نظمت احتجاجات شعبية منذ اسابيع رافعة مطالب اجتماعية واقتصادية . وتأتي الخطوة التي اعلن عنها الرئيس الفرنسي كمحاولة منه لامتصاص غضب الشارع الذي بدأ باحتجاجات صغيرة نظمتها جماعة «السترات الصفراء» إلاّ انّ توسع نطاق الاحتجاجات ومارافقها من أعمال شغب وردّ عنيف من الحكومة والقوات الامنية ، كل ذلك أدّى الى استنفار حكومي فرنسي سعيا للحد من انتشار رقعة الاحتجاجات وسط اتهامات بتسييس المظاهرات ومحاولة المعارضة التأثير على طابعها غير المسيّس الذي انطلق به منذ البداية.
ويرى متابعون ان تلك الاحتجاجات التي نظمتها جماعة «السترات الصفراء» مثلت اهم تحدّ يواجهه الرئيس الفرنسي الشاب ايمانويل ماكرون منذ توليه السلطة قبل عام ونيف سواء على المستوى المحلي او الدولي .
انتعاش الآمال
في هذا السياق قال الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي مصطفى الطوسة لـ«المغرب» أنه «مع انطلاق جولات الحوار الوطني في فرنسا انتعشت الآمال بآن تنجح هذه الخطوة في نزع فتيل الأزمة وتقنع جماعات السترات الصفرات بعدم الخروج و التظاهر في الشارع كل يوم سبت. وما أكد هذا الانطباع الانخراط الشخصي الذي أظهره إيمانويل ماكرون عندما دشن هذا الحوار بندوة ماراثونية حاول من خلالها إقناع الرأي العام الفرنسي بانه قادر على استعادة المبادرة وإيجاد حلول من شأنها أن تهدئ الخواطر وتستجيب لمطالب المحتجين».
وتابع محدّثنا أن فكرة هذا الحوار قوبلت بنبرتين سياسيتين ،الاولى من الأحزاب التقليدية الفرنسية آلتي شجعت هذه الخطوة على أمل التوصل إلى حل لهذه الأزمة يبعد شبح الفوضى والخسارة عن المجتمع والاقتصاد الفرنسي ويرفع الضغط عن قوات الأمن آلتي أنهكتها أسابيع طويلة من الاحتجاج الصاخب. والثانية جاءت من أحزاب اليمين واليسار المتطرفين بزعامة مارين لوبين وجان لوك ملونشون وفق تعبيره .
زخم جديد
واعتبر الطوسة أنّ هذا الأحزاب أقرت منذ البداية أن هذا الحوار ولد ميتا وأنه مجرد ثرثرة سياسية يرجى من ورائها ذر الرماد في العيون. ولعل الأجندة السياسية التي تركض وراءها هذه الأحزاب المتطرفة هو تلويث ما تبقى من ولاية ماكرون وإعطاء زخم لعملية ممارسة ضغوط قوية على أدائه وخلق الظروف الموضوعية لإنهاكه سياسيا كي لا يكون في وضعية تسمح له بالفوز بالاستحقاقات المقبلة الأوروبية البلدية والرئاسية.
وأضاف «إيمانويل ماكرون يراهن على هذا الحوار كوسيلة لإقناع الفرنسيين انه قادر على التأقلم مع أزماتهم والتساؤلات الوجودية التي تنتابهم حول مستقبلهم. وبحسب المراقبين هناك مؤشرات يجب أخذها بعين الاعتبار لمعرفة حظوظ نجاح هذه الخطوة والإيجابيات التي يمكن أن يحققها. المؤشر الأول له علاقة بيوم السبت المقبل. هل سينزل المتظاهرون إلى الشارع في إطار الجولة العاشرة من سلسلة احتجاجاتهم وما هو حجم تعبئة السترات الصفراء السبت المقبل وكيف سيبدو المشهد الأمني في باريس وبعض المدن الفرنسية؟ والمؤشر الثاني يطال حجم مشاركة جماهير السترات الصفراء في جولات الحوار الوطني التي تقف حاليا بين فرضية المشاركة الفعالة أو المقاطعة السلبية» على حد قوله.