روحاني الى العراقي بعد 6 سنوات على توليه الحكم عام 2013 . وتختلف القراءات التي رافقت هذه الزيارة إلا انها أيضا اشتركت في اعتبار الزيارة سعيا ايرانيا واضحا لفك العزلة التي يحاول الجانب الأمريكي وحلفاؤه في المنطقة دفعه اليها عبر تشديد العقوبات الاقتصادية .
اذ تعاني إيران منذ انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الذي تم توقيعه بين طهران والغرب من محاولات التضييق عليها سياسيا واقتصاديا، خاصة وان ايران تلعب دورا كبيرا في عدد من ملفات المنطقة الحيوية على غرار الملف السوري والملف اليمني كما تمتلك طهران نفوذا سياسيا وعلى الميدان أيضا في المشهد العراقي وهو مايؤرق أمريكا و«اسرائيل» وحلفاؤها من دول الخليج .
والتقى روحاني امس الاثنين، نظيره العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي.كما انه سيلتقي المرجعية الشيعية الأعلى في البلاد آية الله علي السيستاني، بحسب ما أفادت وسائل إعلام إيرانية مقربة من الحكومة. ويعد هذا اللقاء الذي سيجمع روحاني بالسيستاني الاول منذ سنوات طويلة خاصة بعد رفض الأخير اللقاء بالرئيس الايراني محمود احمدي نجاد .
وتمارس إدارة البيت الأبيض ضغوطا متزايدة على بغداد في مسعى للحد من العلاقات مع طهران. ومن المقرّر أن يلتقي حسن روحاني بالمرجعيّة الشيعيّة الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، بحسب ما أفادت وسائل إعلام إيرانية مقرّبة من الحكومة. إذ تحاول العراق – رغم الشد والجذب المتزايد في منطقة الشرق الأوسط بين موال لأمريكا ومساند لإيران – تحاول الالتزام بالحياد تجاه الصراع الغربي الايراني في المنطقة وهي سياسية تتبعها بغداد منذ سنوات طويلة .
وتربط العراق وإيران علاقات لا فقط على الصعيد السياسي بل أيضا على الصعيد الاقتصادي ، فطهران هي ثاني أكبر مصدر للعراق لمنتجات تبدأ من الأجهزة الكهربائية مرورا بالخضار ووصولا إلى السيارات والغاز.
وصرح الرئيس الإيراني قبيل مغادرته مطار مهرآباد في طهران لزيارة العراق للمرة الأولى منذ توليه منصبه في العام 2013 إن «العلاقات بين إيران والعراق، هي علاقات خاصة لا يمكن مقارنتها مع تلك التي تقيمها الولايات المتحدة» مع بغداد.وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، سبق روحاني إلى بغداد للتحضير لزيارته.وكانت العراق من بين الدول التي حصلت على اعفاءات مؤقتة من الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بعد دخول العقوبات التي تفرضها امريكا على ايران حيز التنفيذ .
أبعاد جيوسياسية واقتصادية
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي نصيف الخصاف لـ«المغرب» ان هذه الزيارة تحمل أبعادا جيوسياسية واقتصادية للبلدين ، مضيفا «فبالنسبة لإيران فهي تريد أن تثبت انها تمتلك خيارات كثيرة متاحة لمقاومة العقوبات الأمريكية من بينها العراق الذي تريد له الولايات المتحدة ان يكون ميدان صراعها الرئيس مع ايران من خلال التصريحات الأمريكية التي تتعلق بوجودها العسكري في قاعدة عين الأسد وهو لغرض ‹›مراقبة ايران›› ،وإيران بحاجة إلى توسيع نطاق تجارتها مع العراق كخطوة للالتفاف على العقوبات الأمريكية وهي تجارة لا يمكن السيطرة عليها بوجود حدود تتجاوز الالف متر بين البلدين .
وأشار محدّثنا الى أنه يمكن للعراق ان يستفيد من هذه الخاصية لحل بعض المسائل العمالقة بين البلدين والتي خلفتها الحرب بين البلدين خلال الثمانينات ، ويمكن للعراق كذلك ان يلعب دورا مهما في تقريب وجهات النظر بين الاطراف الإقليمية المتصارعة مثل ايران والمملكة العربية السعودية -وايران والولايات المتحدة وفق تعبيره .
وتابع الكاتب العراقي أنّه «من الطبيعي أنّ تسعى إيران لتثبيت نفوذها أو توسيعه في العراق وهذا سياسيا ليس خطأ بالنسبة لإيران لكنه خطأ جسيم اذا كان ذلك برضا وتعاون المسؤولين العراقيين ، حين تكون هناك فجوة في جدار سيادة الدولة تسعى كل الأطراف للولوج منه ، فنفوذ الأطراف الخارجية داخل كل بلد يتعلق بمدى توفر عناصر القوة والاستقلال لذلك البلد .فعلى سبيل المثال: هل بإمكان العراق ان يستغني عن استيراد الكهرباء من إيران؟ هل تستطيع الحكومة ضرب المليشيات المسلحة خارج إطار الدولة والقانون ؟».
وأكد الخصاف «لإيران علاقات متميزة مع الاحزاب الكردستانية الكبيرة ولا أعتقد أن إيران تسعى لتقوية الإقليم مقابل الحكومة الاتحادية ، هذا لا يخدم استراتيجيتها الخاصة بمعالجة موضوع الأكراد في إيران وهي لا يمكنها المجازفة في فتح جبهات قد لا تتمكن من غلقها ، وقد لاحظنا كيف كان موقفها واضحا عند اعلان استفتاء استقلال الإقليم وكيف وحد هذا الموضوع الأطراف المختلفة مثل تركيا وايران والعراق ان يكون موقفها موحدا ضد الخطوة» على حد تعبيره .
بدائل وسيناريوهات أخرى
وتابع محدّثنا ان «الولايات المتحدة ستسعى للحد من الحركة والنفوذ الإيرانيين في العراق من خلال الضغط على الحكومة العراقية لاتخاذ خطوات متناسقة مع موقفها من إيران ، لكن المشكلة تكمن في عدم تقديم بدائل ممكنة التنفيذ ، ما الذي ستقدمه الولايات المتحدة للعراق ليستغني عن الكهرباء والغاز الايرانيين . والولايات المتحدة غير مكترثة لما يمكن أن تسفر عنه مطالباتها للحكومة العراقية بالاستغناء عن ما توفره إيران من كهرباء وغاز وسلع منزلية رخيصة الثمن».
وأضاف أنّ «الولايات المتحدة لم تعتبر العراق حليفا حقيقيا ولم تقدم له ما يجعله يستغني عن إيران ولم تقدم له ما يقويه ضد التدخلات الإقليمية ، فالولايات المتحدة تتعامل مع العراق بطريقة الإملاءات ما افقدها كثيرا من اصدقائها في العراق والمنطقة».