الجريئة التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تداعيات إقليميّة تتعلّق بالأساس بالأطراف والأدوار التي تلعبها الدول الأخرى في المعادلة السورية وبالخصوص تركيا.
وطُرحت في الآونة الأخيرة سيناريوهات وفرضيات مختلفة للمشهد السوري مابعد الانسحاب الامريكي ، اهمها المتعلق بمصير القوات الكردية التي كانت تتلقى دعما كبيرا من واشنطن وهي المعروف عنها عداؤها المتزايد مع الجانب التركي . ونتيجة الانسحاب الامريكي بات الميدان السوري – وفق مراقبين- ارض صدام ومواجهة مباشرة بين الاكراد ممثلين في جماعات مسلحة منهم قوات سوريا الديمقراطية من جهة وتركيا التي تحشد قواتها على طول الحدود السورية من جهة اخرى.
وبخصوص الانسحاب الامريكي من سوريا وتداعياته على المشهد الاقليمي قال الكاتب السوري سومر سلطان لـ«المغرب» انه «بالنسبة للدول الاستعمارية كل احتلال هو مشروع تجاري بحت، فإذا ما زادت الكلفة على الأرباح لا يكون ذلك المشروع ناجحاً، وحينها تتخلى عنه» مضيفا ان «سوريا ليست استثناءاً في هذا. بالتالي، المقاومة التي يبديها السوريون، من حيث جيشهم وقواتهم الشعبية وسائر مؤسساتهم المدنية، هي الضمان للانسحاب الأمريكي عاجلاً او آجلاً، وحتى لو حدثت تغيرات جديدة في التوازنات الداخلية للإدارة الأمريكية بين ترامب وخصومه للتخلي عن فكرة الانسحاب هذه أو تأخيرها، فإن المقاومة تؤكد لنا أن قرار الانسحاب سيتحقق بكل تأكيد» وفق تعبيره.
وتابع محدّثنا «بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، هي تزيح ساحات الاشتباك إزاحة؛ فانسحابها من سوريا معطوفاً على اتفاقها التاريخي مع حركة طالبان في أفغانستان يشير إلى نيتها تسخين مناطق جديدة بدلاً عن المناطق الساخنة السابقة. هناك أمامنا فنزويلا طبعاً، ولدينا كذلك أوكرانيا، إضافة إلى المشروع القديم المتجدد في لبنان. وهناك معطيات على تحركات مثيرة للشبهات للمقاتلين السلفيين من سورية باتجاه تركيا، ومنها إلى مناطق أخرى».
وبالنسبة إلى سوريا، اجاب الكاتب السوري أن هذا سيفتح استحقاق دخول الجيش إلى شرق الفرات، ومد سيادة الدولة إلى سائر المنطقة، مشيرا الى ان هناك حالياً قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، التي تشكل وحدات الحماية الكردية عمودها الفقري، والتي لا تزال تراهن على تدخل أمريكي أو أوروبي أو حتى عربي يحافظ على مناطق نفوذها ويحميها من سوريا ومن تركيا على حد سواء.
بين تركيا والأكراد
وتابع سلطان «معطياتنا الحالية تقول إن المصلحة الأمريكية هي في عقد اتفاق أو تفاهم مباشر أو غير مباشر بين أنقرة وقسد ضد دمشق. لقد شاركت محامية أردوغان الخاصة قبل أسابيع في اجتماع لمؤسسة فكرية مقربة من حزب العمال الكردستاني في أوروبا، وقالت ما معناه إن المرحلة التفاوضية مستمرة. لن تكون هذه المفاوضات سهلة، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة برعاية انقليزية، وأستبعد أن يكتب لها النجاح النهائي، لأن القياديين الأكراد في تفاوضهم يضعون مصلحة أكراد تركيا فوق مصلحة أكراد سوريا، وبالتالي فإنهم يقدمون التنازلات على حساب أكراد سوريا بهدف تحصيل مكاسب للحركة الكردية في تركيا’’ على حد قوله .
وأضاف محدّثنا «وهذا سيخلق توترات كثيرة، لن يكون حلها سهلاً. التوصل إلى اتفاق بين قسد ودمشق يبدو كذلك مستبعداً لأنّ الكوادر الكردية القادمة من تركيا تضع الفيتو عليه كونه لا يحقق مصالح الحركة الكردية في تركيا. بالتالي، التسويات تبدو صعبة حالياً، ولن أستغرب إن حصلت اشتباكات متقطعة هنا وهناك. ولكن لاستشراف المشهد القادم يجب أن ندرس جيداً نتائج مؤتمر أثريا الأخير لعشائر ووجهاء منطقة شرق الفرات، والذي أكد فيه المشاركون القادمون من مناطق سيطرة قسد على أنهم لا يعترفون بشرعية أية قوة خلا الجيش الوطني. هذه خطوة هامة في تحضير الأساسات السياسية والشعبية لدخول الجيش السوري المنطقة وفرض سيادته.»