إجراء دستوري غير مسبوق يقضي باعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة غير قادر على الاستمرار في منصبه كرئيس للجمهورية بعد حكم استمر 20 عاما . ودعا صالح خلال حديثه لضباط من الجيش بثه التلفزيون الرسمي إلى موقف موحد لحل الأزمة التي تشهدها البلاد في وجه أي ''محاولات خارجية لبث الفتنة او التدخل في الشأن الداخلي الجزائري».
وتنص المادة 102 على أنه «إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوريّ وجوباً، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع». والخطوة التالية هي أن يعلن المجلس الدستوري رسميا أن بوتفليقة غير لائق للمنصب، وهو قرار يتعين أن يقره مجلسا البرلمان بأغلبية الثلثين.
وينتظر الشارع الجزائري وصناع القرار في العالم قرار المجلس الدستوري إمّا الإقرار بعدم اهلية بوتفليقة للاستمرار في الحكم وبالتالي قبول دعوة قائد الجيش وإعلان تنحية الرئيس لأسباب صحية تتعلق بعدم قدرته على مواصلة حكم الجزائر . أو اعلان رفض هذا الطلب والاستمرار في دعم بوتفليقة إلى حين تعديل الدستور وتشكيل حكومة تشرف على انتخابات لا يترشح فيها بوتفليقة للعهدة الخامسة .
ورغم ان تدخل الجيش الجزائري في مجريات المشهد السياسي بشكل علني يعدّ نادرا جدا ويعود اخر تدخل الى عام 1992 عندما ألغى الجيش انتخابات كان الإسلاميون في طريقهم الى الفوز فيها، إلا أن موقفه منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في البلاد كان اكثر التصاقا مع مطالب المحتجين . يشار الى ان موقف الجيش تدرج منذ البداية من محاولة الحياد وعدم التدخل في الشأن السياسي الى الدعم التدريجي للحراك الشعبي المستمر وصولا الى الدعوة الى طلب اعلان شغور منصب رئيس الجمهورية . ورغم تعهد بوتفليقة بإقامة ندوة وطنية لتعديل الدستور، وإجراء انتخابات جديدة خلال عام لا يشارك فيها، الاّ أن ذلك لم ينجح في امتصاص غضب الشارع لتستمر المظاهرات وتتوسع رقعتها لتشمل مختلف شرائح الشعب الجزائري من مواطنين واكاديميين وطلبة ومحامين وقضاة واطباء وغيرهم ماجعل السيطرة على هذه المظاهرات التي اتسمت بطابعها السلمي أمرا صعبا .
وخلفت دعوة نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الجزائري، أحمد قايد صالح، اللجوء إلى المادة 102 من الدستور المتعلقة بشغور منصب رئيس الجمهورية، ردود فعل متباينة بين شق داعم للخطوة ومرحب بها وبين شق اخر اصطف خلف دعم بوتفليقة في هذه الفترة التي توحي دون شكّ ان الجزائر باتت أمام مفترق طرق خطير يستوجب رسم مسار سياسي جديد .
الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي وهو أحد ابرز احزاب الائتلاف الحاكم في الجزائري طالب على لسان زعيمه، أحمد أويحيى، الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بالاستقالة رسميا، وقال البيان الموقع من أويحيى: «يوصي التجمع الوطني الديمقراطي باستقالة السيد رئيس الجمهورية بغية تسهيل دخول البلاد في المسار الانتقالي المحدد في الدستور».
وقالت «حركة مجتمع السلم» المعارضة إن «ما تقدم به قائد الأركان هو اقتراح للحل لا يسمح بتحقيق الانتقال الديمقراطي والانتخابات الحرة والنزيهة’’وقالت «ما أنه «غير كاف» أو «محاولة للانقلاب» رافضة بذلك مطالب الجيش ، فيما قالت تقارير اعلامية جزائرية ان احد قادة الحراك الشعبي في الجزائر أكد رفض مساعي الجيش لإعلان عدم أهلية بوتفليقة، قائلا إن «الشعب يريد حكومة توافق وطني وليس استمرار النخبة الممسكة بزمام السلطة منذ الاستقلال «.كما قال أكبر تجمع لعلماء الدين بالجزائر ، إنّ دعوة قائد الجيش إلى حلّ الازمة في البلاد، عبر تفعيل مادة دستورية حول شغور منصب رئيس الجمهورية، تعدّ «خطوة إيجابية»، لكنها لا تفي بمطالب الشارع كاملة. جاء ذلك في تصريحات لعبد الرزاق قسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أدلى بها في مؤتمر صحفي بالعاصمة، خصصه لعرض مبادرة عامة حول الأزمة.
ومن جهته قال الاتحاد العام للعمال الجزائريين، أكبر اتحاد عمال في البلاد أمس الأربعاء إنه يؤيد إعلان الجيش ويحث الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على التنحي.
أية سيناريوهات ؟
وفي حال قبول المجلس الدستوري لطلب رئيس اركان الجيش وبمقتضى المادة 102، يتولى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح منصب القائم بأعمال الرئيس لمدة لا تقل عن 45 يوما. ويشار إلى أن عبد القادر بن صالح ينتمي سياسيا لحزب التجمع الوطني الديمقراطي ثاني أكبر أحزاب الائتلاف الحاكم في الجزائر. ويرى مراقبون أن تضارب المواقف من الخطوة المقبلة وعدم وضوح الرؤية بشأن مستقبل المشهد السياسي ، كل ذلك أدخل بلد المليون شهيد في دائرة جدل قانوني وسياسي قد يزيد من تعقيد الحل وتطويل أمد الازمة.