الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الطوسة لـ«المغرب»: «صور العنف في الاحتجاجات ضربت بشكل سلبي صورة فرنسا في الخارج وماكرون في الداخل»

قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الطوسة لـ’’المغرب’’ أن مشاهد العنف والمواجهات

بين قوى الأمن والمتظاهرين أعطى الانطباع أن الوضع الأمني قد يشهد انزلاقات خطيرة ضربت بشكل سلبي صورة فرنسا في الخارج ومصداقية ماكرون في الداخل . وأضاف الطوسة أن محاولة الاستغلال السياسي لمطالب حركة السترات الصفراء قد يعقد تداعياتها وطريقة تعامل الحكومة معها.

• ماهي قراءتكم لاحتجاجات «السترات الصفراء» ، ماهي ابعادها ؟
تخيّم على فرنسا هذه الأيام أجواء من التساؤل والترقب ممزوجة بالقلق والخوف لمعرفة مصير عملية شد الحبال التي تجري حاليا بين إيمانويل ماكرون وحركة السترات الصفراء. وما زاد الطين بلة عنصران أساسيان أثرا بشكل قوي على ملامح هذه الأزمة.
العنصر الأول هي مشاهد العنف والمواجهات بين قوى الأمن والمتظاهرين التي أخذت من جادة الشانزليزيه مسرحا لها. ما أعطى الانطباع أن الوضع الأمني قد يشهد انزلاقات خطيرة ضربت بشكل سلبي صورة فرنسا في الخارج ومصداقية ماكرون في الداخل. والعنصر الثاني يكمن في المواقف التي عبر عنها كل من رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة إدوار فليب والتي رفضت أي تراجع عن المقاربة الضريبية التي فرضها على الاقتصاد الفرنسي بحجة تمويل مشاريع مرحلة الانتقال البيئي.

• كيف ترون موقف حكومة ايمانويل ماكرون من هذه التطورات ؟
تبقى كل من مواقف الحكومة ومواقف السترات الصفراء بعيدة عن أي منطق تنازل ولا يلوح في الأفق أي مؤشر تفاوض بالرغم من اللقاء بين رئاسة الحكومة ووفد عن السترات الصفراء. فالحكومة مصرة على الإبقاء على سياستها الضريبية ..ما أعطى الانطباع أن حوار’الطرشان’ هو الذي يطبع الحياة السياسية الفرنسية. السترات الصفراء تطالب بإجراءات لتحسين قدراتها الشرائية. والحكومة رافضة لأي تراجع عن سياستها الضريبية.

• هناك مخاوف من تصعيد محتمل بعد ان اتهمت الحكومة اطرافا باستغلال هذه الاحتجاجات؟
استغلت قوى المعارضة السياسية لإيمانويل ماكرون هذا الوضع للنزول إلى الشارع ومساندة حركات السترات الصفراء. فزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبين عبرت عن دعمها لمطالب هذه الحركة في حين قال جان لوك ملونشون زعيم فرنسا الأبية من اليسار المتطرف أن سيشارك شخصيا في هذه التظاهرة. في حين حاول اليمين التقليدي بزعامة لوران فوكيي أن يركب موجات الغضب التي تحملها هذه الحركة. ويأتي نزول هاته القيادات السياسية على خلفية اتهامات من طرف وزير الداخلية كريستوف كاستانير لقوى اليمين المتطرف بالوقوف وراء أعمال النهب والتخريب التي عاشتها جادة شان إليزي.
بعض المحللين يرون أن هذا الاستغلال السياسي لمطالب حركة السترات الصفراء قد يعقد تداعياتها وطريقة تعامل الحكومة معها خصوصا وأن معظم المشاركين يرفضون مبدأ التسييس ويعتبرون هذا الاستغلال المحتمل بمثابة صب الزيت على النار وتعقيدا إضافيا لمعادلة أمنية أصلا شديدة التعقيد وصعبة المعالجة.

• هل سنشهد تصعيدا في باريس؟
بالرغم من ذلك يبقى التحدي الكبير الذي ستعيشه هذه الحركة اليوم يطال التطورات الأمنية التي قد تشهدها جادة الشأن إليزي. فإذا تجددت مشاهد المواجهات التي دفعت بالسلطات الأمنية إلى استعمال خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين سيعتبر ذلك فشلا سياسيا وامنيا ذريعا لحكومة إيمانويل ماكرون قد تستغله المعارضة لإضعاف أدائه ولممارسة ضغط غير مسبوق على ما تبقى من ولايته.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115