الحكومة الفرنسية في مواجهة الفصل الثامن لحراك «السترات الصفراء»: إجراءات أمنية مشددة في مدينتي باريس و بورج

بعد الأحداث العنيفة التي جدت في باريس ضد أعوان شرطة التدخل السبت الماضي و المظاهرات الداعمة للحراك يوم الأحد من

قبل نساء تشاركن في «السترات الصفراء»، أعلن الوزير الأول الفرنسي إدوار فيليب للقناة الأولى التلفزيونية عن نية الحكومة اتخاذ إجراءات صارمة ضد «المخربين» الذين يلتحقون بالمتظاهرين قصد التخريب.

وأعلنت فصائل متطرفة من «السترات الصفراء» عدم مشاركتها في الحوار الوطني الذي قرره الرئيس إيمانويل ماكرون والذي سوف ينطلق الأسبوع القادم بعد تقديم السلطات الإطار العام لمحاور الحوار وسبل تنظيمه وتعيين الجهات الساهرة عليه. وبالرغم من إيقاف بعض المتظاهرين الذين استخدموا العنف وإدانتهم من قبل المحاكم فلم تتوقف تحركات المحتجين في مختلف جهات البلاد. وقررت تنسيقيات للحراك تغيير أماكن التظاهر والتجمهر يوم السبت 12 جانفي في مدينة بورج، وسط البلاد ، مما أجبر عمدة المدينة على اتخاذ احتياطات إضافية للوقاية من أي عمل عنف يستهدف التجهيزات البلدية و المحلات التجارية. و وعدت الحكومة بتعزيز المدينة بفرق أمنية إضافية و أعلنت عن رفع مستوى فرق التدخل في العاصمة إلى 5000 عون هذا السبت تحسبا من أي عمل تخريب.

إجراءات حازمة ضد المتظاهرين
خلافا للموقف «المتسامح» الذي أظهرته إلى حد الآن، قررت الحكومة الفرنسية تطبيق جملة من الإجراءات ضد كل من لا يحترم القوانين الجاري بها العمل. من ذلك أن وعد الوزير الأول ب «معاقبة الذين لا يقومون بالتصريح الإجباري على المظاهرات» بتجريم حمل المتظاهرين الأقنعة التي تغطي الوجه خلال المظاهرات. وهو ما يفتح المجال إلى مطاردتهم من أجل إيقافهم قبل تقديمهم للعدالة.

من ناحية أخرى، قررت الحكومة إجبار المتظاهرين «المخربين» الذين يقومون بتهشيم المحلات التجارية وحرق السيارات و الأمتعة العمومية و الخاصة بتحميلهم المسؤولية المدنية أي المسؤولية تجاه الآخر التي ينص عليها القانون و بذلك تكبيل المعتدين بالمصاريف الناجمة عن عمليات التخريب دون الرجوع إلى شركات التأمين. إجراء، إذا تم تنفيذه سوف يكلف المخربين مئات الآلاف من اليورو كتعويض للأضرار الملحقة كل يوم سبت. وتأمل الحكومة أن يكون الإجراء رادعا وقائيا لكل من ينوي الاعتداء على الأملاك.

منع التظاهر
إجراء آخر أحدث ضجة في أوساط الحقوقيين تعلق بمنع المتظاهرين المخربين من المشاركة في المظاهرات على غرار ما هو جاري به العمل منذ سنه 2000 في خصوص مشجعي أندية كرة القدم الذين يستخدمون العنف قبل أو بعد أو خلال المباريات الرياضية. و اعتبر بعضهم أن هذا الإجراء يشكل حدا من حرية التظاهر التي يكفلها الدستور. أما البعض الآخر فلم يعارض الإجراء بل أشار إلى صعوبة تطبيقه بسبب استحالة التعرف على هوية المخربين الذين يحملون أقنعة و أن أجهزة الشرطة ليست لها إمكانية اليوم لتطبيق مثل هذا الإجراء.

قائمات وطنية للمخربين
منع المخربين من المظاهرات يمر حتما برصد هوياتهم في سجل خاص. وهو ما فكرت فيه الحكومة يعد أن تقدم مجلس الشيوخ عام 2016 بمشروع قانون استحسنته الحكومة ينص على تكوين سجل للأشخاص الذين يمسون بالأمن العام بسبب تحركاتهم العنيفة. و تنوي الحكومة تقديم المقترح للبرلمان في شهر فيفري القادم قصد تقنين التدخل ضد المخربين، غير الرياضيين، وهو إجراء تخشى النقابات استخدامه من قبل السلطات للحد من الحق النقابي في التظاهر. وكانت المظاهرات النقابية الأخيرة في غرة ماي 2018 و خلال معارضة القانون المتعلق بإعادة هيكلة شركة السكك الحديدية قد شهدت أعمال عنف من قبل بعض النقابيين و من قبل مندسين بين المتظاهرين ألحقوا أضرارا بالممتلكات العامة في شوارع باريس.

وسوف تسمح هذه السجلات، إن رأت النور، بمنع المخربين من المشاركة في المظاهرات قبل وقوعها وبوضعهم تحت الإقامة الجبرية مدة التظاهر في الطريق العام. لكن كل هذه الوعود تشير إلى صعوبة مواجهة التحركات العنيفة في إطار النظام الديمقراطي. إلى حد الآن التزمت الحكومة باحترام المظاهرات و بعدم السماح للشرطة بالتدخل العنيف ضد المتظاهرين بل باستخدام آليات تفرقتهم مثل الغاز المسيل للدموع. لكن تصاعد العنف ضد أعوان الأمن و الشرطة خلف نوعا من الاحتقان في صفوف مختلف الفرق الأمنية التي تنادي عبر نقاباتهم بمدها ب «الوسائل اللازمة» للتدخل. وهو ما جعل الوزير السابق الفيلسوف لوك فيري ينادي بالسماح للأعوان الساهرين على الأمن خلال المظاهرات باستعمال سلاحهم لحماية أنفسهم ، مستخدما في ذلك مشاهد الملاكم الذي تهجم بالعنف على رجل أمن وهدد حياته على المباشر. لكن ، و بالرغم من صعوبة الموقف، لا تنوي الحكومة، إلى حد الآن، فتح باب المواجهة الدموية مع المتظاهرين بل تراهن على تدهور صورة «السترات الصفر» لدى الرأي العام و عزوف المتظاهرين السلميين عن المخربين لتسهيل محاصرتهم وعزلهم عن الحراك الشعبي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115