قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا «أفريكوم»، والسفير بيتر بودي، سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى ليبيا ، يحيل الى ضرورة قراءة المتغيرات الطارئة على السياسة الامريكية تجاه الازمة الليبية في ظل صراع النفوذ الخارجي الذي تشهده بلاد عمر المختار منذ ثورة فيفري 2011 .
ولئن اعتبرت البيانات الرسمية سواء الصادرة عن الجهات الليبية او الأمريكية أن اللقاء ياتي في إطار نهج التشاور المنتظم، الذي أقرته الدولتان بخصوص مستجدات الأوضاع في ليبيا، والقضايا ذات الاهتمام المشترك ، يرى مراقبون ان الفترة المنقضية تشهد حراكا دبلوماسيا أمريكيا غير مسبوق يدلّ على أن الملف الليبي عاد الى واجهة اهتمامات البيت الابيض. فمنذ تولي الرئيس الحالي دونالد ترامب الحكم اعتبر متابعون ان القضية الليبية لم تكن في سلم اولويات الرئيس الجمهوري الذي وجه بوصلته نحو الشرق الأوسط وتناسى معضلات ليبيا والقارة الافريقية على حد سواء.
وبحسب بيان للمجلس الرئاسي نشر على صفحته الرسمية، تحدث السراج عن جهوده لتحقيق توافق وطني، من خلال لقاءاته مع جميع الأطراف الليبية الرئيسية، والتي كان آخرها لقاء أبوظبي، لوضع تصور للخروج من الأزمة.وتابع السراج أن «التصور يعتمد على توحيد المؤسسة العسكرية والمؤسسات السيادية الأخرى، والتأكيد على الدولة المدنية الديمقراطية.وأكد السراج على «ضرورة مشاركة جميع الأطراف في صياغة حل توافقي.فيما جدد السفير الأمريكي دعم الولايات المتحدة لحكومة الوفاق الوطني، والنهج التوافقي للسراج وما اتخذه من خطوات في هذا الاتجاه».كما دعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى مساعدة الليبيين على إجراء انتخابات «موثوقة وآمنة»، مهددة بأنها «لن تتسامح مع المفسدين للعملية السياسية».
هذا اللقاء الأخير ومن قبله اللقاءات التي يقودها السفير الامريكي في ليبيا تعتبر وفق متابعين للمشهد الليبي عودة تدريجية لواشنطن الى القارة الافريقية عبر بوابة ليبيا خصوصا وأنها باتت تحتضن صراع نفوذ بين عدد من الدول الغربية بدءا بفرنسا وايطاليا وصولا الى روسيا وتركيا وبعض الدول الخليجية ، وكل هذا يقلق ادارة البيت الابيض.
صراع النفوذ
ويرى مراقبون ان زيارات حفتر الى روسيا والتي تسارعت وتيرتها في الاشهر الاخيرة تؤشر – ضمنيا- إلى طموح الاخير لتقوية نفوذ قواته العسكرية عبر خلق تحالف مع الجانب الروسي وضمان دور سياسي جديد لموسكو في ليبيا .مايجعل أمريكا تستنفر من هذا التقارب وتحاول العودة بكل ثقلها الى المعادلة الليبية وذلك بعد اختيارها الحد من نفوذها في عدد من بؤر التوتر الاخرى على غرار سوريا. وتسعى إدارة الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب الى التحرك في قضايا وجبهات ساخنة اخرى من العالم على غرار القارة الاسيوية والافريقية ايضا.
ومع تزايد نفوذ المعسكر الروسي الايراني على حساب المعسكر الامريكي الغربي ، تتجه انظار روسيا ايضا في الفترة الراهنة الى الشمال الافريقي وتحديدا ليبيا التي تعاني منذ 6 سنوات من فوضى سياسية وأمنية فاقمتها الخلافات الداخلية المستمرة ، كما ساعد الاحتراب والاقتتال الداخلي ايضا على خلق ارض خصبة للنزاع استغلتها اطراف خارجية لتأسيس تحالفات جديدة من شأنها تغيير موازين القوى في المنطقة . هذه المطامع الروسية أججت ايضا مطامع امريكية في ليبيا الدولة النفطية الغنية والقريبة من نقاط قوة القارة الافريقية ايضا. ويؤكّد المشهد الليبي عن وجود تقارب في المواقف بين الولايات المتحدة الأمريكية وايطاليا حول ليبيا الاّ أنّ العلاقات بين ايطاليا والمؤسسة العسكرية الليبية بقيادة حفتر ليست في وضع مبشر، مع العلم ان حفتر شدد في الاونة الاخيرة على ضرورة مراجعة الدور الذي تلعبه روما في بلاده وهي الداعمة لحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج .
ويرى مراقبون ان الصراع القديم المتجدد بين أمريكا وفرنسا حول إفريقيا وخلاف بريطانيا مع فرنسا حول الملف الليبي ، وفي ظل تزايد الانقسام في ليبيا وإفريقيا والرغبة السريعة في مواجهته، كل هذا سيخلق صراع نفوذ محتدم على الاراضي الدولية.