قال الكاتب والمحلل السياسي ثائر عبطان حسن انّ قمة العشرين التي تحتضنها الارجنتين ولدت ميتة ولن تحمل سوى المزيد من الاختلافات والتناقضات بسبب عمق الخلافات وتباين المصالح بين أعضائها في أجواء لا تشير الى وجود تنازلات فيما بينها في ظل تصاعد التطرّف اليميني والمصالح القومية لأغلب أعضاء المجموعة . وأضاف تصاعد الخلاف التجاري والضريبي بين أمريكا والصين سيترك أثره على باقي أعضاء المجموعة بكاملها .
• لو تقدمون لنا قراءتكم في التحديات المطروحة أمام قادة قمة العشرين المنعقدة في الارجنتين؟
لم تشهد قمة الدول العشرين صعوبات وتحديات منذ تأسيسها في سبتمبر من عام 1999 في واشنطن مثلما تشهدها في قمتها الحالية في بيونس آيرس في الأرجنتين .
الصعوبات والتحديات كبيرة جدا لا يمكن اختزالها في سطور لجسامتها ، لكن يمكن تصنيفها الى شقين أساسيين ، الشق السياسي والشق الاقتصادي ، فعلى الصعيد السياسي، تعاني أغلب الدول التسع عشرة المشاركة من مشاكل سياسية داخلية وهي آخذة في التفاقم على نحوٍ تصاعدي ، إبتداءً من الدولة المضيّفة الأرجنتين ، مرورا بالبرازيل التي تعاني من اضطراب سياسي يتعلق بقضايا الفساد وتفشي الجريمة المنظمة وصعود اليمين المتطرف الى هرم السلطة والمكسيك التي لا تختلف عنها كثيرا مضافا لها أزمة الهجرة وتوافد الملايين من الفقراء من جاراتها من الدول اللاتينية كهندوراس وغواتيمالا على خط حدودها مع الولايات المتحدة التي أوفدت اكثر من عشرة آلاف جندي لتلك الحدود وهي مخولة باستخدام القوة لردع هؤلاء اللاجئين ومنعهم من دخول الاراضي الامريكية ، وكما نعلم فإن فرنسا تمر هي الاخرى بوضع مضطرب منذ السبت الفائت بعد تصاعد احتجاجات اصحاب « الستر الصفراء «مما أدى الى تعطيل الحياة اليومية وشلها بعد حصول حالات عنف وسقوط العديد من القتلى والجرحى ، ألمانيا هي الاخرى تعاني من احتراب سياسي داخلي بسبب أزمة الهجرة التي أطاحت بالمستشارة ميركل من هرم السلطة وأفقدتها الأغلبية البرلمانية التي كانت تتمتع بها في البوندستاج .
• ماذا عن الولايات المتحدة الامريكية وأوضاعها الداخلية والخارجية خصوصا المتعلقة منها بتأثيرات قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي وعلاقة واشنطن بالرياض ؟
الولايات المتحدة الامريكية ، وكما يعلم الكثيرون ، فأنها بأسوأ حالاتها منذ عقود ، فهناك انقسام سياسي حاد ، وانقسام مجتمعي أشدّ عمقا بسبب قوانين الهجرة الجديدة وكذلك نظام التأمين الصحي وانخفاض اجور ساعات العمل اليومية وأزمة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي لم تنتهِ لحد هذا الْيَوْمَ وأطاحت بأكثر من مستشار ووزير في حكومة ترامب الحالية .
السعودية أيضا لا تزال تعاني من تداعيات أزمة إغتيال الصحفي جمال خاشقجي في قنصليتها في اسطنبول وهي تمر بأصعب أزمة داخلية وإقليمية ودولية مُذ تأسيسها وقد توترت علاقاتها كثيرا مع حلفائها قبل خصومها ما جعلها تخسر الكثير من سمعتها في الداخل قبل الخارج . هذه أمثلة قليلة على بعض اهم أعضاء دول قمة العشرين التي لا يسع المجال في الحديث عن باقي أعضائها هنا .
• ماذا بخصوص الاوضاع الاقتصادية والحروب التجارية بين مختلف الدول المشاركة ؟
على الصعيد الاقتصادي ، فإن جميع دول المجموعة ، ومن دون استثناء ، تعاني من مصاعب وتحديات اقتصادية جمّة ، وصلت حد الحروب التجارية الإقليمية والدولية ، فهناك حرب تجارية اوروبية - أوروبية ، وحرب تجارية أمريكية - أوروبية ، وأخرى صينية - أمريكية ، كانت نتيجتها أيضا حرب تجارية أمريكية - روسية وأوروبية - روسيا أيضا .. ولَم تنجو أي دولة من تداعيات هَذِهِ الحروب، وأحسنها حظا حصلت على مقاطعة وحصار تجاري وضريبي من هَذِهِ الدولة او تلك.
ولهذا فإن هَذِهِ القمة وُلدت ميتة ، وسوف لن تشهد سوى المزيد من الاختلافات والتناقضات بسبب عمق الخلافات وتباين المصالح بين أعضائها في أجواء لا تشير الى وجود تنازلات فيما بينها في ظل تصاعد التطرّف اليميني والمصالح القومية لأغلب أعضاء المجموعة .
• كيف تتوقعون نتائج هذه القمة ؟
لا جديد يمكن توقعه في هَذِهِ القمة ، وإذا كان من جديدٍ فيها ، فسوف لن يكون أكثر من خلافات جديدة وبالأخص هنالك حديث عن وجود قمة سرية أمريكية – صينية خلف الأبواب المغلقة لتصفية الحسابات التجارية وأغلب الاّراء تشير الى تصاعد الخلاف التجاري والضريبي بين أمريكا والصين وهذا ما سيترك أثره على باقي أعضاء المجموعة بكاملها .
الجديد الآخر هو احتمال قيام السعودية بإبرام المزيد من الصفقات التجارية الضخمة مع العديد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا ، وربما روسيا والهند والصين ، وكل ذلك للخروج من محنة أزمتها التي تمر بها إثر اتهام حكومتها بقتل الصحفي جمال خاشقجي وتقطيع جثتهِ لتخفيف الضغوط الدولية والاقليمية عنها وتحسين صورتها وتلميعها، للخروج بأقل الخسائر الممكنة ، محليا ودوليا.