عصابات الجريمة والمجموعات المسلحة الاجنبية.عملية واسعة غاب عنها الغطاء الشرعي . فلا رئيس مجلس النواب بوصفة القائد الاعلى للجيش اصدر التعليمات بتنفيذ العملية و ايدها ، و لا رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق تبنى او أيد العملية التي اطلقها حفتر.
مع تقدم عملية تطهير الجنوب وتوسع دائرة المواجهات المسلحة وتدخل الطيران الحربي لاستهداف تمركزات المعارضة التشادية قرب مرزق ،جاهر عدد من الرافضين للعملية من مكون التبو في مرزق واتهموا قوات حفتر بشن حرب تطهير عرقي ضد التبو .موقف وتطوّر اعتبره طيف من المراقبين بديهيا وتعاطفا مع المجموعات التشادية المنحدرة من مناطق شمال تشاد اي من قبائل تبو تشاد المرتبطة دوليا مع تبو ليبيا . اتهامات سوف تحرج قيادات الجيش رغم تأكيد الأخيرة على ان اهدافها من العملية العسكرية واضحة ومعينة مسبقا . الرافضون لتحرك حفتر طالبوا حكومة السراج والأمم المتحدة بالتدخل لوقف الحرب.
تتفهم الأمم المتحدة وحتى رئيس المجلس الرئاسي دواعي تحرّك قوات الجيش بسبب وصول اوضاع الجنوب من الانفلات الأمني وزحف الهجرة غير الشرعية درجة تنذر بتطورات خطيرة ، خاصّة وأنّ الجنوب الليبي في حال استمر خارج سيطرة السلطات الليبية سوف ينفصل عن ليبيا الوطن الموحّد لكن طابع المفاجأة لتحرك حفتر اربك حكومة الوفاق والأمم المتحدة ، ودليل ذلك الموقف المتذبذب للمبعوث الاممي بين رفض في البداية واستدراك بالتأكيد فصمت بعد ذلك.
اما فائز السراج فتأخر كثيرا في اعطاء موقف مما يجري من تحركات عسكرية جنوب البلاد واعتبر صمته علامة موافقة على ما يحدث هناك.ومع مرور الايام وتوسّع العملية العسكرية تزايدت الضغوطات على السراج من طرف معارضي حفتر السياسين الذين شككوا في حقيقة اهداف تحرك القائد العام للجيش في هذا التوقيت بالذات وقبل انعقاد الملتقى الجامع على خلفية التجاذبات السياسية . سارع رئيس المجلس الرئاسي بلقاء امراء المناطق العسكرية التابعة لحكومة الوفاق اي المنطقة الوسطى المنطقة الغربية ومنطقة طرابلس لبحث تطورات الجنوب انتهى اللقاء دون الاشارة ولو بكلمة واحدة الى قوات حفتر، وكل ما يتعلق بالاجتماع بحسب المُعلن هو التزام السراج بعدم السماح بتحويل الجنوب إلى مسرح صراعات مسلحة.بمعنى أن السراج تجاهل دعوة المجلس الاعلى للدولة تعيين آمر للمنطقة العسكرية الجنوبية عدم استجابة رئيس الرئاسي الحامل لصفة القائد الاعلى للجيش تلك ،اعتبرها الشق الداعم لحفتر صائبة وتعكس حكمة السراج وحرصا شخصيا منه في عدم تأجيج الصراع والحرب.
بينما رأى فيها الشقّ المعارض للقائد العام للجيش تشجيعا لقوات الكرامة على التوسع وخلط الاوراق السياسية، وفرض أمر واقع بالقوة لجني مكاسب سياسية وليبيا على ابواب انجاز الملتقى الجامع.
ليبقى السؤال المطروح هل يستغل القائد العام الصمت المحلي والدولي عن تحركه الراهن لانتزاع ورقة ضغط سياسي سيما مع الاتحاد الأوروبي، وأساسا ايطاليا على صلة بملف الهجرة غير الشرعية من خلال بسط سلطته على الجنوب الليبي؟
دعم مشروط
الثابت بان الغرب لا يعرف إلاّ بالطرف القوي على الارض اما الطرف الضعيف فلا استعداد لديه لدعمه ومساعدته فعليا . اضافة الى ذلك فان اية مفاوضات لتسوية الصراعات والأزمات المشابهة لحل ليبيا تتطلب وتستوجب لإنجاحها وجود طرف قوي ،والسؤال مرة اخرى هل ان حفتر في وضعه الحالي فعلا هو طرف قوي. الإجابة نسبية فالرجل صحيح تمكن من بناء شبه جيش نظامي وإعادة الامن والاستقرار للمدن التي تتواجد فيها قواته لكن الجيش التابع له لا يمكن الجزم انه يمثل جميع الليبيين.
وحفتر نفسه يدرك تلك الحقائق لذلك لم يغامر بإرسال قواته الى طرابلس وهي التي كانت تتمركز على تخومها و الرجل يعرف حدود امكانياته التي تكفل له السيطرة على الجنوب مراهنا على دعم القبائل، ويرى القائد العام للجيش في بسط النفوذ على الجنوب والحدود الجنوبية ورقة ضغط تكفيه لتحقيق ما يريد عند اية مفاوضات قادمة.
رغم الاعتراف بقوة عسكرية ضاربة لحفتر مقارنة بما لدى معارضيه فان الوقائع والتجارب السابقة اكدت ارتكاب بعض قياداته لانتهاكات وجرائم ومخالفات وأخطاء بعضها موثق وتحركت على ضوئها الجنائية الدولية . مثل قضية الرائد الورفلي .
محصلة ما سبق ان العملية العسكرية الراهنة في الجنوب لن يكتب لها النجاح ما لم يتم اضفاء الشرعية عليها سواء من طرف رئيس البرلمان او رئيس الرئاسي. في انتظار حدوث ذلك سوف يعول حلفاء القائد العام للجيش تبرير تحركه مؤقتا، بما يجعل حظوظ نجاح العملية متساوية مع فشلها و تبقى السمة البارزة للمشهد العسكري الراهن هي الترقب لمصير عملية تطهير الجنوب.
دون نسيان وتجاهل عودة الاشتباكات في درنة التي اكدت قوات حفتر تحريرها من الجماعات الارهابية غير ان التطورات الاخيرة اكدت عكس ذلك لما حدث عند اطرافها الشيء الذي يؤكد ان القيادة العامة تسرعت في اعلان تحرير درنة في بنغازي تواجه قيادة الجيش معضلة عودة النازحين من اهالي المدينة الذين يخشون العودة الى ديارهم لإمكانية وقوع اعمال انتقامية على يد بعض من منتسبي الكرامة.ضبابية المشهد بلا شك ستؤثر على مساعي بلوغ تفاهمات بين أطراف الصراع السياسي وتزيد من متاعب البعثة الأممية.