ورغم أن زيارات رؤساء امريكا للجنود بالتزامن مع احتفالات اعياد الميلاد هي تقليد تتبعه الولايات المتحدة الامريكية الاّ ان زيارة ترامب وزوجته ميلانيا اثارت انتقادات عدة لان ساكن البيت الابيض انهى زيارته التي دامت 3 ساعات دون لقاء أي مسؤول رسمي عراقي .
وقال موقع رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي إن «خلافا حول تنظيم لقاء بين ترامب وعبد المهدي أدى إلى إلغائه» ، في حين اعتبر نواب ان سبب عدم اللقاء هو عدم علم السلطات الرسمية العراقية بهذه الزيارة . وتعالت اصوات في الساحة السياسية العراق تندد بما وصفته بـ«الانتهاك الصارخ لسيادة العراق». ووصل الغضب في الشارع العراقي حد مطالبة بعض الاحزاب بسحب القوات الامريكية من العراق على غرار الانسحاب من سوريا.
وزار ترامب وزوجته ميلانيا القوات الأمريكية، في قاعدة الأسد الجوية غربي بغداد ، لتهنئتهم بعيد الميلاد.وقال ترامب إنه ليس لديه خطط لسحب القوات الأمريكية من العراق، وذلك بعد نحو أسبوع من إعلانه عن سحب القوات الأمريكية من سوريا.ولا يزال هناك نحو 5000 جندي أمريكي في العراق، لدعم الحكومة في حربها ضد ما تبقى من تنظيم «داعش’’ الارهابي.
تغير بوصلة السياسة الامريكية
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي المختص في الشؤون الامريكية جاسم البديوي لـ«المغرب» أن الرئيس الامريكي دونالد ترامب يريد ان يظهر بمظهر الملتزم ببرنامجه الانتخابي، ويريد ان يحمل الديمقراطيين مسؤولية فشله في تحقيق (كل) وعوده.
اما عن موضوع الانسحاب من سوريا والبقاء في العراق قال محدّثنا ان ذلك معناه ان هناك تغييرا في سياسته الخارجية بالعودة الى التركيز على العراق كقاعدة للتواجد الامريكي هناك، مقابل الإقرار بالهزيمة امام المحور الآخر، وهذا ما أراد الجنرال ماتيس ان يبينه في رسالة الاستقالة.
وتابع الكاتب العراقي «منذ البدء لا يحب ترامب التعامل مع النخب السياسية ويتعالى عليها هو يركز الان على الإيفاء بوعوده من اجل شعبيته التي وصلت الحضيض لاسيما بعد موضوع الإغلاق الحكومي بعد رفض الكونغرس تخصيص ملايين الدولارات لبناء جداره على الحدود المكسيكية بعد ان كان يدعي ان تلك الأموال ستدفعها المكسيك. هو يخسر الان الجمهوريين حتى وهو يعتقد انه سينقذ شعبيته للتجديد له في الانتخابات القادمة».
في أبعاد الزيارة
على صعيد متصل قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي ثائر عبطان حسن لـ«المغرب» انّ زيارة ترامب الاخيرة الى قاعدة الأسد ببغداد يحاول من خلالها ساكن البيت الابيض اتخاذ قرارات حساسة وخطيرة في الوقت القليل المتبقي المعدود بالأيام ان لم يكن بالساعات قبل تسلّم الكونغرس الجديد مهام عملهِ مطلع جانفي القادم ، حيث يعلم بأن الكونغرس بشقيه النواب والشيوخ سيعرقلان عملهِ وانفراده باتخاذ قرارات مصيرية كما حصل في قرار انسحاب القوات الامريكية من سورية الذي صدم الجميع ، وكان من تداعياتهِ استقالة الجنرال ماثيس من منصبه كوزير للدفاع .
وبخصوص زيارة ترامب السرية للعراق قال محدّثنا ان زيارة ترامب السرية على متن طائرة مُطفأة الأنوار لقاعدة عين الأسد في غرب العراق’’ لا تحمل أي رسالة في رأيي وهي جزء من تخبط ترامب كما حصل لقواتهِ في سوريا ، ربما سيقوم بسحب ما تبقى من القوات الامريكية من العراق لأن العراق كموقع جيوسياسي واستراتيجي ليس أهم من سوريا حيث توجد قوات إيرانية وميليشيا حزب الله على تماس مع حدود اسرائيل ، علاوة على كون النفوذ الإيراني على الارض المتمثل بوجود اكثر من ربع مليون مقاتل مُدّرب جيدا من الحشد الشعبي ، هذا النفوذ سوف لن يسمح بالتواجد الامريكي ، وهنالك تجربة قبل سنتين حاول الأمريكان خلالها بناء قاعدة عسكرية في مطار القيّارة جنوب الموصل ، إلاّ ان صواريخ الكاتيوشا كانت تنهال على القاعدة في كل ليل ، ما دفع البنتاغون إلى صرف النظر عن هَذِهِ الخطوة».
وفيما يتعلق بعدم حصول لقاء بين ترامب والمسؤولين في العراق اجاب محدثنا ان «إلغاء اللقاء جاء على خلفية شكل اللقاء ومكانه وتشكيلة الوفد العراقي الذي سوف يلتقي ترامب ، حيث دخلت ايران على الخط وربما هي من سمّى بعض أعضاء الوفد ، وهذا ما لم يلق ترحيبا من ترامب ومرافقيه لدواعي أمنية ، وكذلك بروتوكولية» . واضاف «فليس من المقبول في الاعراف الدبلوماسية ان يتوجه رئيس الوزراء العراقي الى مقر ضيفهِ في قاعدة بلدهِ العسكرية ، وترامب بدورهِ سوف لم ولن يتوجه الى القصر الرئاسي العراقي في بغداد و الذي لا يبعد عن مقر السفارة الإيرانية مرمى حجر ، علاوة على الهاجس الأمني الذي كان غالبا على زيارة ترامب .. واكتفى ترامب بمكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي ربما سيفصح عن مضمونها في تصريح من مكتبه ، وهذا ما ينتظرهُ الجميع على أشدّ من الجمر» .