أدى إلى مقتل وجرح مئات المدنيين ، في تصعيد خطير للاقتتال عقب سلسلة من الغارات الجوية، التي شنها النظام السوري على مواقع المعارضة في حلب، استهدفت مستشفى ‘القدس’ المحاطة بالمناطق السكنية، ما أودى بحياة العديد من الأطفال والمرضى والأطباء، في خطوة اعتبرت انتهاكا صارخا لاتفاق دولي أبرم قبل شهرين برعاية كل من الولايات المتحدة الأمريكية الداعمة للمعارضة، وروسيا الداعمة لنظام بشار الأسد.
«حلب الجريحة تستغيث « تحت هذا العنوان احتلت صور القتلى والجرحى والمباني المدمّرة صدارة اهتمامات الصحافة العربية والعربية لما حملته من أثار الاقتتال الدامي الذي أودى بحياة الأبرياء أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وشرّد آلافا العائلات وأجبر آلافا أخرى على الهروب خارج المدينة بحثا عن ملجإ امن. هذا ويشار إلى أنّ انهيار الهدنة جاء بعد صمودها لأكثر من شهر، ليعود منذ بداية الأسبوع الاقتتال العنيف في خطوة تصعيدية تلت فشل محادثات جينيف بين أطراف الصراع السوري ، حيث انسحب الوفد الممثل للمعارضة داعيا نظام الأسد إلى وقف إطلاق النار . المشهد الدامي فسّره مراقبون بان عودة الاقتتال ستكون ورقة ضغط لتحقيق تنازلات خلال المفاوضات الصعبة في جينيف.
في هذا السياق قال د. رامي الخليفة العلي الباحث الأكاديمي في الفلسفة السياسية لـ«المغرب» أنّ اشتعال الجبهات خصوصا في ريف حلب الشمالي وفي مدينة حلب هو دلالة على انهيار على مستويين، الأول سياسي بعد انهيار محادثات السلام في جنيف التي أصبحت عملية عبثية بعد انسحاب وفد الهيئة العليا للتفاوض الممثل للمعارضة. و«المستوى الثاني هو انهيار عسكري، حيث ان هناك استماتة من قبل قوات النظام بدعم جوي روسي للسيطرة على طريق ‹الكاستللو› وبالتالي محاولة فرض طوق عسكري على مدينة حلب وإجبار المعارضة على تقديم تنازلات في مجال الحلّ السياسي، فهي إذن وسيلة للضغط على المعارضة وكسب نقاط قوة على حسابها «على حدّ تعبيره . وأشار د. رامي الخليفة إلى انّ النظام السوري اتبع منذ بداية الأزمة إستراتيجيّة معينة وهي الحل العسكري باعتباره الحل الوحيد الذي يتيح بقاء النظام.
وتابع محدّثنا انّ انهيار الحل السياسي وانسحاب وفد المعارضة جاء على خلفية الخلاف الأمريكي الروسي، معتبرا أنّ التفاهم الروسي الأمريكي هو الذي أتاح انطلاق مفاوضات جنيف والوصول إلى هدنة عسكريّة، ولذلك فإنّ اتّساع الهوة بين الطرفين جعل الحلّ السّياسي يبتعد رويدا رويدا وينفتح الصّراع العسكري على مصراعيه.
وعن توقيت التصعيد وأهدافه قال محدّثنا أنّ إستراتيجية استهداف المناطق المدنية هي إستراتيجية عامة استخدمها النظام السوري منذ بداية الثورة في محاولة قمعها وإلحاق الهزيمة بالقوى المسلحة من خلال ضرب الحاضنة المدنية للمعارضة، مشيرا إلى انّ هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها حلب لحملة تدمير منهجية في الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة مثل «السكري» أو «الميدان» أو «الهلك» أو غيرها.
واضاف محدّثنا «من جهة أخرى هناك رغبة لدى النظام ومن ورائه روسيا لمحاولة تضييق الخناق على المدنيين للنزوح باتجاه الحدود مع تركيا وهذا يمثل ضغطا سياسيا على الجانب التركي وأوروبا في نفس الوقت».
وتابع العلي «السيطرة على مدينة حلب هدف استراتيجي لقوات النظام وحلفائه بما لها من موقع إستراتيجي هام وكذا الثقل الاقتصادي والسياسي. اذ حاول النظام خلال الأعوام الماضية السيطرة عليها مرارا، وهذه محاولة جديدة بزخم أكبر بسبب التغيرات السياسية والعسكرية التي حدثت في منطقة حلب وريفها، لذلك تبدو الهجمة أكثر عنفا وقوة».
تردّد أمريكي
وعن موقف واشنطن باعتبارها الراعي الرئيسي لمحادثات جنيف ممّا يحصل قال العلي انّ الموقف الأمريكي يعمل على إدارة الأزمة أكثر من....