تلك ابرز الاسئلة التي طرحت في لقاء فكري جمع عددا من الباحثين والمفكرين التونسيين والفلسطينيين بإشراف جامعة المنار والاتحاد العام لطلبة فلسطين في تونس والمركز المغاربي للدراسات والبحوث ومنتدى الجاحظ...في محاولة لإيجاد طرائق بديلة لدعم حقوق الشعب الفلسطيني بشكل عملي وبعيدا عن الشعارات ...
وشدد الحاضرون على ان القضية الفلسطينية اليوم هي في مفترق تاريخي خطير نتيجة المشروع الصهيوني في المنطقة الذي يحاول فرض معادلات جديدة من بوابة التطبيع تنفيذا لما يسمى بـ «صفقة القرن» .
تحالفات جديدة
د. ابراهيم الرفاعي استاذ العلوم السياسية في الجامعة التونسية اكد ان التطبيع يهدف لخلق اعداء من ذاتنا بدلا من الكيان الصهيوني ويشير بالقول :«فعلى المستوى الاقليمي تصبح ايران او تركيا هي العدو بدلا من اسرائيل وحتى في الداخل الفلسطيني تصبح حماس او فتح هي العدو في ظل الصراع الدائر بين الطرفين»..ويتابع :«اليوم نحن امام نمط جديد من التحالفات ولا ادل على ذلك من تلك اللقاءات المتعددة التي يصول فيها نتنياهو في المنطقة العربية طولا وعرضا ليتباهى بعلاقاته مع هذه الدولة او تلك في مواجهة ايران او تركيا .. لذلك لا بد من مقاومة كافة اشكال التحالفات مع الكيان الصهيوني وكافة اشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني . فتحالفات اليوم مع الكيان الصهيوني هي وهم زائل لا محالة ..لان هذا الكيان هو مرحلة طارئة في التاريخ وسيذهب لا محالة ، لان ما اتى به معادلة دولية وما سيذهب به هو أي خلل في تلك المعادلة الدولية».
في المقاومة القانونية
من جهته شدد استاذ العلاقات الدولية في الجامعة التونسية عبد المجيد العبدلي على ضرورة و اهمية التفكير في استراتيجية لمقاومة الكيان ..فيقول :» نتمنى ان تبحث الندوات عن آلية لمقاومة اسرائيل ..فما يخشاه هذا الكيان هو المقاومة القانونية لان كل قواعد القانون الدولي هي لصالح الشعب الفلسطيني لكن علينا ان ننتبه الى اننا نجابه سرطان الاحتلال وهذا السرطان لا تتم مجابهته الا بالعقل المدبر ..»
في المقابل تساءل الباحث والدبلوماسي الفلسطيني السابق في منظمة التحرير الفلسطينية د. سيف الدين دريني عن اهداف اسرائيل مشيرا بان الاسرائيليين حددوها في اكثر من مناسبة واخرها منتدى مجلس الامن القومي الاسرائيلي وحددوها بما اسموه بـ «اقامة اسرائيل الكبرى ذات الهوية اليهودية وان تكون قوة اقليمية عظمى داخل حدود آمنة ومعترف بها ، واهم من ذلك ان تمتلك التفوق الحضاري النوعي الذي يمنع قيام دولة فلسطينية فاعلة ومستقلة وقيام كتلة عربية موازية والهدف الثالث هو اللجوء للعمل العسكري المباشر في حال اختلال موازين القوة بين «اسرائيل» من ناحية وقوة الدول العربية مجتمعة من ناحية اخرى» ..
واوضح الباحث الفلسطيني بان هذه الاهداف واضحة وان ما يجري اليوم في المنطقة من محاولات بث الحروب الدينية هو في سياق تنفيذ تلك الاهداف الصهيونية.
التحولات الكبرى
وعن تأثير «الربيع العربي» على القضية الفلسطينية اضاف الدريني في حديثه لـ «المغرب» :«هذا المسار الذي انطلق في عام 2011 لن يتوقف فنحن في مرحلة انتقالية قد تتأخر او قد تأخذ مدى اقل وهذا يتوقف على النخب وعلى مجموعة عوامل يجب ان تتضافر من اجل تسهيل العملية الانتقالية الى مرحلة اسمى ..ولكن لسنا وحدنا في الساحة فهناك قوى خارجية وكل طرف يحاول اجهاد الحراك او تحريف مساره او السيطرة على رموزه..».
واضاف :«اسرائيل مرت بثلاث مراحل، المرحلة الاولى تتمثل في التخلص من التهديد العربي والنظام العربي فخاضت حروبا ونجحت فيها . والمرحلة الثانية هي تثبيت الامر الواقع عبر معاهدات التسوية وبناء المستوطنات وحدثت اختراقات كثيرة الا انه في المرحلة الثالثة وجدت اسرائيل ان المرحلتين الاولى والثانية لم تؤمن لا أمنها ولا الاستقرار الذي تنشده ولا اعطت الشرعية لوجودها .فالإسرائيليون ادركوا انه بالنسبة للشارع العربي القضية الفلسطينية تبقى في الوجدان وبالتالي المعركة الاساسية يجب ان تكون ضد الشارع العربي والتطبيع على المستوى الثقافي والنخبوي في اطار المعركة التي تخوضها اسرائيل من اجل ترويض الشعوب ..
وأوضح ان هناك ثلاث قوى في المنطقة هي اسرائيل وايران وتركيا ..وبدأ الاسرائيليون وحلفاؤهم الغربيون باستهداف ايران تحت حجج الارهاب وخطر النووي كما استهدفوا من قبل العراق..وللاسف النظام العربي اليوم يقف الى جانب اسرائيل وهذا ما بدا جليا في مؤتمر وارسو الاخير ضد ايران». فالنظام العربي المتمثل ببعض الدول يريد التسويق بأن هناك
اخطارا جديدة تهدد المنطقة فتصبح بذلك ايران هي العدو وليست اسرائيل». وكيف يمكن مواجهة خطر التطبيع؟ يجيب الدريني بالقول :«ان مواجهة كل التحركات العدوانية الاسرائيلية يجب ان تكون على صعيدين الاول :لا بد من وضع استراتيجيات لمواجهة هذا المشروع الصهيوني عبر تفعيل استراتيجيات المقاومة بكافة اشكالها السياسية والثقافية والقانونية مؤكدا بانه لا خوف على الشارع العربي لان القضايا العربية في وجدانه ورغم الحرائق المشتعلة في المنطقة العربية التي حدثت لاشغال الشارع بقضايا اخرى لكن القضية الفلسطينية تبقى هما قوميا رئيسيا لدى الشعوب العربية».