الكاتب والمؤرخ والأسير الفلسطيني السابق نواف الزرو لـ «المغرب»: هناك تطبيع عربي انهزامي غير طبيعي مع «إسرائيل» في زمن الحروب الاستعمارية

قال الكاتب والمؤرخ الفلسطيني والأسير السابق نواف الزرو أن الاحداث والتطورات تتلاحق على المستوى العربي والاقليمي

في خضم تواصل الحملات الاسرائيلية العدوانية-التهويدية الاختطافية مشيرا في حديثه لـ «المغرب» الى ان هناك حربا صهيونية للاجهاز على الارض والتاريخ والحضارة والتراث ..ودعا الى ان يتوحد كل الفلسطينيين في مواجهة «صفقة القرن» . يشار الى ان د. نواف الزرو امضى احد عشر عاما في معتقلات الاحتلال الاسرائيلي ، حكم بالمؤبد مدى الحياة عام 1968 وتحرر في اطار صفقة تبادل الاسرى عام 1979 . وهو كاتب صحفي وباحث خبير في شؤون الصراع العربي - الصهيوني .
له عديد المؤلفات منها : الكتاب السنوي التوثيقي لاحداث فلسطين 1980 - 1981 عن دار الجليل للنشر والابحاث الفلسطينية/عمان. الانتفاضة الفلسطينية الكبرى / 1988 بالاشتراك مع الدكتور اسعد عبد الرحمن، صدر عن المؤسسة العربية للنشر والتوزيع/بيروت. الفكر السياسي الإسرائيلي / 1989 بالاشتراك مع الدكتور اسعد عبد الرحمن/صدر عن دار الشروق للنشر في عمان.

موجات الغزو الصهيوني لفلسطين - 1990 بالاشتراك مع الدكتور اسعد عبد الرحمن/صدر عن دار اللوتس للنشر /عمان .
القدس بين مخططات التهويد الصهيونية ومسيرة النضال والتصدي الفلسطينية / 1991/ .
موسوعة النكبة الفلسطينية المستمرة :1990 - 2007 اضافة الى عديد المؤلفات والبحوث والدراسات.

• كيف ترون موجة التطبيع العربية مع العدو الصهيوني والى اين تسير الاوضاع ؟
لو كان هذا التهافت التطبيعي العربي مع الكيان وفقا –مثلا- للمبادرة العربية(وانا شخصيا اسجل بانني ضد المبادرة واي مبادرة تصفوية طرحت او ستطرح-، اي بعد ان تلتزم «اسرائيل» بـ«إقامة الدولة الفلسطينية» و«الانسحاب من الاراضي المحتلة»، وحل «قضية اللاجئين وحق العودة»، واعتبار «القدس عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة»، لقلنا هي المبادرة هكذا «تطبيع مقابل دولة عاصمتها القدس»، ولكن هذا الذي يجري في هذه الايام انما هو تطبيع عربي انهزامي مرعب امام الكيان.
انه تطبيع عربي انهزامي غير طبيعي مع «اسرائيل» في زمن الحروب الاستعمارية الصهيونية-الامريكية المفتوحة على فلسطين والأمة بكاملها...!.

• المصالحة الفلسطينية إلى أين وما هي آفاقها ؟
بعد ان استسلم الجميع الى حد كبير-فلسطينيا وعربيا-، الى قناعة ترسخت عبر جولات ومخاضات المصالحة الفلسطينية على مدى السنوات الماضية، بان مثل هذه المصالحة باتت بعيدة اذا لم تكن مستحيلة مستعصية، وبعد ان استراحت دولة الاحتلال الصهيوني الى ان الانقسام والانشطار والتحارب الفلسطيني-الفلسطيني بات حقيقة صارخة لم ولن تتغير في المستقبل المنظور ابدا، وبعد ان خيم الفيتو الامريكي على المصالحة الفلسطينية منحازا تماما الى الرؤية التفكيكية الاسرائيلية للمشهد الفلسطيني، وبعد ان اخفقت الفصائل الفلسطينية من التوصُّل إلى الصيغة المناسبة في اتفاقياتها السابقة: بمكة في 2007، وصنعاء في 2008، والقاهرة في 2011، والدوحة في 2012، والقاهرة مرة أخرى في 2012، وبمخيم الشاطي للاجئين في 2014.

بعد كل ذلك، تأتي المصالحة هذه المرة من قلب القاهرة ايضا لتفاجىء الجميع.
فما الجديد الذي طرأ يا ترى على المشهد ليعلن في القاهرة عن اتفاق المصالحة على نحو لم يثر في الشارع الفلسطيني على سبيل المثال أي تفاعل حقيقي....؟!.
فمصداقية المصالحة سقطت منذ سنوات....؟!.

