رحلة آخر فرصة لتريزا ماي ؟ نحو التمديد في المفاوضات بين أوروبا وبريطانيا بعد شهر مارس

رجعت تريزا ماي إلى بريطانيا بخفي حنين بعد أن التقت يوم الأربعاء 20 فيفري رئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر الذي

كرر رفض الدول الأعضاء في الإتحاد إعادة فتح المفاوضات في شأن “البريكست” بعد أن أغلق الملف بمصادقة الدول الأوروبية و الحكومة البريطانية أواخر شهر نوفمبر. لكن رفض مجلس العموم لنص الاتفاق حال دون إتمام خروج بريطانيا من الإتحاد بدون مشاكل وعلى أسس توافقية، بل لوح بخروجها “بدون اتفاق” في أجواء من الفوضى القانونية التي تفتح الباب على عديد المشاكل المتعلقة بالتبادلات بين الطرفين و خاصة بتزويد بريطانيا بالسلع و المعدات الأوروبية بما فيها الأدوية و المواد الغذائية بعد إعادة رسم الحدود بين دول الإتحاد والمملكة المتحدة ابتداء من 29 مارس القادم.

الإتحاد الأوروبي كان قد وافق على مقترح تريزا ماي بإرساء نظام خاص على الحدود الأيرلندية يحافظ على فتحها بين أيرلندا الشمالية و جمهورية أيرلندا مع الإبقاء على مشاركة في الفضاء الجمركي الأوروبي. لكن مساندي “البريكست الحازم” الممثلين في جل الأحزاب البريطانية اعتبروا أن ذلك الاتفاق يمس من “سيادة بريطانيا” بسبب تقسيم تراب المملكة. ولم تفلح تريزا ماي في إقناع البرلمانيين بخطتها بل واجهت “انتفاضة برلمانية” أدت، في منتصف شهر جانفي 2019، إلى سن البرلمان قوانين تحد من تحركات رئيسة الوزراء و ترجع القرار الأخير في شأن “البريكست” للبرلمان.

التوجه إلى تمديد المفاوضات
مع تمسك الإتحاد الأوروبي بعدم فتح المفاوضات في نص الاتفاق وإخفاق تريزا ماي في إقناع البرلمان البريطاني بوجهة نظرها ، عبرت بروكسل عن استعدادها للموافقة على تمديد مهلة التفاوض – دون فتح الملف مجددا – إلى ما بعد 29 مارس لمساعدة رئيسة الوزراء البريطانية على أن تتقدم الحكومة البريطانية بطلب رسمي في الغرض. وهو السيناريو الذي يتوقعه كل الملاحظين. لكن ذلك لن يكون سهلا بالنسبة لرئيسة الوزراء بسبب ضعف موقفها أمام البرلمان. وهي لا تزال عرضة لرفض آخر من مجلس العموم.

قوبل مقترح تريزا ماي الجديد بالرفض إذ عبر كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارني عن معارضته لفكرة التحديد الزمني للاتفاق حول أيرلندا و إمكانية خروج بريطانيا منه بصفة أحادية. وهو ما يرجع تريزا ماي للنقطة الصفر. عليها ، حسب الناطق الرسمي باسم المفوضية “أن تتقدم بمقترحات عملية” ، علما أن بروكسل مستاءة من “الغوغاء” في الساحة السياسية البريطانية وهي ليست مستعدة لتقديم تنازلات لرئيسة وزراء “ليس لها أغلبية واضحة تعتمد عليها” في المفاوضات.

شبح الإنقسام
في هذه الأجواء السياسية المشحونة، عبرت رئيسة الحكومة الاسكتلندية نيكولا ستورجون، في حديث صحفي لجريدة “لوموند” الفرنسية عن عدم رضاها بتوجه تريزا ماي في المفاوضات “الذي كان مغلوطا منذ البداية”. و لم تستثن إمكانية خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي “بدون اتفاق” و ذلك إذا لم تغير رئيسة الوزراء البريطانية موقفها أو أن يفشل البرلمان في إرغامها على ذلك.

و قالت نيكولا ستورجن “إن اسكتلندا سوف تصبح بلدا مستقلا” ملوحة برجوع حزبها لإستراتيجية الاستقلال بعد أن فشل في الاستفتاء عام 2014 الذي تم تنظيمه في الغرض. هذا السيناريو اعتبرته الصحافة البريطانية كابوس تريزا ماي – في حال فشله – و خطرا على وحدة المملكة. و كانت ستورجون في باريس لتدشين مكتب تمثيلي للحكومة الاسكتلندية يعمل على التنسيق مع فرنسا بعد “البريكست».

طلاق «دون اتفاق»
السيناريو الأرجح اليوم هو خروج طلاق بريطانيا من الإتحاد “بدون اتفاق”. وهو التخوف الذي عبر عنه جون كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية، بعد لقائه مع تريزا ماي. هذا السيناريو الأسود بالنسبة للبريطانيين أخذت ملامحه تظهر على الساحة الاقتصادية بعد إعلان عديد الشركات العالمية الكبرى (نيسان، سوني، هوندا، الخ) غلق مصانعها في بريطانيا. إلى حد اليوم، و حسب عديد التقارير، تم تسجيل ترحيل 40 شركة عالمية تجاه هولندا بسبب “البريكست».

على المستوى الدولي، أرسل شينزو أبي رئيس الوزراء الياباني انذارا لبريطانيا بسبب الضبابية في هذا الموضوع علما وأن صادرات الشركات اليابانية المتواجدة في بريطانيا نحو أوروبا تشكل موضوعا حساسا بالنسبة للحكومة اليابانية. وحذرت كذلك شركة “أيرباص” الأوروبية من “قرارات أليمة” في صورة تأكد الطلاق بدون اتفاق. من السيناريوهات الموجودة على الطاولة غلق “أيرباص” لمصانعها في بريطانيا وتحويلها لبلدان أوروبية أخرى. هذا زيادة على عدد من الشركات البريطانية مثل “جاغوار” التي سرحت آلافا من العملة لتحضير خروج من أوروبا لا يؤثر سلبا على توازنات الشركة. في هذا الإطار نشرت جريدة “ذي تلغراف” خبرا أكد عزم الحكومة البريطانية في جلسة مغلقة على طلب التمديد في فترة التفاوض بثمانية أسابيع تنتهي قبل موعد الانتخابات التشريعية الأوروبية في شهر ماي القادم و ذلك للتمكن من بلورة بديل للفوضى الحالية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115