السودان: غليان شعبي وخلافات داخل الحزب الحاكم قد تطيح بعمر البشير

تستمر الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها السودان منذ أكثر من شهر في التوسع رغم محاولات حكومية لحلحلة الازمة ،

الاّ انّ المشهد يسير – وفق مراقبين- نحو مزيد من التعقيد مع رفض المتظاهرين للإصلاحات التي قدمتها حكومة عمر البشير ودعوتهم لإقالته . الاّ أن تصريحات قيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان،أمس الاثنين، التي قال فيها أن الحزب سيختار رئيسا له في المؤتمر العام المقبل، وأكد جاهزية الحزب لاختيار البديل للبشير – ان صحت- ستكون ضربة قاصمة لحكم عمر البشير الذي استمر لعقود طويلة .

وأكد عضو المكتب السياسي بحزب المؤتمر الوطني، أمين حسن عمر، جاهزية الحزب الحاكم لتسمية رئيس بديل للبشير، لافتا إلى أن حزبه «غير مفلس» وغني بالقيادات، وأنه لن يعجز عن تقديم شخص لرئاسة الحزب. وتأتي هذه التصريحات من حزب البشير في وقت يعيش فيه الحزب انقسامات داخلية كبرى على علاقة باختلاف الرؤى بين مختلف مكوناته خاصة بعد التسميات الاخيرة التي اعلنها الرئيس عمر البشير دون التشاور مع قيادات حزبه والمتعلقة بالأساس بتعيين النائب الأول للرئيس، أو رئيس الوزراء، أو الولاة العسكر. وقرر البشير تعيين وزير الدفاع عوض محمد بن عوف نائبا أول لرئيس الجمهورية، ومحمد طاهر إيلا رئيسا لمجلس الوزراء، حسب بيان للرئاسة، وعين قادة عسكريين حكاما للولايات. ويرى مراقبون ان هذا الخلاف المتزايد داخل الحزب الحاكم قد يزيد من فرص تغلب السيناريو الاخطر الذي تحدث عنه متابعون وهو حصول ‘’انقلاب’ داخل الحزب الحاكم للإطاحة بالبشير ، اذ بدأ التململ في الساحة السياسية السودانية منذ اعلان حزب المؤتمر الوطني الحاكم اعادة ترشيح رئيسه عمر البشير لانتخابات 2020 في اوت المنقضي ، وهو ما افرز حالة من الرفض في صفوف معارضيه وايضا داخل حزبه نفسه.

يشار الى انّ عمر البشير الذي يواجه دعوات متزايدة لعزله كان قد اعلن حالة الطوارئ في البلاد لمدة عام واحد، وقام بحل حكومة الوفاق الوطني وحكومات الولايات، وطلب من البرلمان تأجيل تعديلات دستورية مقترحة، كانت ستعطي له المجال للترشح إلى الرئاسة ، في خطوة منه لامتصاص غضب الشارع وإسكات اصوات المتظاهرين الداعين الى عزله.

توسع رقعة الاحتجاجات
الاّ ان هذه التغييرات التي قام بها البشير لم تلجم أفواه المتظاهرين وايضا لم ترض باقي قيادات الحزب الحاكم التي اعتبرت خطوته «انقلابا ابيض». واندلعت الاحتجاجات بالسودان في 19 ديسمبر، في ولاية نهر النيل بسبب نقص الخبز، وقد سقط نحو ثلاثين قتيلا وعشرات الجرحى، وفقا لتقارير حكومية جراء تلك الاحتجاجات.واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ومن حين لآخر استعملت الذخيرة الحية لتفريق المظاهرات. ويقول نشطاء في مجال حقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 45 قتلوا بينما تقدر الحكومة عدد القتلى بثلاثين بينهم اثنان من أفراد الأمن. واعتقل نشطاء سياسيون وأفراد من المجتمع المدني وصحفيون.ويشهد السودان صعوبات اقتصادية متزايدة مع بلوغ نسبة التضخم نحو 70 % وتراجع سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار الأمريكي وسائر العملات الأجنبية.

وبدأت الاحتجاجات انذاك بسبب الأوضاع الاجتماعية وغلاء الأسعار واتسعت رقعتها لتشمل عددا كبيرا من المدن بعد ان اقتصرت في البداية على العاصمة الخرطوم ، ويطالب المحتجون برحيل الرئيس السوداني عمر البشير في أضخم وأكبر احتجاجات تشهدها البلاد بعد سنوات على صراع مسلح بين الشمال والجنوب انتهى بانفصال الجنوب «دارفور».
وبدأت المظاهرات والاحتجاجات التي انطلقت بمطالب تتعلق بغلاء الأسعار والظروف المعيشية الصعبة الاّ أنه سرعان ما زادت حدة المطالب لتصل حد المطالبة باسقاط النظام. ويرى متابعون ان التعامل العنيف للسلطات مع المتظاهرين كان سببا ايضا في ارتفاع سقف المطالب ليصل الى حد المطالبة بإسقاط رئيس البلاد عمر البشير الذي يتربع على عرش السلطة منذ 1989 ، ومع اقتراب نهاية عام 2018، يكون البشير قد قضى أطول فترة حكم في تاريخ السودان الحديث وهو 29 عاما.

ورغم الخطاب الشعبي الذي القاه الرئيس السوداني عمر البشير وتعهد فيه بالاستمرار بالإصلاحات وايضا التغييرات الحكومية التي اعلنها يوم امس الاول، لم ينجح البشير في امتصاص غضب الشارع لتستمر المظاهرات وتتسع رقعتها في خطوة اعتبرتها المعارضة عجزا واضحا من الحكومة عن ايجاد مخرج للأزمة واستخدامها القوة المفرطة.
وتبرز في الواجهة سيناريوهات عدة لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في السّودان خلال الأيام القليلة المُقبلة ، لعلّ أولها يعدّ صعب التحقق إلاّ أنه مطروح وهو تنحي البشير وسط تصاعد مطالب المحتجين بعزله وتشكيل حكومة انتقالية .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115