د. عابد الزريعي المنسق العام للمؤتمر الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني لـ«المغرب»: نعيش لحظة تغيرات دولية كبرى تفتح آفاقا أرحب للنضال الوطني الفلسطيني

اعتبر د. عابد الزريعي المنسق العام للمؤتمر الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني ان اللحظة الراهنة

هي لحظة تغيرات دولية كبرى مشيرا الى ان العالم ينتقل من نظام احادي القطبية تهيمن عليه الولايات المتحدة الامريكية الى عالم متعدد القوى والاقطاب على الصعيد الدولي. واضاف في حديثه لـ «المغرب» الى ان هذا المتغير يفتح افاقا أرحب واوسع للنضال الوطني الفلسطيني على المستوى الدولي. واكد ان اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني هو فرصة لتركيز الاهتمام على القضية الفلسطينية وليذكر بان الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه الذي حددته الجمعية العامة، وهي الحق في تقرير المصير دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال الوطني والسيادة، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أُبعِدوا عنها.

• ماذا يمثل اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني؟
بداية يحتاج الامر الى توضيح حول خلفيات تحديد يوم 29 نوفمبر من كل عام كيوم احتفالي للأمم المتحدة واعتباره يوما دوليا للتضامن مع الشعب الفلسطيني. لقد اتخذ القرار بذلك وفقا للولايات المخولة من الجمعية العامة في قراريها 32/40 المؤرخ 2 ديسمبر 1977، و34/65 المؤرخ 12 ديسمبر 1979، والقرارات اللاحقة التي اتخذتها الجمعية العامة بشأن قضية فلسطين. وذلك على خلفية قرار الجمعية العامة رقم 181 الذي اتخذته عام 1947، والمعروف باسم قرار التقسيم الذي نص أن تُنشأ في فلسطين” دولة يهودية” دولة عربية“، مع اعتبار القدس كيانا متميزاً يخضع لنظام دولي خاص. وقد كانت النتيجة انه من بين الدولتين المقرر إنشاؤهما بموجب هذا القرار، لم تظهر إلى الوجود إلا دولة واحدة هي إسرائيل. لذلك يتخذ العالم من هذا اليوم فرصة لتركيز الاهتمام على القضية الفلسطينية وليذكر بان الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه الذي حددته الجمعية العامة، وهي الحق في تقرير المصير دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال الوطني والسيادة، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أُبعِدوا عنها. وعلى الرغم من الطابع الاحتفالي الذي تتخذه المناسبة من قبل الامم المتحدة، الا ان ذلك لا يمنع من استغلالها للدفع بمستوى العملية التضامنية مع الشعب الفلسطيني الى افاق اوسع وعلى اسس نضالية تسمح في نهاية المطاف بانتزاع حقوقه الوطنية.

• تحتضن تونس يوم غد الدورة الثالثة للمنتدى فما أبرز الملفات التي سيناقشها ؟
أسس المؤتمر الدولي للتضامن النضالي التشاركي مع الشعب الفلسطيني عام 2015 بهدف الدفع بالعملية التضامنية مع الشعب الفلسطيني الى افاق اوسع وأرحب على قاعدة الشراكة النضالية، وانطلاقا من قناعة بان الاختراقات الكبرى التي يقوم بها الكيان الصهيوني عبر عملية التطبيع جعلت من المعركة معه تدور على كامل الساحة العربية الامر الذي فرض على الجماهير العربية ان تكون شريكة فعلية في النضال وليست متضامنة فقط. والمؤتمر عبارة عن صيغة او إطار عام يضم عديد القوى ومنظمات المجتمع المدني من اقطار عدة، وهو يعقد دورته الثالثة يوم 2 ديسمبر في تونس بالتوازي مع جلسة شبابية تعقد في غزة ــ فلسطين وفي ذات التوقيت كتأكيد على التشاركية النضالية. هذه الدورة تعقد تحت شعار رئيس مستجيب لتحديات اللحظة التاريخية وهو التطبيع. لذلك سيكون شعار المؤتمر « مقاومة التطبيع دعم لقضيتنا الفلسطينية وحماية لهويتنا والتزام بقيمنا الانسانية» وستدور اعمال المؤتمر حول محورين رئيسين. الاول بعنوان: التطبيع: استراتيجيات الهيمنة والمقاومة. والثاني مقاومة التطبيع نماذج وتجارب. اما المداخلات التي تغطي الموضوعين فيها متعددة ومتنوعة وعميقة سيتحدث فيها اخوة من فلسطين وتونس وليبيا وموريتانيا والاردن والجزائر والكويت وافريقيا شمال القارة. اضافة الى تسجيلات ميدانية ستبث خلال المؤتمر من قلب مسيرة العودة على الحد الزائل في غزة وفي مواجهة الكيان الغاصب.

