وسط تضارب المصالح الخارجية في ليبيا: عملية تطهير الجنوب من الارهاب تدخل أسبوعها الثاني

في الوقت الذي دخلت فيه عملية تطهير الجنوب من العصابات الاجرامية والجماعية الارهابية التي اطلقتها القيادة

العامة للجيش الليبي التابع لرئاسة اركان حكومة طبرق اسبوعها الثاني . شنت الحكومة الايطالية وأحزاب معارضة حملة ضد فرنسا متهمة اياها بعرقلة الحل وتأزيم الاوضاع في الجنوب، وأكد وزير الداخلية الايطالي بان الصراع بين فرنسا وايطاليا انما هو يدور حول قطاع النفط والغاز وبالذات بين شركة «طوطال» الفرنسية و»ايني» الايطالية في ليبيا.
الصراع والتنافس بين الدولتين على الساحة الليبية اصبح علنيا حيث يرى المراقبون بأنه كلما بادرت فرنسا بانجاز خطوة لجمع الليبيين، وإنهاء الانقسام عملت ايطاليا سريعا على اجهاض تلك المبادرة . وهكذا صورة تنطبق على مؤتمر باريس ولقاء القائد العام للجيش خليفة حفتر مع رئيس الرئاسي فائز السراج. اذ جرى استدعاء الاخير لزيارة روما قبل عودته الى طرابلس والضغط عليه لتوقيع مذكرة تفاهم حول الهجرة غير الشرعية . لتضرب ايطاليا بذلك عصفورين بحجر واحد كما يقال . فهي اولا ورطت وأحرجت السراج محليا وأكّدت لفرنسا بان اية حلول للازمة لابد ان تمر على ايطاليا.

وأردف شقّ من المتابعين بان هكذا سياسة ايطالية حيال الازمة الليبية تدل على أنّ الحكومة اليمنية في ايطاليا لا تهمّها مصلحة الليبيين ولا يهمّها أبدا بلوغ التسوية إلاّ من خلال ضمان مصالحها سواء فيما يتعلق بالنفط والغاز او ملف اعادة الاعمار. وفي سياق هذا النهج عملت ايطاليا على انشاء اربع قواعد عسكرية ما بين الزنتان- العزيزية ومصراتة .
بينما فرنسا اقل اندفاعا لإثبات تواجدها في ليبيا بالإضافة الى الحرص الواضح لدى الدبلوماسية الفرنسية على الظهور بمظهر الوسيط بين الفرقاء المحليين . فعندما انتقد معارضوها انحيازها لقوات الكرامة على خلفية مقتل 3 جنود فرنسيين في سقوط مروحية عسكرية في بنغازي. ظهر الرئيس الفرنسي الاسبق فرانسوا هولاند ليؤكد دعم بلاده للكرامة في الحرب على الارهاب وفي نفس الوقت دعم البنيان المرصوص لمحاربة داعش في سرت. ومنذ ذلك تراجعت باريس عن دعم حفتر وكثفت سفيرة فرنسا من تواصلها مع سلطات طرابلس.

الواقع والحقيقة ان تحول الصراع الايطالي- الفرنسي وتضارب مصالحها في ليبيا من صراع خفي الى صراع مكشوف دفع بالسواد الأعظم من الليبيين الى عدم الثقة في روما وباريس في مساعدة ليبيا لبلوغ الحل النهائي للازمة. الجدير بالإشارة انّ التنافس والصراع المذكور كانت له تداعيات وتأثير على مواقف البعثة الاممية لدى ليبيا. مواقف تميزت بالتخبط والتناقض. فعلى سبيل المثال نجد غسان سلامة يستنكر دخول قوات حفتر الى سبها ليتراجع بعد ذلك و يرحب بعملية تطهير الجنوب.

الحسم بيد القبائل
المصلحة ان حل الازمة لن يأتي من الخارج ولا يختلف الليبيون انفسهم في ذلك. هذه حقيقة في مسار تسوية الازمات المشابهة حيث يقتصر دور الامم المتحدة والمجتمع الدولي على الدعم والمساعدة . بينما في الحالة الليبية حادث الامم المتحدة من خلال بعثتها عن دورها وأصبحت تتدخل في كل الامور وغضت الطرف وتهاونت في وقف التدخلات الخارجية . وحتى لا تتطور الاوضاع وتشهد البلاد حربا بالوكالة بين الاطراف المحلية لحساب هذه الدولة او تلك . لابدّ لأعيان وعقلاء الوطن من التوافق على مخرج من دهاليز الازمة الراهنة . فرغم ما لحق النسيج الاجتماعي من شروخ وتصدعات اشعلت الكثير من الصراعات المسلحة بين المدن والقبائل . رغم ذلك مازال بإمكان القبائل انقاذ الوطن . مؤشرات نجاح القبائل في رأب الصدع كان لافتا الايام الفارطة من خلال وقف الاقتتال جنوب طرابلس و قبلها في انهاء الاحتقان ما بين مدن غرب البلاد . اذ ان السراج نفسه ومجلسه الرئاسي ما كانا ليستطيعا دخول طرابلس لولا دعم اعيان طرابلس . حيث حضر عند وصول السراج على متن الفرقاطة الايطالية خمسمائة شخص من مشايخ طرابلس الكبرى الى قاعدة بوستة واقنعوا امر اقوى المليشيات وهو صلاح بادي بضرورة قبول عمل المجلس الرئاسي انطلاقا من طرابلس.

كما برز دور القبائل جليا في ابعاد الحرب الأهلية عن الجنوب وإعادة الموانئ النفطية الى الوطنية للنفط وتأمين حقول النفط. حيث يعلم القاصي والداني عجز حكومة الوفاق والحكومة المُوازية في طبرق حماية الحقول النفطية وهي العاجزة عن حماية مقرّاتها وحتى كبار موظفيها.ماسلف ذكره يؤكّد بما لاشكّ فيه أنّ الحل والربط كان وسيظل بيد القبائل وأعيانها والأطراف التي تتجاهل هذا إنّما هي تريد اطالة الازمة في ليبيا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115