• اذن هل ستصدق النوايا هذه المرة وتمضي فتح وحماس الى تطبيق جدي لاتفاق المصالحة....؟.
بإعلانها الذي جاء فيه «استجابة للجهود المصرية الكريمة، بقيادة جهاز المخابرات العامة المصرية والتي جاءت تعبيرًا عن الحرص المصري على تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وحرصًا على تحقيق أمل شعبنا الفلسطيني، بتحقيق الوحدة الوطنية، فإنّ حركة حماس تعلن: أولاً، حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة. ثانيًا، دعوة حكومة الوفاق للقدوم إلى قطاع غزة، لممارسة مهامها والقيام بواجباتها فورًا. ثالثًا، الموافقة على إجراء الانتخابات العامة. وجاء في البند الرابع والأخير من البيان: استعداد الحركة لتلبية الدعوة المصرية للحوار مع حركة فتح، حول آليات تنفيذ اتفاق القاهرة 2011 وملحقاته، وتشكيل حكومة وحدة وطنية في إطار حوار تشارك فيه الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق 2011 كافة»، هل تكون الخطوة الاولى لمسيرة الألف ميل فلسطيني قد تمت....؟!.

• وماذا عن الملفات –المعوقات التي تحولت الى تحديات من الوزن الثقيل، تراكمت على مدى السنوات الماضية...؟
لعل في مقدمة هذه التحديات الاستعداد الحقيقي لتقديم تنازلات من أجل تحقيق المصالحة، ومن اهمها إرادة الشراكة السياسية بين الطرفين، واختلاف أو تضارب البرامج السياسية بينهما، وملفات موظفي حكومة حماس بغزة، وملف الهيئات والمؤسسات الادارية الحمساوية التي تشكلت وتكرست خلال سنوات حكم حماس، وكذلك ملف منظمة التحرير، وسيناريو إعادة صياغة مؤسساتها وتمثيل حماس فيها، وكذلك الملف الاهم والاخطر المتعلق بالقوة العسكرية والاجهزة الاستخبارية التابعة لحماس، التي تسيطر سيطرة مطلقة على الفصائل والحياة والتحركات في القطاع.
ولكن، وفي الحسابات الفلسطينية، فإن «إسرائيل تمثل تحديًا رئيسيا وعقبة كبيرة في وجه المصالحة الفلسطينية، وفي وجه الوحدة الفلسطينية، فالانقسام واستمرار الانقسام يشكل مصلحة استراتيجية اسرائيلية، فلماذا تصمت إسرائيل عن المصالحة بين فتح وحماس هذه المرة...؟. وفي هذه المسألة، تساءل الكاتب الإسرائيلي يوني بن مناحيم ، عن الصمت الإسرائيلي إزاء

مباحثات المصالحة الفلسطينية الجارية بين حركة (حماس) وحركة (فتح)، معتبرا أنه سلوك غريب عن إسرائيل. موضحا «أن هذا الصمت الإسرائيلي يتزامن مع ما يجري الحديث عنه من رفع الفيتو الأمريكي عن المصالحة، وإعطاء الرئيس دونالد ترمب الضوء الأخضر لمصر والسلطة الفلسطينية لاستكمال هذه المصالحة بغرض الخروج بموقف فلسطيني موحد للذهاب لمفاوضات سياسية مع إسرائيل». مردفا-اي بن مناحيم- «أن إسرائيل أعلنت معارضتها لاتفاقات مصالحة فلسطينية سابقة بصورة حادة، ورفضت أي تعاون وتقاسم للحكم بين حماس والسلطة الفلسطينية». مستخلصا:«إن إسرائيل ربما تحاول هذه المرة التزام الحذر وعدم التعقيب، انطلاقا من تقديرها بأن اتفاق المصالحة لن يخرج إلى النور ولن تتمكن الحركتان من ترجمة تصريحاتهما إلى سلوك عملي على الأرض».

