الكاتب والمحلل السياسي العراقي ثائر عبطان حسن لـ«المغرب»: «العالـم لـم ولن يتوحد في مسألة تعريف الاٍرهاب طالما تضاربت مصالح دولهِ وأقطابه»

• «لا ضوء في نهاية هذا النفق المظلم في مواجهة آفة الأرهاب اذا لم يتم حل الصراعات الاقتصادية للدول الكبرى»

قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي ثائر عبطان حسن لـ«المغرب» أنّ العالم سوف لم ولن يتوحد في مسألة تعريف الاٍرهاب طالما تضاربت مصالح دولهِ وأقطابه. وأضاف أن اوروبا تعتمد سياسة الكيل بمكيالين في ما يتعلق بوضع منظمات مسلحة وإرهابية على لائحة المجموعات الشرعية رغم وضوح أهدافها والعكس صحيح .

ماهي قراءتكم للمجزرة التي استهدفت مسجدين في نيوزلندا، ولماذا يختلف التعاطي الغربي مع حوادث الارهاب عن التعاطي العربي ؟
التعاطي الغربي مع حوادث الاٍرهاب يستند أساسا الى المعيار بمكيالين ان لم يكن بأكثر من ذلك ، فتصنيف الاٍرهاب لم يتم تحديده او تسميته او تعريفه من قبل المنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومنظمة حقوق الانسان ، وهذه هي المعضلة الكبرى في الخلط بين الدفاع عن الحقوق المكتسبة للشعوب وبين الاٍرهاب .
والغرب يصنف الاٍرهاب وفقا لمصالحه ، فيتم وضع اسماء أشخاص ومنظمات وأحزاب وطنية تدافع عن حقوقها الشرعية على لائحة الاٍرهاب ، والعكس صحيح في وضع منظمات مسلحة وإرهابية اخرى على لائحة المجموعات الشرعية رغم وضوح أهدافها لأن الغرب هو الذي يموّل هذه المنظمات كما يجري في التعامل مع المجموعات المسلحة المتعددة في سوريا ولبنان واليمن والسودان.

يتعاطى الغرب مع حادثة نيوزلندا على انها حادثة معزولة وايضا يتم دائما الاشارة الى المتهم بانه يميني متطرف وليس ارهابيا، هل يحتاج العالم برأيكم الى لغة موحدة تجاه آفة الارهاب؟
العالم سوف لم ولن يتوحد في مسألة تعريف الاٍرهاب طالما تضاربت مصالح دولهِ وأقطابه ، فقوات سوريا الديمقراطية مثلا ، تصنفها الولايات المتحدة على انها شرعية وتدافع عن حقوق شعبها ، في حين دول مثل تركيا وروسيا ودوّل أوروبية اخرى تعتبرها منظمة ارهابية ، ونفس الشيء ينسحب على حزب الله اللبناني وكذلك الشيء نفسه مع منظمات انفصالية في اسبانيا وفرنسا والصين وبعض دول جنوب شرق آسيا .

علما ان اغلب الحوادث الإرهابية التي تكاد تحدث كل يوم في الولايات المتحدة وعلى مدار السنة وتُخلّف عشرات الآلاف من الضحايا سنويا يتم تصنيف أصحابها على انهم مصابون بلوثة عقلية واضطرابات نفسية كونهم خدموا في أفغانستان والعراق ، ويتم التكتم اعلاميا على الدوافع الحقيقية التي تقف وراء تلك الأحداث الإرهابية .
تجد أوروبا اليوم نفسها امام خطر ارهاب يداهمها من الداخل هل عجزت القارة العجوز برأيكم عن ايجاد استراتيجية اوروبية مشتركة لمواجهة الارهاب على غرار الاستراتيجيات التي تدعو الدول العربية الى التوافق حولها ؟

الإرهاب على الاراضي العربية هو برعاية عربية - عربية بامتياز وبدعم من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل .اما عن أوروبا فإن ما يفرقها هو اكثر مما يوحدها وانقسمت دولها بين مؤيد ومعارض لسياسات ترامب ، وإذا توحدت بعضها خلف ترامب ، فإنها تختلف بينها حول الموقف من روسيا والتبادل التجاري عامة والغاز المسال وموارد الطاقة الاخرى أيضا ، ناهيك عن مواقف اخري تخص الخلاف في حجم التمويل العسكري لحلف الناتو ، وملفات اخرى عديدة يصعب حصرها في سطور عديدة

ماهي برأيكم سبل وآليات مواجهة افة الارهاب العابر للقارات؟
الأوضاع الاقتصادية التي تتدهور بشكل سريع في كل أنحاء العالم بسبب العولمة التي سيطرت خلالها البنوك والشركات متعددة الجنسيات والعابرة للقارات وحصرتها بأيدي القلة القليلة منها ، وخلق هوّة كبيرة بينها وبين شعوب الدول الغربية وأمريكا وكندا والمكسيك والتي أفقدت هذه الشعوب بحبوحة الرأسمالية التي عاشتها في فترة الستينات والسبعينات كالتأمين الصحي وقانون التقاعد ونظام الاجور وساعات العمل ، كل ذلك ترك أثره سلبا على الأوضاع الاجتماعية والصحية وحتى الأمنية منها ، وفرنسا اليوم خير مثال على ذلك ، والأمر ينسحب أيضا على اسبانيا وإيطاليا واليونان .
والدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط والأدنى ليست ببعيدة عن هَذِهِ التأثيرات ونالت حصتها من الاٍرهاب الذي اتخذ من أراضي دولها مسرحا للصراع العالمي بأقطابه المتعددة ، ولنا ان نعترف بتواجد قوات عسكرية لأكثر من خمسين دولة على أراضي الدول العربية تسمي الاٍرهاب بتسميات مختلفة تتواءم مع مصالحها الاقتصادية والتجارية ، ولا ضوء في نهاية هذا النفق المظلم في مواجهة آفة الأرهاب اذا لم يتم حل الصراعات الاقتصادية للدول الكبرى صاحبة القرار في إشعال الحروب التي لا احد يستطيع ايقافها لوحده مهما علا شأنه عسكريا وإقتصاديا، هنا أو هناك .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115