• ما مستقبل القضية الفلسطينية في خضم التحديات التي تواجهها المنطقة.؟
غالبا ما يتذكر ابناء الشعب الفلسطيني المثل الذي كان يردده الشهيد ابوعمار « ياجبل مايهزك ريح» شخصيا اضيف مثلا اخر من التراث الشعبي الفلسطيني « اشتدي أزمة تنفرجي». المسألة ليست هروبا من حقيقة الواقع وانما وعيا عميقا به. فعلى المستوى الدولي نجد ان اللحظة الراهنة هي لحظة تغيرات دولية كبرى. العالم ينتقل من نظام احادي القطبية تهيمن عليه الولايات المتحدة الامريكية الى عالم متعدد القوى والاقطاب على الصعيد الدولي. قد تكون عملية الانتقال صعبة وقاسية واشبه بالعملية القيصرية، لكن في النهاية المولود سيطل برأسه ويصرخ صرخة الحياة. هذا المتغير يفتح افاقا أرحب واوسع للنضال الوطني الفلسطيني على المستوى الدولي. على المستوى القومي ورغم كل الالام والاوجاع وفي خضم كل التحديات سورية صمدت وانتصرت ومعها محور مقاوم في حرب هي حرب كونية بكل المقاييس، هذا الانتصار يعيد فلسطين بالضرورة الى الحاضنة القومية الدافئة التي تسمح بتقدمها بخطى ثابتة الى الامام. وعلى المستوى الوطني الفلسطيني،هناك متغيرات رئيسة هي التي توجه بوصلة القضية فالجماهير الفلسطينية تبدع اشكالا نضالية اذهلت العدو ونالت فخر الصديق، عبر مسيرة العودة المتواصلة للاسبوع الخامس والثلاثين على التوالي رغم التضحيات الجسام لكنها تشق طريقها بثقة يعززها صمود المقاومة الفلسطينية في غزة. في ضوء التلاقي بين العامل الدولي والقومي والوطني نستطيع القول ان مستقبل القضية الفلسطينية لن يكون الا ذلك الذي يليق بالتضحيات التي قدمها الشعب الفسطيني ومعه احرار العالم.بالتأكيد هناك منغصات وانقسامات وخيارات سياسية بائسة واوجاع لكنها تبقى المظهر الثانوي للحقيقة وليس وجهها الاصلي الذي يقول شعبنا في ميدان المعركة براياته المرفوعة.