• ماهو مستقبل القضية الفلسطينية في ظل الاوضاع القائمة؟
تتلاحق وتتكاثف الاحداث والتطورات على المستوى العربي والاقليمي من جهة، بينما تتواصل الحملات الاسرائيلية العدوانية-التهويدية الاختطافية على نحو محموم لم يسبق ان شهدناه قبل ذلك، ففي المشهد الفلسطيني حروب صهيونية مفتوحة للاجهاز على الارض والتاريخ والحضارة والتراث وكل المعالم التراثية التي تحكي حكايات الوجود والحضور العربي في هذه البلاد-فلسطين، حروب صهيونية مفتوحة لاختراع رواية وهوية وحضارة صهيونية مزيفة على انقاض روايتنا وهويتنا وحضارتنا العربية الاسلامية.
وفي المشهد الفلسطيني ايضا هناك في الافق «صفقة القرن» التصفوية، التي يجب ان يتوحد كل الفلسطينيين في مواجهتها.
وهناك في المشهد العربي حالة انهيار شامل للأمن القومي العربي –باستثناء قوى المقاومة الصامدة-، وهناك غياب للدور المصري تحديدا، الذي كيفما يكون تكون الامة منذ العهد الناصري الخالد، وهناك ايضا الاخطر تهافت تطبيعي خياني لا يصدق جريء الى حد الوقاحة.

لكل ذلك نقول ان القضية الفلسطينية في اخطر مراحلها، وهذا يستدعي لملمة الاوراق والطاقات الفلسطينية.
والأمة العربية في أسوأ اوضاعها، والمشروع النهضوي التحرري العربي يحتاج الى يقظة حقيقية لدى كل القوى الحية في العالم العربي..!.
ولذلك فان السؤال الكبير يتركز في ضوء كل ذلك على الخطاب السياسي الاعلامي الفلسطيني أولا ، ثم العربي ثانيا، واعتقد شخصيا اننا فلسطينيا وعربيا بحاجة اليوم اكثر من اي وقت مضى، الى اعادة صياغة مضمون ورسائل خطابنا الاعلامي السياسي، من خطاب تفاوضي تسووي مفاوض مختل عبثي، الى خطاب واضح وصريح يتحدث عن الوطن التاريخي والحقوق المغتصبة المهودة وعن حق العودة والتحرير ...فلا ينفع مع الصهاينة إلا مثل هذا الخطيب....!.

• وما رؤيتكم لصفقة القرن ؟
الحقيقة الكبيرة الساطعة التي يمكن توثيقها في سياق قراءة وعد-اعتراف الرئيس الامريكي ترامب بـ«القدس عاصمة ابدية لاسرائيل»، ان هذا الوعد الاعتراف لم يأت هكذا كتصرف ارعن اهوج كما يقال من قبل ترامب، وانما جاء في سياق ظروف فلسطينية وعربية واقليمية منهارة الى حد كبير، بل وفي ظل ظروف عربية منقسمة: معسكر ذهب للتحالف مع ترامب و«اسرائيل»، ومعسكر آخر في مواجهة ذلك، كما جاء الوعد الاعتراف في سياق استراتيجية وحرب امريكية-اسرائيلية شرسة ومفتوحة لتغيير كل معالم وخرائط المنطقة لصالح «اسرائيل».
فتح هذا الوعد-الاعتراف الترامبي كل الملفات المعلقة وكل التحليلات الممكنة، كما اسقط جملة من الاوهام المتعلقة بعملية المفاوضات والتسوية والتعايش والتطبيع مع الاحتلال الصهيوني، وأعاد البوصلة الى فلسطين والصراع العربي-الصهيوني، فكان لذلك تداعيات على كل المستويات الاسرائيلية والفلسطينية والعربية والدولية-الاممية.
وليس من شك ان وعد او اعتراف او تصريح ترامب بان «القدس عاصمة لاسرائيل الى الابد»، بمثابة قرار تاريخي يطوي صفحة وعقودا من الزمن في السياسية الامريكية المضللة والمزيفة والاستهلاكية والرمادية، فاصبحنا الآن في مواجهة سياسة ومواقف امريكية واضحة وسافرة ومنحازة انحيازا كاملا واجراميا الى جانب المشروع الصهيوني و»اسرائيل» التي تمارس الارهاب ضد الفلسطينيين على مدار الساعة وفي وضح النهار، وفي الحقيقة وان كان ترامب قد اعلن اعترافه هذا بلغة بلطجية-كاوبوية، الا انه امتداد لسياسات امريكية وتفاهمات امريكة –اسرائيلية في كل ما يتعلق بالقدس والقضية والحقوق العربية الفلسطينية، فقد كشف ترامب عن الوجه الامريكي الحقيقي البشع.

• هل ستمر الصفقة ام لا...؟
لا شك ان الجواب على هذا السؤال الكبير رهن بالقرار والتوقيع الفلسطيني، واعتقد شخصيا ان لا يوجد قائد او مواطن –وطني-فلسطيني يمكن ان يوافق على هكذا صفقة تصفوية...!

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115