أبعاد وتداعيات زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى دمشق

التطور التي تشهده العلاقات السورية- الإيرانية في المرحلة الراهنة ينعش الأمل لبناء إستراتيجية جديدة وإحداث توازن في العلاقات الدولية ،

هذه العلاقات كانت العامل الرئيسي في صمود سوريا وإيران في وجه مخططات الدول المعادية التي تسعى إلى إضعاف البلدين وزعزعة استقرارهما ونشر الفوضى في المنطقة ككل، وإن سوريا وإيران القويتين هما الصخرة التي سوف تتحطم عليها كافة المشروعات الأمريكية الغربية في المنطقة.

فعندما لوحت أمريكا بتدخّل عسكري في سوريا عام 2013، ردت طهران على هذا التهديد بالقول، «إن بلاد الشام هي معراجنا إلى السماء، وستكون مقبرة الأمريكيين» وإنطلاقاً من ذلك إن المعطيات والنجاحات الميدانية تثبت فاعلية التنسيق بين سورية وإيران على المستويات السياسية والعسكرية . إن قدوم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لدمشق يعكس تقديراً لافتاً لمكانة سوريا في الساحة الدولية، فالملفات التي ستناقش في هذه الزيارة وما سيصدر عنها من رسائل وإشارات هي كثيرة، خصوصاً ما يتعلق بالانتصارات الميدانية في سورية، وتعزيز المحادثات الرامية للتوصل إلى حل سياسي فيها لتحقيق امن واستقرار سورية وعودة الحياة في هذا البلد إلى ظروفها الطبيعية ، وتنسيق سياسات دول المنطقة والدور الذي يمكن أن تلعبه إيران في بناء واقع جديد بما يخدم هدف السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، ومن حسن الحظ وجود توافق في الرؤى بين دمشق وطهران حول العديد من الملفات الصعبة، وعلى رأسها الأزمة السورية فيما يتعلق بالأحداث المتعلقة بمبادرة أستانا ومسألة النازحين السوريين.

وقد يبرز من خلال هذا الاجتماع أيضاً عدة عناوين ورسائل إلى الغرب والى من يدعم الإرهاب تحمل مسارا للمرحلة المقبلة أهمها، استمرار الدعم الثابت لسورية، وتعزيز التنسيق العسكري في الحرب على الإرهابيين، وتفعيل الطاقات السياسية لدى سورية وإيران للتوصل إلى آلية شاملة لوقف الحرب في سورية ودعم سورية في مرحلة إعادة الأعمار، بالإضافة إلى دعوة للغرب إلى عدم الازدواجية في الملف السوري، فضلاً عن التأكيد على استمرار دعم سورية حتى اجتثاث الإرهاب، كون التعاون الوثيق والمتنامي بين ايران- سورية هو العامل الرئيسي لهزيمة الإرهاب واجتثاثه من جذوره في المنطقة. وبالتالي فإن توقيت زيارة ظريف لسورية مهم جدا في ظل هذه الظروف الصعبة التى تمر بها المنطقة حالياً، لذلك نضع زيارة ظريف إلى دمشق في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين الصديقين إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها وأدواتها في المنطقة يحاولون خلط الأوراق من جديد، ووضع العصي في عجلات أي جهود خيّرة لتقريب وجهات النظر لإيجاد حل للأزمة السورية، بما يلبي طموحات الشعب السوري بالانتقال نحو مستقبل أفضل بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية.

كما تحمل في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين سورية وإيران متينة، وخارج المساومات والصفقات ولا يمكن أن يعكر صفوها ازدياد حجم التحديات. اليوم إيران لا تتوانى عن دعم الجيش السوري ضد أمريكا وحلفائها، بصفتها حليفا إستراتيجيا بالمنطقة ضد توسع النفوذ السياسي الأمريكي الذي بات مهيمنا على العالم ، لذلك فإن تحدي سوريا لأمريكا وأخواتها نابع من الدعم الإيراني وحلفائه لدمشق، كما أن صمود سوريا وثبات الموقف الروسي والدعم الإيراني مثلت عوامل هامة في بقاء النسق السوري ونجاحه، وقابل ذلك اهتزاز وتراجع مستمر في الموقف الغربي وتخبط كبير في الموقف العربي، وانكشاف دور تركيا ومخططاتها في المنطقة، لذلك ندرك جيداً أن إيران من هذا المنطلق أسهمت بقدر كبير في تغيير الصورة الجيوسياسية في الشرق الأوسط ما جعل خسائر الأمريكيين تزداد وتتعاظم في المنطقة. أختم مقالي بالقول...

إن التضحيات التي قدّمها السوريون في مواجهة الإرهاب، تؤكد على دور سوريا المحوري، وعبرها سترتسم ملامح عالم جديد تكون فيه لاعباً أساسياً في المنطقة، وإنني على ثقة تامة بأن الشعب السوري قادر على تجاوز وتخطي أزمته ومحنته الراهنة بفضل تماسكه ووحدته الوطنية، لأنه يدرك جيداً دوره في المنطقة العربية من خلال عودته ليتبوأ موقعه ومكانته

العروبية والقومية في مواجهة كل المشاريع الإمبريالية الرامية إلى تفتيت وحدة الإنسان العربي .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115