• وكيف ترون السياسات الامريكية في المنطقة؟
بلا شك ان السياسة الامريكية في المنطقة وتجاه الشعب الفلسطيني تحديدا في حالة هجوم كبير، يتجلى في خطوات كبيرة من نوع نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والالتفاف على قضية اللاجئين وحق العودة ومحاولة تقويض الاونروا، وكأنها تريد ان تنتزع مرة واحدة مالم تستطع انتزاعه على مدى سبعين عاما من الصراع. لكن السؤال الذي لابد من طرحه يقول : هذا الهجوم الواسع هل هو دليل عافية وصحة ام انه يعكس ازمة بنيوية عميقة تعيشها الولايات المتحدة الامريكية؟ شخصيا اميل الى انها بذلك تعبر عن ازمتها التي تتلخص في ادراكها انها لم تعد تمسك بمقود السياسة العالمية وان العالم يتغير والتحديات تنفجر في وجهها هنا وهناك ، لذلك هي تسابق الزمن لتوفير كل مايمكن ان تؤمن به للكيان الصهيوني الاستدراة ومحاولة معالجة بعض التحديات في مواقع اخرى في العالم،. معتمدة في هذا الهجوم على ادوات اقليمية مثل العربية السعودية في تنفيذ ماتريد. المطلوب منا الثبات في الموقف وفي ميدان المواجهة، عامل الزمن مهم هي تريد ان تحسم في اسرع وقت يجب ان لانسمح لها بذلك فكل يوم يمر يزداد ترنحها .. لننظر لوضعها الداخلي على خلفية قضية الخاشقجي ولننظر كذلك للرفض الجماهيري المتنامي ضد السياسة السعودة بوصفها اداتها المعتمدة ولننظر لحالة الكيان الصهيوني، ونستوعب الصورة جيدا لنقول انها معركة عض الاصابع .. ونحن لن نصرخ اولا.

• ما مخاطر صفقة القرن؟
صفقة القرن ليست بنود تسوية محددة وواضحة المعالم ، هي سيرورة فعل سياسي يهدف الى اعادة ترتيب المنطقة بما يسمح بتامين الكيان الصهيوني وتوفير شروط هيمنته على المنطقة العربية، على ضوء ذلك فإنها تستهدف الجميع من المحيط الى الخليج. وهذا لا ينفي انها في جوهرها تريد تصفية القضية الفلسطينية وانتزاع تنازل تاريخي من الشعب الفلسطيني. لذلك فان مواجهتها يجب ان يندرج في سياق الفعل النضالي اليومي المتراكم والوعي لحقيقة المتغيرات الحادثة التي تمضي لصالحنا وليس لصالح العدو.

• كيف يمكن تفعيل التضامن التشاركي مع الشعب الفلسطيني.؟
ذلك يستدعي مجموعة من القضايا، تأتي في المقدمة التركيز على بناء الوعي واعادة تلميع ذاكرة شعوبنا وتعريف الاجيال الجديدة بحقيقة الكيان الصهيوني وحقيقة القضية الفلسطينية بما يستدعيه من نضال فكري يجب ان تنخرط فيه ليس فقط منظمات المجتمع المدني وانما وسائل الاعلام الوطنية والمثقفين المنتمين والمفكرين كعمل دؤوب ومتواصل. المسالة الثانية وعينا بحقيقة اللحظة التي تقول ان الكيان الصهيوني ومن منطلق وعيه بازمته الوجودية وانغلاق الافق على مشروعه التوسعي يسعى لفرض هيمنته على المنطقة عبر اداة التطبيع. الوعي بهذه الحقيقة يترتب عليه القول ان مقاومة التطبيع في أي بلد في أي مدينة عربية باتت تساوي مقاومة العدو الصهيوني التي يقوم بها الشعب الفلسطيني. هذا يحمي ويقاتل في الخطوط الامامية وذاك يحمي ويقاتل في الخطوط الخلفية لحماية الظهر ، وفي هذه النقطة بالذات ينبثق معنى التشاركية القادر على توليد الافكار والاليات والاشكال النضالية اليومية. على قاعدة ان تخاض المعركة من المحيط الى الخليج كمعركة موحدة في الاهداف والاستراتيجيات ومتعددة على ضوء تنوع اشكال النضال ارتباطا بالخصوصيات التي قد تبرز هنا او هناك. هذه هي القاعدة التي تضبط وتوجه عملنا في المؤتمر الدولي للتضامن النضالي التشاركي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115