحارية ضد كنائس كبرى و ضد مقر المفوضية العليا للهند» و ذلك استنادا لمعلومات من وكالات استخباراتية أجنبية. و أقر الوزير الأول رانيل فيكرامسينغ بهذه المعلومة موضحا أنه لم يكن هو و كبار المسؤولين على علم بهذا التهديد. و قال «لا بد أن نفتح بحثا في شأن عدم اتخاذ إجراءات احتياطية للغرض».
وأعلنت السلطات الدينية إيقاف الاحتفالات بعيد الفصح في كل الكنائس السريلانكية. أما السلطات فقد قررت غلق كل المدارس و إيقاف استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لمنع الأخبار الزائفة من الانتشار حتى تتمكن السلطات من توجيه العمليات البوليسية بدون تشويش. ويعتقد الملاحظون أن حجم و عدد الاعتداءات سوف يجبر السلطات الأمنية على إيقاف أعداد أخرى من المشتبه فيهم خاصة أن عددا من وكالات الإستخبارات الأجنبية، و في مقدمتهم الوكالة الأمريكية، قد اقترحت على السلطات السريلانكية، تماشيا مع نداء الرئيس دونالد ترامب، تقديم المساعدات لصد هجمات ارهابية أخرى.
عاشت سريلانكا فترة من الاستقرار الهش منذ انتهاء الحرب الأهلية الدامية عام 2009 التي قضت على حركة التاميل الإنعزالية. لكن النزاعات الدينية بين مختلف مكونات المجتمع لا تزال قائمة. جزيرة سريلانكا تحتوي، حسب إحصاء 2012، على22 مليون نسمة منهم 70 % من البوذيين و 6،12 % من الهندوس و 7،9 % من المسلمين و 6،7 % من المسيحيين. و لا تزال حالة استقرار البلاد الشغل الشاغل لمنظمة الأمم المتحدة التي رعت عملية انتهاء الحرب الأهلية و التحول السلمي بتنظيم أول انتخابات رئاسية و برلمانية فتحت عهدا جديدا لكل السريلانكيين.