من الأرجح: هل تحتاج الإشكاليات الراهنة في الشأن الليبي إلى طرح مبادرات أحادية أو مؤتمر جامع؟

محمد محمود عبد الوهاب
( باحث في الشؤون الدولية)
مع اقتراب المشهد الختامي لعام 2018 ، فإن المشهد السياسي في ليبيا لم يقترب من تحقيق أي نجاح يُبشِر المتابعين

للمسألة الليبية بأن العام الجديد ربما يحمل أخباراً طيبة على صعيد التسوية السياسية وتحريك المياه الراكدة منذ شهور عديدة، لاسيما وأن الملف الليبي قد استحوذ خلال العام -الذي أوشك على الانتهاء- على نصيب « الأسد « من المؤتمرات والاجتماعات الدولية والاقليمية التي تعقد بين الحين والأخر لمناقشة أزمات وملفات ساخنة ( سوريا واليمن). مع ذلك لا يجب علينا أن نُصدِر إلى قارئ المقال أجواءاً تشاؤمية إذ قد يكون من الانسب أن نتطلع وإياه إلى ظهور «الأسد» في صفوف الليبيين وينتشل تلك البلاد الغنية بالموارد الطبيعية ومصادر النفط من أزماتها وينجح في إدارة المرحلة القادمة من أجل استعادة استقرار الأراضي الليبية وتماسكها وإنهاء سطوة الميليشيات المسلحة.

ولكن كيف يظهر ذلك الأسد المنتظر في ظل تعدد المسارات والمبادرات والمبادرات الفرعية -والتي تتكاثر بوتيرة متسارعة ومتشعبة- بما يضع علامات استفهام ويطرح تساؤلات عن مدى التقدم الذي أحرزه المبعوث الأممي الحالي في المشاورات مع الأطراف الليبية المختلفة والتنسيق أيضاً مع الفاعلين الدوليين بما في ذلك دول الجوار، لوضع حد للتطورات السلبية التي شهدتها الساحة الليبية في الأشهر الأخيرة ومنها استمرار الاستقطاب السياسي بين الفرقاء الليبيين وجمود مؤسسات الدولة، وغياب التمثيل العادل لكل أطياف المجتمع الليبي في السلطة التنفيذية، واستفحال ظاهرة الميليشيات المُسلحة والتهديد الذي تمثله ليس فقط للاستقرار السياسي والأمني في ليبيا وإنما أيضاً لاستقلالية القرار السياسي في طرابلس.

نحن لا ننتظر إجابة عن تلك التساؤلات، فالسيد غسان سلامة مُنشغل بأطروحات جديدة وينوى عقد فعالية أممية جديدة تحمل إسم المؤتمر الوطني الجامع في مدينة سرت أو مدينة غدامس خلال الربع الاول من العام الجديد، وبخلاف أن ذلك المؤتمر يهدف – وفقاً لما يفيد به غسان مسؤولي بعض الدول الغربية- إلى خلق شرعية جديدة تحل بدلاً من اتفاق الصخيرات، فإن المبعوث الأممي يسعى إلى استنساخ نموذج المحاصصة من التجربة العراقية وربما يظل مؤتمر الطائف لتسوية الأزمة اللبنانية عالقاً في ذهن المبعوث الأممي.

من حقنا كمتابعين ومهتمين بالشأن الليبي وأوردنا في هذا المقام الرفيع – جريدة المغرب- العديد من المقالات عن واقع ليبيا ومتابعة للملف الليبى، أن نعرب عن تطلعاتنا ومناشدتنا للفاعلين الدوليين والقوى الإقليمية ( دول جوار ليبيا بالأخص) وكافة الاطياف السياسية في ليبيا إلى ادراك حقيقة هامة ألا وهي أن الحل النهائي للأزمة السياسية يجب أن يكون ليبياً- ليبياً ( استناداً إلى التركيبة القبلية والجهوية للمجتمع الليبي) وأن التدخل الخارجي في الشأن الليبيى يُزيد من تعقيدات المشهد السياسي والأمني والعسكري، وواجبنا أيضاً أن نلفت الانتباه إلى تنصب أولوية البعثة الأممية بشكل أكبر على إتمام عملية تفكيك الميليشيات المُسلحة ، بالتوزاي مع أهمية التحسب لما قد يسفر عنه عقد الملتقى «الجامع الشامل المانع» دون الاتفاق على المخرجات المأمولة مع ضمان أن تلقى تلك المخرجات توافقاً عاماً من الليبيين.

يمكن القول أنه في حالة استمرار تمسك المبعوث الأممي بنهج عدم التنسيق الواضح والصريح مع الدول المعنية بالشأن الليبي والاستماع إلى تقييمهم بشأن أطروحاته ( الوثائق المقترح صدروها عن المؤتمر الجامع، قائمة المشاركين وغيرها من الترتيبات اللوجيستية والتنظيمية) ، فمن الأرجح أن تزيد تلك الأطروحات من حالة الإرتباك التي تسود المشهد الليبي ومساراته المتعددة ( سياسي ، وأمني عسكري، واقتصادي).

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115