عقبات داخلية وخارجية أمام «البريكست»: بريطانيا والانفصال الصعب عن أوروبا

انطلقت فعاليات القمة الأوروبية امس واليوم الجمعة للنظر في خطط الخروج البريطاني من الاتحاد الاوروبي

«البريكست» وسط تنامي حدّة الخلافات الداخلية في المملكة والتي وصلت حد تصويت حزب المحافظين الحاكم على حجب الثقة عن رئيسته تيريزا ماي ، إلاّ أنه لم ينجح في ذلك لتستمر ماي على رأس الحكومة المُتفاوضة مع أوروبا على اتفاق يرضي الطرفين ويرسم خطط البلاد ما بعد «البريكست».

وتحاول رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تحقيق فوز جديد لها خارج البلاد بعد نجاحها في تخطي حجب الثقة الذي صوت عليه حزبها امس الاول ، وذلك بعد 3 اسابيع من اقرار نص اتفاق بريكست .

وتحاول ماي من خلال جولاتها الخارجية المتكررة كسب تطمينات بشأن المخاوف مما يسمى خطة «شبكة الأمان» المرتبطة بحدود إيرلندا الواردة في اتفاق بريكست وهو ما قد يساعد في إقناع البرلمان بالموافقة عليه.

ورغم ان الاتفاق الذي تم تقديمه لزعماء 27 دولة اوروبية قد لاقى موجة ترحيب الا انه لاقى ايضا موجة رفض من عدد من الدول اولها اسبانيا التي هددت بعدم التصويت بسبب بنود خلافية تتعلق باستغلال مضيق جبل طارق. الترحيب الخارجي قابلته موجة معارضة غير مسبوقة داخل اسوار المملكة المتحدة أطاحت في البداية بعدد كبير من الوزراء من حكومة ماي مما يُهدّد بإمكانيّة فشل التصويت عليه في البرلمان الذي تم تأجيله الى جانفي المقبل.

ويرى متابعون ان نجاح مثل هذه الفرضية وعدم الموافقة على الاتفاق سيغذي مطالب شق داخل المملكة المتّحدة بتنظيم استفتاء ثان للعودة الى الاتحاد الاوروبي مشككين في الاتفاق الذي تعمل حكومة تيريزا ماي على صياغته منذ سنتين ،ومارافقه من حملة ضغط على الحكومة ورفض داخلي كبير لأغلبية بنود الاتفاق الذي تحاول ماي جاهدة تمريره للبدء في مرحلة مابعد البريكست .

تعقيدات وخلافات
وفي ظل تفاقم الخلاف داخل بريطانيا سعى الزعماء الأوروبيون خلال هذه القمة إلى المساعدة على توفير أغلبية لهذا الاتفاق داخل البرلمان البريطاني وتجنب انفصال فوضوي لبريطانيا عن الاتحاد الأوروبي والمقرر تنفيذه رسميا نهاية مارس المقبل.

ويستمرّ الجدل في بريطانيا حول اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي المصادقة على اتفاق انفصال المملكة المتحدة بصفة رسمية عن القلعة الأوروبية، وأيضا إعلان الخطوط العريضة وتفاصيل مرحلة مابعد «البريكست» خاصة فيما يتعلق بعلاقة بريطانيا بدول الاتحاد الاوروبي.

وظهرت الى السطح موجة معارضة ورفض شديدين على المستوى الداخلي لفحوى الاتفاق وصلت حدّ تصويت حزب المحافظين الجدد امس على قرار يقضي بحجب الثقة عن رئيسته تيريزا ماي ، الاّ أن ماي تمكنت من النجاة بعد تصويت 200 عضو ضدّ هذا القرار .

بالإضافة الى الانتقادات الداخلية الحادة وموجة الاستقالات التي هزّت حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي قبل حوالي أربعة أشهر من خروج بريطانيا المقرر في 29 مارس 2019 ، لاقت مسودة الاتفاق ايضا رفضا خارجيا خاصة من جهة الحكومة الاسبانية بخصوص مصير جيب جبل طارق في إسبانيا وحقوق صيد السمك للأوروبيين في المياه البريطانية.

تداعيات خارجية
اذ لاشكّ في أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد فوز معسكر «الخروج» على معسكر «البقاء» ، غيّر وسيغير خطوط المشهد السياسي البريطاني في مرحلة أولى والعالمي في مرحلة ثانية كما كانت له تداعيات سياسية واقتصادية عدة باعتبار المملكة إحدى قاطرات التكتل الأوروبي والفاعل الاستراتيجي على المستوى الأوروبي، والنموذج على المستوى الديمقراطي ، في وقت تتنامى فيه حدّة النزعة الانفصالية عن القارة العجوز ووضعها أمام تحدّي الحفاظ على الوحدة وحرب النأي بالوحدة الأوروبية عن التجاذبات الإقليمية والدولية.

المشهد السياسي البريطاني عاش على وقع اضطرابات مستمرة منذ الإعلان عن خروج المملكة من الاتحاد الاوروبي ، ممّا أحدث شرخا عميقا وانقساما جغرافيا حادّا في البلاد بين مؤيدي البقاء ورافضيه.

ويرى مراقبون أنّ الانقسام الذي أحدثه الاستفتاء غذى الصراع السياسي داخليا ، و فتح الباب أمام تصدع الاتحاد الأوروبي بعد خمسين عاما على البناء الشاق، حيث طالبت اسكتلندا بالانفصال عن بريطانيا، وتأييد البقاء داخل الاتحاد الأوروبي .تنامي النزعة الانفصالية بات يمثل تهديدا حقيقيا للقارة الأوروبية بعد خروج المملكة المتحدة ، خصوصا مع وجود أطراف داعمة ومحرّكة لذلك، ونعني بذلك اليمين المتطرّف الذي سطع نجمه في انتخابات عدة دول غربية في الآونة الأخيرة

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115